د.ضرغام الدباغ
الفصل التاسع للثورة الإيرانية
اذا صحت قوانين الديالكتيك، فلابد ان تكون الأحداث الثورية في إيران، على امتداد مساحتها، لتشمل طبقات وفئات مختلفة، متجاوز الصفة المناطقية، والجهوية، وهذه فقرة مهمة في التحليل، وهو ما يخرجها عن كونها انتفاضة مدينة بعينها، أو انتفاضة مطلبية (Postulation) وهو انتشار ويمنحها طابع وصلاحية المقدمات الأبتدائية لأوضاع جديدة إذ استنفذت المعطيات القديمة استحقاقاتها والتغير صار ضروريا وربما حتمياً، وليس بالضرورة أن التغير سيكون سهلا فالقوى الظلامية لها امتداداتها ولا يستبعد أن تخوض معارك دموية دفاعا عن مصالحها المادية والسياسية.
والرجعية الدينية التي تمكنت بأساليب خداع الجماهير من الأستيلاء على مقاليد الثورة الشعبية التي أطاحت بالحكم الشاهنشاهي، وأعتبرت مهمتها الأساسية قمع الجماهير الثورية داخل إيران، والتصدي دون رحمة لمطالب شعبية داخل الكيان السياسي الإيراني، بل وبلغ قمعها حتى تيارات متنورة داخل التوجه الديني، وقمعت بقسوة قل نظيرها لثمان أنتفاضات شعبية في عم الدولة الفاشية الذي يقارب الأربعين عاماً عجاف.
إنها دون أدنى ريب، مرحلة حساسة جدا وتحتاج قيادة الانتفاضة / الثورة، الى عقول مفكرة ومرونة في تشكيل التحالفات وسقوفها، وفهم طبيعة المرحلة والاحتمالات المقبلة. ومن الضروري ألمتابعة الدقيقة، وفهم المفاصل المهمة الجوهرية والتركيز على تفاعلاتها، وعدم التركيز على الأحداث العابرة، الغير مؤثرة بعمق في الأحداث.
ومن النتائج المتوقعة ايضا أن تتخلخل مواقع قوى معسكر الرجعية الدينية، ومن المحتمل جداً أن تتفاوت مواقفها، ويتزعزع وحدة الموقف، وليس من المستبعد أن تدرك بعض الفصائل والتيارات أبعاد الخطورة وتبينها بوضوح أكبر من غيرها، فتتخذ موقفاً بالنأي عن الأنغماس في المزيد من الصراعات الدموية مع الشعب.
وتصريح رئيس الجمهورية روحاني، هو موقف تكتيكي، الهدف منه تبريد المطرقة، وسحب الانتفاضة / الثورة إلى موقف التفاوض، ولكن على الأرجح أن مثل هذه المناورة ستكون غير كافية بعد أربعة أيام من الثورة، قطعت فيها أشواط مهمة.
الموقف الحاسم على سير التحركات الميدانية، هو موقف الجيش والقوى الأمنية وميليشيات النظام، وهناك بوادر على أنشقاق بعض هذه القوى وانضمامها للشعب مع قواها، وتسليم مواقعها للانتفاضة.
من الأهمية الحاسمة، أن تتمكن القيادات الثورية في الميدان أن تجمع كلمتها وتنسق مواقفها، وبعد نحو 40 عاماً من طراز حكم فاشي / شرقي بكل معنى الكلمة (قمع في الداخل وتوسع في الخارج) فإن القوى الثورية تدفعها الخبرة والتجربة في أكاذيب وديماغوجية هذا النظام الذي لم يقم إلا على قاعدة : القمع وبالدرجة الدموية القصوى.
1125 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع