حسن ميسر صالح الأمين
(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - 30) .
من أواسط مدينة (شفيلد) في بريطانيا (3 ساعات عن لندن) ، حيث يقيم بعد خدمة طويلة للوطن تقارب ال(4) عقود ، وهو يتابع عن كثب أخبار العراق ومحافظاته أجمع وأحداث الموصل وما صنعت بها الأيام بشكل خاص طوال محنتها ، قبل وأثناء إحتلالها من الدواعش الأنجاس وحتى تحريرها الباهض الثمن على أيدي أبطال العراق الميامين ، فربط تاريخ احداثها منذ ما يقارب ال(100) عام إلا قليلا ، بحاضرها المليء حزنًا عليها وعلى ماضيها وأمجادها ، هي ذاتها وكما عرفها ويعرفها الجميع مدينة السلام والإخلاص والثروات البشرية والطبيعية وصاحبة الموقع الجغرافي المميز والذي أقترن إسمها بمعناه .
فكان مما حظيت به الموصل من إهتماماته البالغة هو ما قاله عنها مسبقًا وتم نشر كلامه على صفحة (الموصل : تراث وثقافة متجددة ) تحت عنوان : (لمسات مما حظيت به الموصل في قلوب محبيها ) وعلى الرابط ادناه :
https://abunamir.weebly.com/uploads/1/1/2/9/112918307/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5_2.pdf
حين قال ما نصه : (لم يكن (لويد جورج) رئيس وزراء بريطانيا ليطلب بإصرار من (جورج كليمانصو) رئيس الوزراء الفرنسي ، و هما يديران مؤتمر الصلح في فرساي عام (1920) ، بالتنازل له عن الموصل ، التي كانت من حصة النفوذ الفرنسي حسب معاهدة (سايكس بيكو) ، لولا أدراك هذا الإستعماري الداهية للقيمة الجيوسياسية المتميزة للموصل الحدباء و قد كان له ذلك ، لقد نفضت الموصل العزيزة الآن عنها غبار عدوان الغريب و القريب و ستعود ولّادة لمئات الرجال والنساء ، ستطل مشرقةً موصلنا الحبيبة وستبقى ترفد وطنها العراق و أمتها العربية بالعلماء و الأدباء و الفنانين كما فعلت عبر العصور ، سلام و عزّ و سؤدد أيتها الحبيبة الغالية ولأهلك الكرام كل المحبة والإعجاب والإحترام والتقدير) .
اليوم نقف ضمن سلسلة الأقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها ، أمام نظرة ثاقبة ورؤية صائبة في مقولة جديدة تطرح معادلة أزلية أن الموصل أكبر مما حيكَ ويُحاك لها ، حيث أنها وبحكم قيمتها الجيوسياسية ، كما جاء في أعلاه ، نفضت وستنفض حتمًا عن نفسها (غبار عدوان الغريب و القريب و ستعود ولّادة ...) .
اليوم نحن أمام صرح من صروح الدبلوماسية العراقية في أعلى نماذجها الرفيعة ، وقامة إنسانية في المثل والمبادئ العليا ، وأمام جبل أشم ، شموخًا ووفاءً وإخلاصًا في القول والعمل وقامةً إنسانية رفيعة ، خلقًا وتواضعًا وصيرورة نفسٍ كريمةٍ معطاءْ ، شخصية عاصرت وعايشت أزمنةً وظروفًا وشهدت تقلباتٍ في حكم العراق ، لكنها خدمت العراق وشعبه بغض النظر عمّن كان يحكمه ، فكانت من الذين إستقاموا على الطريقة فسقاهم الله ماءًا غدقًا ، وكتب لهم عمرًا مديدًا سعيدًا وصحةً وعافيةً وخيرًا عميمًا ، جزاءًا بما أسلف في الأيام الخالية .
إنه الثمرة المعطاء من ثمار رجالات العراق العظيم ومحافظاته الجنوبية الشماء ، أبن محافظة الناصرية ومن أهالي منطقة (سوق الشيوخ) الكرام ، الأستاذ والمعلم والدبلوماسي القدير سعادة السفير العراقي السابق الأستاذ (ابراهيم علي حسين الولي) ، مواليد عام (1929) في مدينة (سوق الشيوخ) ، اكمل فيها دراسته الإبتدائية ثم أنتقل الى الناصرية فأكمل المرحلة الثانوية وواصل ترحاله إلى بغداد فالقاهرة التي أكمل فيها دراسته في قسم الفلسفة والإجتماع في جامعة (فؤاد الأول) سنة (1952) ، وعاد بعدها الى بغداد ليستقر به المقام فيها ، وهي التي منها انطلق ليطوف العالم بحكم عمله في السلك الدبلوماسي وتمثيله لبلده في عددٍ من الدول التي أُعتمِدَ فيها .
تم تعيينه في وزارة الخارجية العراقية عام (1955) ، وأبتدأ مشواره الوظيفي في (ديوان الوزارة - الدائرة السياسية - شعبة ميثاق بغداد) ، وتدرج في العناوين الوظيفية حسب الإستحقاق ، وبعد أحداث تموز عام (1958) ، أصبح مدير مكتب وزير الخارجية ، ثم قنصلًا وممثلًا للعراق لدى الأمم المتحدة في العام (1960 –1961) في (جنيف - سويسرا) ، ثم في دولة اليمن للفترة من عام (1962 - 1964) ، ثم مملكة السويد ليتولى فتح السفارة الجديدة فيها ، بعدها نقلت خدماته إلى رئاسة الجمهورية لتولي منصب (رئيس دائرة التشريفات) للفترة من عام (1966 - 1964) ، ثم عُيّنَ سفيرًا لجمهورية العراق في (بلغراد - يوغسلافيا) واستمر في العمل فيها (3) سنوات متتالية ، أعقبها بالخدمة الدبلوماسية في دولة الكويت ، ثم ختمها في السفارة العراقية في (باريس - فرنسا) ، بعدها عاد إلى ديوان وزارة الخارجية ليتولى رئاسة الدائرة السياسية (الشخص الثالث في الوزارة) وبدرجة (سفير) ، ولكونه مستقلًا تمامًا وغير منتم لأي من الأحزاب الحاكمة آنذاك ، وحيث أن هذا المنصب موضع تنافس كبير بينها وقتئذ ، نُقلت خدماته إلى وزارة العمل والشؤون الإجتماعية عام (1978) ، وأحيل على التقاعد بناءً على طلبه بعد (3) أشهر من خدمته فيها .
بعد تقاعده بأيام قلائل ، تم توجيه الدعوة إليه للإجتماع مع السكرتير العام للأمم المتحدة في بيروت ، حيث تم تكليفه بمهام سكرتير اللجنة الإقتصادية والإجتماعية (الأسكوا) وعمل في هذا المنصب حتى عام (1992) ، وأستقر به الحال نهاية المطاف في مدينة (شفيلد) في إنكلترا ولا يزال فيها .
لم يشغله تقاعده عن الخدمة الوظيفية في وزارة الخارجية العراقية للفترة من عام (1978 - 1955) وبعدها في الأمم المتحدة للفترة من عام (1992 - 1978) عن نشاطه وحيويته ، فقد جعل من مُغتربه ومُقامه في إنكلترا محرابًا لتأملاته وعبادته من جهة ، ولكتابة مذكراته وتدوين خلاصة ما أفرزته تجربته الثرية - وهذا ما أدركتهُ من خلال مقدمات كتبه التي سأتحدث عنها تاليًا - والتي سعى فيها جاهدًا والى حد كبير من أن يوصل وجهات نظره وتوقعاته لجيل الشباب بشكل خاص وللمثقفين بشكل عام .
أصدر كتابه الأول عن مرحلة تواجده وعمله في دولة اليمن وما حملته ذاكرته العامرة من أحداث تحت عنوان (مذكرات دبلوماسي عراقي عن اليمن من 1964 - 1962) ، والذي صدر عن دار الحكمة في لندن عام (2005) ، حيث بين المؤلف أنه سطر ملاحظاته عما جرى لليمن خلال حقبة زمنية من القرن الماضي ، وحفظها في مكتبه حتى تمكن من نشرها في هذا الكتاب بمساعدة المركز الإقليمي للبلدان العربية في اليمن .
كتب مقدمة الكتاب الأستاذ (محبوب علي) نقيب الصحفيين اليمنيين ونائب رئيس إتحاد الصحفيين العرب والمدير الإقليمي لمنظمة الصحفيين العالمية بعنوان (شهادة حية بذاكرة عربية) قال فيها : (هذا الكتاب الموسوم - مذكرات دبلوماسي عراقي في اليمن - توثيق لشهادة حية عن مرحلة هامة من تاريخ الشعب اليمني ، يتم سردها وروايتها بذاكرة عربية اختزنت وقائعها وأحداثها على مدى أكثر من أربعين عامًا ليتم الإدلاء بها في موطنها وليس خارجه ، ويمكن القول بأن مذكرات السفير العراقي (ابراهيم الولي) شدتني كما تشدنا قراءة مذكرات المشاهير من أعلام الأدب والثقافة والفكر إلى أقطاب السياسة) .
واضاف الصحفي (ابراهيم معروف) الذي كتب على الغلاف الأخير للكتاب يقول : (أن السيد ابراهيم الولي رفض كثيرًا إخراج الكتاب للنشر ولكني حين قلت له أن اليمن موطن ذكريات هذا الكتاب ، أحق بأن يشهد ولادته على الورق ، فقال : (إن أهل اليمن أحق بقراءته والإطلاع عليه وضمه الى مكتباتهم الوطنية لأنه جزء من تاريخهم) ، وأضاف (معروف) أن أجمل ما فيه أنه صادق في كل حرف منه لنزاهة الرجل (ابراهيم الولي) ، وحيث أن المكون العام للكتاب يغطي فترة حرجة من تاريخ الثورة اليمنية ويفسر بعض مواقف الأطراف اللاعبة في الساحة آنذاك في مقادير الثورة اليمنية والتي كانت على كف عفريت) .
وأصدر كتابه الثاني بعنوان (أوراق دبلوماسي عراقي – ملاحظات وشهادات للفترة من عام (1992 - 1955) والذي صدر عن وزارة خارجية العراق عام (2012) وقد ضم الكتاب مجموعة تجارب و حقائق و إضاءات وأفكار وآراء من وحي السياسة العراقية المعاصرة ، كما وتضمن مواضيع مختلفة ومنوعة عن سياسة العراق وما أعقبها من أحداث ساخنة ومعظم الإنقلابات السياسية التي شهدها العراق ما بين الأعوام (1992 - 1955) ، حيث سرد المؤلف بعض الحقائق التاريخية عن سياسة الحكومات العراقية المتعاقبة ، مما أوجد ردود أفعال إيجابية لدى أوساط القيادات والسياسيين والمثقفين والمفكرين والإعلاميين بإعتباره حلقة إضافية جديدة من فكر ورؤى الدبلوماسية المتميزة الناجحة لشخصيةٍ شاهدةً على العصر .
وللأستاذ الولي كتاب ثالث بعنوان (سوق الشيوخ) ، وقد صدر عن (دار الأيام للنشر والتوزيع في الأردن عام 2016) ، ويُعد بمثابة بحث إجتماعي ، أمتزج بحنين وشوق المؤلف لمدينته العراقية التي ولد فيها عام (1929) وغادرها عام (1940) ، قال الأستاذ الدكتور (احمد الحسو) في مقال له نشره في موقع مركز النور للدراسات والأبحاث عام (2015) عن الكتاب ما نصه : (من يقرأ كلماته يشعر بمشاعره وحبه لها (أي : مدينة سوق الشيوخ) مع كل حرف و في كل كلمة ، لقد نظر الرجل بحب إلى مدينته فرآها مدينة صغيرة تفيض جمالًا وإنسيابا ، ونظر اليها في ذات اللحظة فاذا هي العراق الذي كان مولهًا به ، وإذا هو يشهده بل يعيشه في كل جزئية من جزئيات الحياة في سوق الشيوخ ، عراقًا واحدًا سمحًا مسالمًا محبًا) .
وأصدر كتابه الرابع تحت عنوان (إسقاطات السياسات الدولية على الشرق الأوسط خلال مائة سنه 1916 ــ 2014) والذي صدر عن (دار الأيام للنشر والتوزيع في الأردن عام 2016) ، والذي قال في مقدمته : (قصدت ببحثي هذا أن يلمّ القارئ العربي غير المتخصص بالتاريخ ، بعملية تشكيل الشرق الأوسط التي بدأت في القرن العشرين (1900 ـ 1920) ، وما تزل تلك العملية التي إستمرت ل(مائة) سنة .
ولأهمية ما ذكر في هذا الكتاب ولتطابق ما جاء في محتواه مع واقعنا العربي الذي نعيشه الآن ، يسرني إقتباس بعض الفقرات مما جاء فيه ، حين قال : (سيرى القارئ معي أننا نعيش في بلادنا العربية خاصة والإسلامية عامة ، حالة سياسية وإقتصادية وإجتماعية يندر أن تجد لها في التاريخ الحديث مثيلًا ، فمن قائل : (إن كل ما يجري في بلداننا من تدهور مؤسف إنما مردّه الى تآمر بعض الدول الكبرى علينا بشرًا وثروة ، وتلك نظرية المؤامرة (Conspiracy Theory) التي تفترض إتهام دول أو شعوب أو مؤسسات بأنها قد تسببت أو عملت على التأثير في الحياة السياسية للغير بما يحدث تأثيرًا سلبيًا عليهم) ، ومن قائل (أن في الغرب من خطّط ونفّذ وإعترف بأن عملية إصلاح سياسي قُصد منها إدخال الديمقراطية في بلد ما ، إقتضت توجيه صدمة لبعض النظم ، بل قل لجميعها في منطقتنا تباعا ، سميت بالفوضى الخلاقة (Creative Chaos) تصيب (خبط عشواء) لتفرز كيانات لا يدّعي أحد حتى مخططيها التكهن بها ، بل لعل هذه العملية تقوم على التجربة والخطأ ( Trial and Error) فحسب ، وغالبا ما تُخلّف وراءها دُولًا فاشلة يَسهل إستغلالها بل وحتى الإجهاز عليها ، إذ يكون الإجرام قد إستشرى بين أبنائها ، فهي لا تتحكم أو تحمي شعبها وأرضها) ، (ومنهم من يعزو ما يجري وسيجري إلى غفلتنا – أعني النظم العربية والإسلامية التي إتصف بعض قادتها بالأنانية ، أو لقلة خبرة قيادية ، وما تفرز من مساوئ في نظم الحكم وفساد يخلق تربة خصبة لجرثومة الطائفية والعنصرية والفئوية بما يتيح للمتربصين بها البناء على هذا الضعف بإفشاء سياسة فرق تسد (Divide and rule) التي يكمن فيها مقتل الدول ، فتلك ظاهرة واضحة للعيان تسود منطقتنا العربية للأسف الشديد ، ولست أشك في أن ذلك لم يكن ليقع لو أننا ركزنا على ألأقل ، على الرقي في نظم التربية والتعليم السليمة في بلداننا كما يفعل اليابانيون مثلا ، فقد كان جواب مسؤول ياباني لسائل عن السبب في رقي التعليم في اليابان هو (إننا نعامل المعلم الياباني معاملة الوزير ماديًا وأدبيًا وإجتماعيًا) فأين نحن من ذلك ، ورحم الله أحمد شوقي القائل (قف للمعلم وفّه التبجيلا - كاد المعلم أن يكون رسولا) ، لكن واقع المعلم لدينا ليس كذلك ، إذ ترى متطلبات الحياة لا تدع له أي مجالٍ للإبداع في أداء مهمته النبيلة في تربية الأجيال) .
وأستطرد قائلًا : (بإختصار ، فإن الفرضيات الثلاث آنفة الذكر ، تصدق تمامًا على واقع منطقتنا إن لم تكن هناك فرضيات إضافية ، حيث تعاني المنطقة العربية من نتائج إتفاقية (سايكس بيكو) (Sykes Picot Agreement) (البريطانية -الفرنسية) ، تلك التي قسمت البلدان العربية كما شاءت ، ولطالما لعنّا هذه الإتفاقية البغيضة ، ولكن مهلًا فهناك أصوات مؤثرة في الغرب تنادي الآن بضرورة إدخال تعديلات على تلك الإتفاقية وتطبيقاتها ، أي أن هؤلاء يدعون الى تقسيم المقسّم) - (انتهى الإقتباس) .
ويجدر الإشارة إلى أن جريدة الزمان قد تولت نشر الكتب أعلاه على صفحاتها الغراء على شكل حلقات متسلسلة متتالية ، كما تناولتها عديد من الأقلام الأكاديمية و المواقع الرصينة بالدراسة والتعقيب .
تلك هي إطلالة سريعة على السيرة البهية للأستاذ (ابراهيم الولي) ، إنها بحق سيرة حياة مليئة بالزهو والمفاخر ، عاصر فيها ضيفنا الكريم آثار حربين عالميتين فضلًا عن حروب ضروس شُنت على بلاده التي ظلت مستهدفة من قبل الغرباء والغزاة ، وعاشر فيها أكثر من (10) وزراء للخارجية العراقية ومثل العراق في أكثر من (100) مؤتمرًا ومحفلًا دوليًا ، وزار أكثر من (40) دولة في العالم ممثلًا للعراق ومتحدثًا باسمه ، وشارك ضمن الوفد الخاص بالمفاوضات حول (حلف بغداد) التي عقدت (كراتشي وأنقره) وفي العديد من مؤتمرات قمة عدم الانحياز ، ومؤتمرات أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، إضافةً إلى كونه محاضرًا في جامعة البكر للدراسات الاستراتيجية لفترة من الزمن ، علاوةً على أنه مَثّلَ العراق في (6) دول بدرجة سفير في كل من (سويسرا ، السويد ، اليمن ، يوغسلافيا ، الكويت ، فرنسا) ، وأختتم سيرته العملية من خلال عمله في الأمم المتحدة (الأسكوا) للفترة من عام (1978 وحتى عام 1992) .
وبعد ، فإننا أمام شخصية مجبولة بحب الوطن ، سَعِدَ بخدمته ، ولا يزال بسعادته يُسعَد وبحزنه يحزن ، كما هو حال كل المخلصين الصادقين ، حيث كان ولا يزال متابع وبقوة لأحداث العراق السياسية والأحداث التي جرت وتجري على أرضه الخصبة المعطاء منذ أن غادره وإلى يومنا هذا ، وألمَ به حزن كبير على ما يشهده العراق من ظروف لم تكن لها مثيلًا منذ تأسيس الدولة العراقية وإلى عام (2003) وكان للموصل موقعها الرصين ومكانتها الكبيرة ضمن ذلك الإهتمام .
إنطلاقًا من عراقيته الخالصة وبدافعٍ وطنّي غيور ، أرسل مهنئًا بمناسبة إنتهاء العمليات العسكرية وتحرير مدينة الموصل ومحافظة نينوى بالكامل وأرسل تحيات المحبة والإحترام والتقدير لها ولأهلها وقاطنيها .
ووفاءً لشخصه الكريم ولمشاعره الفياضة بالحب وبكل الشعور النبيل الخالص وتقديرًا لمواقفة النبيلة ومشاطرته أحزان الموصل وأتراحها على ما حل بها وأهلها في ثلاث سنين عجاف ، وحيث أن سلسلة الأقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها التي ننشرها تباعًا ليست محصورة بنطاق أهل الموصل فحسب بل تتعدى لتشمل كل ذي موقف مشرف وكلمة صادقة وموقف نبيل في أرجاء المعمورة ، فكان حقًا لنا وعلينا أن يكون حضوره المشرف ضمن السلسلة أعلاه وان يُسجل اسمه في صفحاتها ليأخذ استحقاقه بكل شرف وتميز فيما سيسطره التاريخ عنها وعن رجالاتها .
وبعد ، لقد أخترت مقولته كما في الصورة أدناه وهي عبارة عن فقرة مجتزأة من رسالة التهنئة المرسلة منه كما ذكرتها آنفًا ، أضعها أمامكم سادتي الكرام متمنيًا أن تنال رضاكم وأن تأخذ صداها كشهادة وحكمة ومقولة صادرة من رجل مثقف وأستاذ متميز ودبلوماسي قدير ، أفنى عمره في خدمة العراق وتمثيله في المحافل الدولية والمؤتمرات أفضل تمثيل وعكس في رسالته وتهنئته كل المحبة لوطنه العراق العظيم وشعبه الأبي ولمدينة الموصل وأهلها المكلومين والمُثخنين بالجراحات بشكل خاص ، والتي أراها لسان حال كل المحبين للموصل وأهلها والبارين بها صدقًا في القول والعمل ، فهي شهادة تاريخية ووصف بليغ ومناسب لكل الظلم الذي وقع على الموصل الحدباء وشهادة رصينة بحق أهلها وكلمة مواساة عّما عاشوه طيلة تلك الفترة المظلمة من تاريخها وما سبقها ، وكذلك فهي شهادة ناطقة بالحق عن الإندفاع الكبير لأهالي الموصل في العمل المتسارع على لملمة الجراحات وطي الصفحة المظلمة من حياتهم وشق طريق المستقبل بكل عزيمة وإصرار وتحدٍ متطلعين إلى غدٍ مشرق يكونُ بلسمًا لما خَلفتهُ هذه الفترة المظلمة من آلام وجروح ومصائب ودمار ، متأملًا تفاعلكم القيم ومسجلًا عظيم الشكر والامتنان للشخصيات التي تواكب ما ننشر بكل حرص وسرور وتقدر عاليًا ما نبذل من جهود في سبيل إظهار المواقف والحقائق وتقبلوا وافر الإحترام والتقدير .
حسن ميسر صالح الأمين
18/12/2017
المقولة هي :
لم يكن (لويد جورج) رئيس وزراء بريطانيا ليطلب بإصرار من (جورج كليمانصو) رئيس الوزراء الفرنسي ، و هما يديران مؤتمر الصلح في فرساي عام (1920) ، بالتنازل عن الموصل ، التي كانت من حصة النفوذ الفرنسي بحسب معاهدة (سايكس بيكو) ، لولا أدراك هذا الإستعماري الداهية للقيمة الجيوسياسية المتميزة للموصل الحدباء و قد كان له ذلك ، وها هي الموصل تنفض عنها غبار الغريب والقريب وستبقى مشرقة ترفد وطنها العراق و أمتها العربية بالعلماء و الأدباء و الفنانين كما فعلت عبر العصور .
الأستاذ
ابراهيم الولي
سفير عراقي سابق
* لقراءة المقال ومتابعة التعليقات في الفيس بوك على الرابط :.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10214317315107964&id=1269245661
2170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع