بدري نوئيل يوسف
من حكايات جدتي ... الخامسة والستين
الياقوتة العجيبة
حدثتنا جدتي مثلا كيف الظالم يبحث عن سبب لكي يظلم. قالت:
ذهب الحمار منفعلا إلى الأسد وسأله: ألست أنت كبير الغابة؟ فأجاب الأسد: نعم ماذا حدث؟ فقال الحمار: النمر يضربني على وجهي كلما رآني ويسألني لماذا لا ترتدي القبعة؟ لماذا يضربني ثم أي قبعة تلك التي يتحتم علي أن اضعها فوق رأسي؟ فأجاب الأسد: اترك لي هذا الموضوع وعندما التقى الأسد والنمر سأله: ما هو موضوع القبعة تلك التي تطلبها من الحمار؟ فأجاب النمر: مجرد سبب لكي أضربه فقال الأسد: ابحث عن سبب وجيه مثلا اطلب منه إحضار تفاحه فإذا أحضرها صفراء اصفعه وقل له لماذا لم تأت بها حمراء؟ وإذا أحضرها حمراء اصفعه وقل له لماذا لم تأتي بها صفراء ؟ فأجاب النمر: فكرة جيدة وفي اليوم التالي طلب النمر من الحمار إحضار تفاحه فنظر له الحمار وسأله: أتريدها حمراء أم صفراء؟ عندئذ تمتم النمر وقال: حمراء أم صفراء؟ ثم ضرب الحمار وقال له: لماذا لا ترتدي القبعة ؟ ما من ظالم إلا سيبلى بظالم.
نعود لحكايتنا اليومية: تقول جدتي:كان نور الدين تاجرا ناجحا و في احد الايام ذهب مع قافلة تجارية الى بغداد وفي الطريق الى هناك توقفوا للراحة في سهل ذهل نور الدين لجمال البيعة وفي الصباح اخذ يتنزه بين الاشجار ولما عاد لم يجد للقافلة أثراً فاحتار واخذ يقطع الصحاري وكله امل ان يجد مدينة ليستريح فيه وهو في الطريق وجد ياقوتة فأخذها معه. وبعد يومين من السفر دخل الى مدينة واستطاع ان يقايض الياقوتة بالمال لتامين قوته مع سلطان المدينة.و في يوم من الايام وبينما كان السلطان يتأمل في الياقوتة وفجأة امتلأت القاعة بدخان ملون كثيف، ثم انقشع الدخان عن شاب وسيم الطلعة، فاخر الثياب، فذهل السلطان وقال للشاب: من أنت؟ وماذا أتى بك إلى هنا؟ فأجاب الشاب انا امير الياقوت وانا هنا بسبب قصة لا استطيع البوح بها و سالبي لك كل رغباتك.
فطلب منه السلطان ان يخلص مدينته من تنين مخيف فاستجاب له الشاب و قضى على التنين.
و بما ان السلطان قد قطع عهدا على نفسه ان يزوج ابنته نور الحياة لمن يقضي على التنين فوفى بوعده وتزوج امير الياقوت بنور الحياة لكن نور الحياة ارادت ان تعرف سر زوجها وفي احد الايام عندما كانت مع زوجها يتنزهان على شاطئ البحيرة حول القصر اصرت ان تعرف قصته . وما إن بدأ بالكلام حتى ثارت موجة عاتية من عرض البحيرة وتقدمت نحو العروسين واختطفت أمير الياقوت. دبّ الخوف في قلب الأميرة وأسرعت عائدة إلى القصر في ذهول وهي تبكي زوجها الذي ابتلعته المياه، وفي إحدى الليالي، وكان الهم قد أخذ بها كل مأخذ، خرجت من القصر في ضوء القمر، وسارت على محاذاة البحيرة في المكان الذي فقدت فيه زوجها. ولما نال منها التعب، جلست تحت جذع شجرة تبكي ذكرى زوجها فجأة سمعت أصوات غريبة تنبعث من وسط البحيرة، ثم انجلت الأصوات عن مشهد غريب أذهلها وكاد يفقدها عقلها. رأت جماعة من الجنيات الصغيرات يفرشن الأرض حول البحيرة، بالحشائش الخضراء والأزهار الملونة، ثم انشقت المياه عن مركب كبير يتقدمه شيخ عجوز يمسك بيده شابا تتدلى على جيبه ياقوتة حمراء كبيرة.. عجبت نور الحياة لهذا المشهد الغريب. تقدم الشيخ العجوز من نور الحياة وخاطبها قائلا: أيتها الأميرة نور الحياة، إنني أعرف قصتك مع ولدي أمير الياقوت، ولكنك أنت المسئولة عما حدث لك وله، لأنه ممنوع عليه أن يذيع سره. ولكني بعد أن رأيت حسرتك عليه فإني على استعداد لأن ألبي لك أي رغبة تريدين.
فأجابته الأميرة في توسل: أريد أن تعيد لي زوجي الحبيب.
فقال الشيخ العجوز بصوت ملؤه العطف والحنان: اسمعي يا بنيتي، هل تعدينني بأن تكوني زوجة مطيعة لا تتدخل بشؤون غيرها ولا تسأل زوجها عن سر قصته؟
فقالت نور الحياة على الفور: أعدك يا سيدي بأن أكون كما رغبت
وما هي إلا لحظة حتى اختفى الموكب وبقي أمير الياقوت إلى جانب الأميرة نور الحياة.
وهكذا عاشا حياة جديدة كلها سعادة واطمئنان.
2205 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع