ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
تاريخ تشكيل (الولايات والسناجق والالوية والمحافظات العراقية)
إحدى طالبات الدراسات العليا سألتني وقالت انها وزملاءها طرحت عليهم مسألة لم يعثروا فيها على اجابة وهي متى حددت خارطة المحافظات العراقية الحالية ؟ وكيف ؟ واقول لها ابتدأء ان تاريخ تشكيل المحافظات العراقية ومن قبل ذلك الولايات والسناجق ( الالوية ) العراقية يعود الى ايام العهد العثماني حين كان العراق جزءا من الامبراطورية أو الدولة العثمانية التي حكمت العراق وكان عندئذ مؤلفا من ثلاث ولايات هي بغداد والموصل والبصرة وكان لكل ولاية خارطة خاصة بها .وقد اعطيت لوالي بغداد صلاحيات واسعة على ولاية الموصل والبصرة .وكانت بغداد على الدوام –كما يقول المؤرخ البريطاني ستيفن همسلي لونكريك في كتابه (العراق الحديث 1900-1950 ) – تحتفظ بالسيادة والهيمنة على الولايتين الاخريين الموصل والبصرة " .
كانت الولايات تتألف من سناجق (ألوية ) والالوية تتألف من (أقضية ) والاقضية تتألف من نواح والنواحي تتألف من قرى
طبيعي هذا الموضوع يندرج تحت عنوان ( التاريخ الاداري للعراق الحديث والمعاصر ) . وكما هو معروف ان بريطانيا التي احتلت العراق بين سنتي 1914-1918، ادارته ادارة عسكرية بالدرجة الاولى حتى ان الحكومة البريطانية طلبت ان لاتعار القضايا غير العسكرية اهتماما .وقد عينت السلطات البريطانية في كل مدينة عراقية ضابطا سياسيا أي حاكما عسكريا وسياسيا ويساعده في الاقضية ضباط سياسيون بدرجة مساعد الحاكم السياسي وقد جاء في التقرير الاداري لولاية بغداد الصادر في سنة 1917 وهي السنة التي تم فيها احتلال بغداد :"ان المبدأ الاساسي الذي تدار بموجبه ولاية بغداد حددته حكومة صاحب الجلالة في اب سنة 1917 بقولها :ان الادارة المدنية يجب ان توضع تحت اشراف السلطات العسكرية .
وقد بقيت ادارة العراق حتى تشرين الاول من سنة 1920 من مسؤولية القائد العام للقوات البريطانية .
اعادت السلطات البريطانية المحتلة العمل بالوحدات الادارية العثمانية ذاتها .فقد كانت المتصرفية (المحافظة بلغتنا الان ) تدعى في العهد الثماني (سنجق ) والسنجق يعني ( اللواء ) ثم استبدلت بمصطلح (لواء ) وابقي مصطلح (القضاء ) و(الناحية ) .كما كان وصار اللواء يتألف من اقضية ونواح . علما انه طرأ شيء قليل من التغيير على حدود النواحي وكانت الوحدات الادارية الست عشرة في سنة 1919 تشتمل على كل من :
العمارة ، وبغداد ، وبعقوبة ، والبصرة ، ودير الزور ، والديوانية ، والدليم ، والحلة (ومن ضمنها كربلاء )، وخانقين ، وكركوك ، والكوت (كوت العمارة ) ، والموصل، والمنتفق ، وسامراء، والشامية (من ضمنها النجف ).
وقد حدثت بعض التغييرات حسب تطور الاوضاع السياسية والامنية ومنها ان (دير الزور ) ُسلخت عن العراق واعطيت الى سوريا . وتألف من وحدتي خانقين وبعقوبة الوية وفقد (الكوت ) صفته كلواء لكنه استعادها ثانية في سنة 1922 ، ودخلت الشامية في لوء الديوانية ، ودخلت سامراء في لواء بغداد ، وتألف لواء في كربلاء ، واصبحت النجف لواء ايضا وتأسس لواء اربيل .
وكان كل لواء تحت قيادة ضابط سياسي POLITECAL OFFECAR (حاكم ) سياسي بريطاني بينما كان معاونوه يشرفون كل واحد منهم على قضاء او قضائين او اكثر من اقضية ذلك اللواء وكان مثل هذا يجري في النواحي .
بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة كان العراق في تشكيلاته الادارية مقسما الى الوية واقضية ونواحٍ .وكان عددها في سنة 1958 (14 ) لواءا وبعد ثورة 14 تموز 1959 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق كانت تشكيلات العراق الادارية كما يأتي : لواء الموصل –لواء السليمانية –لواء اربيل – لواء كركوك –لواء الرمادي –لواء ديالى –لواء بغداد –لواء الديوانية –لواء الحلة – لواء كربلاء- لواء الكوت – لواء العمارة – لواء الناصرية – لواء البصرة .
وهكذا كان كل لواء ، يضم اقضية ونواحي فمثلا لواء بغداد كان يضم (7 ) أقضية هي على التوالي : بغداد –الزعيم (المأمون –الدورة سابقا ) – الاعظمية –الكاظمية –المحمودية –سامراء –تكريت .اما النواحي فكانت الكرادة الشرقية –سلمان باك –الاعظمية –الراشدية الدورة –الطارمية –ابو غريب- اليوسفية –اللطيفية –الدور –بلد –الابراهيمية (الدجيل ) –بيجي وبلغ عدد القرى التي يضمها لواء بغداد (475 ) قرية وهكذا كان لواء بغداد يضم (7 ) أقضية و(14 ) ناحية و(475 ) قرية .وهكذا بقية الوية العراق .
وحتى سنة 1968 كان عدد الالوية العراقية ( 14 ) لواء (اي محافظة ) وبعد انقلاب 17 تموز سنة 1968 صدرت مراسيم جمهورية بزيادة عدد الالوية العراقية الى (17 ) لواء ثم ابدل اسم اللواء (اي المتصرفية ) الى ( محافظة ) وابدلت اسماء بعض المحافظات فسميت الموصل مثلا (محافظة نينوى ) والحلة (محافظة بابل ) وكركوك (محافظة التأميم ) والناصرية (محافظة ذي قار وكانت في العهد الملكي تسمى لواء المنتفك ) والديوانية ( محافظة القادسية ) وتكريت (محافظة صلاح الدين ) والسماوة (محافظة المثنى ) والكوت (محافظة واسط ) والعمارة ( محافظة ميسان ) والرمادي (محافظة الانبار وكانت في العهد الملكي تسمى لواء الدليم ) . وكانت المحافظات التي استحدثت هي محافظة دهوك ومحافظة المثنى (السماوة ) ومحافظة تكريت (صلاح الدين ) .
وكان استحداث لواء او محافظة او قضاء او ناحية يتم بمرسوم جمهوري استنادا الى مواد قانون ادارة الالوية رقم (16 ) لسنة 1945 فمثلا عندما استحدثت ناحية (الثورة ) يكون مركزها في حي الثورة وارتبطت بقضاء الاعظمية صدر مرسوم جمهوري برقم 957 في 8 ايلول سنة 1968 . وناحية (الثورة ) سميت لاحقا ب(مدينة صدام ) ومن ثم سميت بعد ب (مدينة الصدر ) .
وقد يتم فك ارتباط ناحية او قضاء بكامل حدودهما الادارية من ناحية او قضاء والحاقهما بناحية او قضاء اخر ويتم هذا ايضا بمرسوم جمهوري ولدينا كم كبير من المراسيم الجمهورية المتعلقة بالتشكيلات الادارية في كتاب يضم (المراسيم الجمهورية 1968-1977 ) اصدرته الحكومة العراقية سنة 1977 وطبع ببغداد .كما نجد الكثير من المراسيم الملكية والجمهورية المتعلقة بالتشكيلات الادارية في جريدة (الوقائع العراقية ) وهي الجريدة الرسمية .وأنوه كذلك بوجوب العودة الى الادلة الرسمية ومنها مثلا (السالنامات ) كسالنامات ولاية بغداد وسالنامات ولاية الموصل وسالنامات ولاية البصرة وكذلك في دليل العراق 1922 والدليل الرسمي العراقي لسنة 1936 ودليل الجمهورية العراقية لسنة 1960 .
وهكذا لابد من ملاحقة التغييرات ليس في حدود الوحدات الادارية عبر تاريخ العراق الحديث والمعاصر فحسب بل حتى في التسميات التي تطلق على هذه الوحدات الادارية وقد يكون التغيير لاسباب ادارية او اجتماعية وقد يكون لاسباب سياسية .
1556 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع