حسن ميسر صالح الأمين
(أقوال من أجل الموصلفي محنتها ومستقبلها - 29)
لقد آن الأوان لعودة الدرة الكبيرة ، الموصل الحبيبة إلى باقي درر العــراق العزيـزة ، وآن الأوان للبدء في إصلاح المجتمع وتنقيته من الأفكار الدخيلة والهّدامة لعراق الحضارة ، وآن الأوان لغرس العلم والمعرفة والثقافة والتربية في مجتمعنا لأنها أساس البناء لعــراق جديد ، بناءً يليق بإسم العـراق وشعبه الأبي .
بهذه الكلمات التي أرسلها قائلها الفاضل على الخاص ، أبتدأتُ الحديث وأستمر طويلًا مع رجل ذي شخصية علمية وتقنية عراقية أصيلة ، وموصلية يمتلكها شوق للموصل حد النحيب والبكاء ، استأنست بالحديث معه وسماع رأيه فيما جرى ويجري ، وكانت مقالتي بعنوان (خريطة الطريق والمبادئ العامة لإدارة محافظة نينوى بعد التحرير) والمنشورة بتاريخ (20/5/2017) هي ما دفعته لكتابة كلماته أعلاه والدخول في حوارٍ ونقاشٍ جاد بخصوصها ، فوجدت في شخصيته من الخصال الحميدة الكثير فهو يتمتع بخلق قويم وتواضع حميد وعلم رصين وطبع هادئ إضافة إلى علمه الغزير وملكةً علمية رصينة ، إنه أبن الموصل الوفي والمخلص والصادق ، الدكتور (محمد حميد احمد الطائي) ، مواليد عـام (1962) ، أمضى طفولته ودراسته وبعضًا من مرحلة شبابه في محلة (الشفاء) وعلى ضفـاف دجلـة الخيـر بين قلعة (بـاش طـابيـا) وقلعة (قره سـراي) ، وأكمل فترة شبابه في محلة (الخـاتـونيـة) ، فأخذ وتعلم منها الكثير من حب الوطن والصدق في القول والإخلاص في العمل ، تخرج من الأعدادية المركزية عـام (1980) ، ثم أنتقل إلى حي (السكـر) ليكمل مسيرة حياته الجـامعيـة والـوظيفيـة .
حصل على شهادة البكالوريوس (رياضيات وإحصـاء) من جامعة المـوصـل عـام (1984) ، وألتحق بعدها لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية (خدمة العلم) في جيش العـراق البـاسـل بصفة (ضابط مجند) في صنف مقاومة الطائـرات ، وتنقل ما بين بغـداد والحلـة ثم البصـرة للعمل في وحدة حماية المنشآت النفطية فيها .
تم منحه تفرغًا دراسيًا لإكمال دراسته ، وحصل على شهادة الماجستيـر في (عـلـوم الحـاسبـات) من جامعة المـوصـل عـام (1990) (ضمن أول دفعة ماجستير حاسبات في جامعة الموصل) ، والتحق بعدها لإكمال ما تبقى من خدمته العسكريـة في (مركز الحاسبة الإلكترونية لمديرية مقاومة الطائرات في بغـداد) .
أنتدب من الخدمة العسكرية لتعيينه في وزارة التعليم العالـي عـام (1991) ، وتولى التدريـس في جامعة المـوصـل (قسم علوم الحاسبات) .
إضافة إلى ذلك ، شغل فيما بعد منصب مسجل كلية (الـرماح المسائية للعـلـوم) و(مدرسّا ومقررًا لقسم الحاسبات فيها) منذ بداية تأسيـس الكلية عام (1994) .
حصل على زمالـة دراسية ضمن بعثات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لدراسـة الدكتـوراه في جـمهـوريـة الصيـن الشعـبيـة في عـام (1996) ونال شهـادة (الدكتوراه) في علم (تطبيقات الحاسبات) وبالتخصص الدقيق في (تكنولوجيا التطبيب عن بُعد (Telemedicine) من جامعة (چیجیانغ) في الصين عام (1999) .
وبسبب بعض الظروف الخاصة والتي كانت متزامنةً مع ظروف العراق الداخلية وما يشهده من حصار ظالم وظروف عيشٍ صعبة والتي لم تكن مشجعة له ، حالت دون عودته للعراق وحسب ما أسدى إليه البعض من الزملاء والأقارب من نصح سديد ، وأختار التوجه للعمل خارج العراق .
بدأ مشواره بعد الدكتوراه في مهمة التدريس في جامعة الزرقاء ثم إنتقل الى جامعة العلوم التطبيقية في (عمان - الأردن) عام (1999) ، وترأس فيها لجنة ضمان الجودة ، وتولى فيما بعد منصب مدير دائرة الجودة في الجامعة وحتى عام (2007) .
ثم انتقل للعمل في سلطنة عُمان في (كليات العلوم التطبيقية) ، وتولى التدريس فيها وتدرج بالمناصب وصولًا لمنصب (رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات) في كلية العلوم التطبيقية بمدينة (صُحار) العمانية للفترة من عام (2012 - 2008) ولا يزال على رأس عمله في التدريس هناك .
أشرف على العديد من مشاريع التخرج في أقسام تكنولوجيا المعلومات في الجامعات الأُردنية والعُمانية ، وترأس وشارك في العديد من اللجان العلمية والإدارية .
نشر العديد من البحوث العلمية في مؤتمرات ومجلات علمية عالمية ومتخصصة ، وساهم في تقييم البحوث لعدد من المؤتمرات والمجلات العلمية العالمية ، وشارك في إدارة جلسات مؤتمرات علميـة عديدة ، كما وله حضـور متميز في ورش العمـل التخصصيـة التي عقدت في كل من الأُردن وسلطنـة عُمـان .
واكب أحداث العراق عامةً والموصل بشكل خاص وما جرى لها من أحداث بعد عام (2003) وما تلاه وصولًا إلى إحتلالها من الدواعش الأنجاس عام (2014) وما قامت به عصابات الغدر والظلم من بطش وقسوة لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، فلم يسقط من لسانه إسم الموصل ، بل كان ولا يزال يردد دائمًا (إنني أعتز وأتشرف كوني إبن هذه المدينة ، وان مدينة الموصل لا تستحق ما جرى لها من دمار ومآسي ، فهي مدينة العلم والأدب والكرم والكرامة ، وهي التي رفدت العراق والعالم العربي والإسلامي بالعلماء والمشايخ والشعراء والمؤرخين ، وأنجبت القادة العسكريين والسياسيين ، الموصل التي لا زلتُ أحنّ إلى أهلها وشوارعها وأزقتها التي دمرها الحاقدون عليها ، لازلتُ أتذكر جامعها النوريّ الكبير الذي كان محطتي اليومية ، أصلي فيه وأشرب من ماء ثلاجاته وأنظر الى شموخ منارته الحدباء كل يوم وأنا في طريقي من سكني في الخاتونية إلى محل عمل والدي في شارع نينوى ، لازلتُ أتذكر دجلتها وغاباتها وشلالاتها وصوت أمطارها ورائحة أشجارها وأزهارها في ربيعها الجميل) .
وتطرق في الحديث عن تنوع القوميات والديانات والطوائف التي شكلت فسيفساء الوجود والتعايش ومزهرية الورود المتنوعة الأشكال والألوان في محافظة نينوى ، وأردف القول بأن هذا الإختلاف والتنوع ، يجعل من إدارتها وتولي شؤونها أكثر صعوبة وحساسيـة من باقي محافظات العـراق ، وإستنادًا لذلك ، فإن الحل الأمثل من وجهة نظره لإدارتها هو (التعايش السلمـي) بين مكوناتهـا وتفضيل مصلحة المحافظة وأهلهـا على مصلحة الطائفـة والـقوميـة والفئـويـة ، والعمل يدًا واحدةً لخدمـة المحـافظـة وأهلهـا وأن تكون مسؤولية أمن المحـافظـة بيد أهلهـا علمًا بأنّ كفـاءات المحافظـة قادرة على قيادتهـا أمنيًا وإداريًا.
قال عن رؤيته في بناء الوطن : (رؤيتي المتواضعة لبناء العراق العزيز ، تبدأ من المجتمع وترتكز على الشباب والنشأ الجديد لأنهما نواة المستقبل وأساس التقدم والتطور والرقي للدول والمجتمعات وخير شاهد على ذلك التقدم والتطور واحترام الإنسان الذي وصلت إليه كل من اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية ودول أخرى بعد الفترات المظلمة والدمار الذي مرت به .
واقترح جملةً من الأفكار التي يراها مناسبة ويتوجب التركيز عليها في المرحلة القادمة لإعادة بناء العراق ومجتمعه ونظامه وإقتصاده والتي تتلخص بما يلي : ((بناء عراق قوي على أسس علمية وأخلاقية بناءً يليق بإسمه وتاريخه الزاهر - عراقًا موحدًا متماسكًا متعايشًا بمختلف فئاته وقومياته - يحترم الإنسان وأفكاره ويمنح مواطنيه حقوقهم دون تمييز) ، (إصلاح وتنقية المجتمع من الأفكار والمفاهيم التي فتتت الشعب ودمرت الوطن) ، (التركيز على غرس العلم والمعرفة والتربية والثقافة في هذا المجتمع الطيب وغرس بعض المفاهيم الأساسية كاحترام القانون والحفاظ على المال العام ونزاهة المسؤول والإخلاص والأمانة وتحمل المسؤولية مع الإحترام المتبادل وحب الوطن والأرض والشعب وغيرها من المفاهيم الطيبة التي يزخر بها تراثنا وديننا) ، (وجوب نبذ الخلافات والإختلافات في المجتمع العراقي وتوحيد الكلمة والعمل يدًا واحدةً لبناء الوطن وخدمة المجتمع)) .
واختتم حديثه بالقول : (تحية إكبار لأهل مدينتي في الداخل الذين عاشوا تلك الأيام الصعبة والمأساوية والرحمة لكل من سالت دماؤهم فداءً لهذه المدينة ، والإحترام والتقدير لكل من يريد الخير لهذه المدينة المعطاء ، وكلي أمل بأنها ستـلـملـم جراحاتها وتعيد بناء نفسها بسواعد أبنائها وهمة المخلصين والخيرين من أبناء الوطن الواحد ، وستعيد تاريخها المجيد وعهدها التليد وتحمل مشاعل النور من جديد .
فعلى الرغم من بُعده عن وطنه ومدينته طيلة هذه الفترة إلا أنه يعيش أبدًا لحظات حياته مع أبناء وطنه وأهل الموصل في الداخل ويتابع أخبارهم ويتألم لظروفهم وهمومهم ، يُزاحمهُ شوقُ العودة لوطنه العزيز ومدينته الحبيبة متى ما سمحت الظروف وبأقرب وقت ممكن وهو يتطلع لنيل فرصة المشاركة في إعادة بناء العراق العزيز والموصل الحدباء الجريحة .
ووفاءً لشخصه الكريم ولمشاعره الفياضة بالحب وبكل الشعور النبيل الخالص وتقديرًا لمواقفة النبيلة ومشاطرته أحزان الموصل وأتراحها وما حل بها وأهلها ، وحيث أن سلسلة الأقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها التي ننشرها تباعًا تشمل كل ذي موقف مشرف وكلمة صادقة وموقف نبيل في أرجاء المعمورة ، فكان حقًا لنا وعلينا أن يكون حضوره المشرف ضمن السلسلة أعلاه وان يُسجل اسمه في صفحاتها ليأخذ استحقاقه بكل شرف وتميز فيما سيسطره التاريخ عنها وعن رجالاتها .
وبعد ، لقد إخترت مقولته كما في الصورة أدناه وهي عبارة عن تعليق لشخصه الكريم أدلى به على مقالنا المنشور بعنوان (وتلك الأيام نداولها بين الناس) بتاريخ (8 / 7 / 2017) حين قال (سيبقى أهالي الموصل ومحافظة نينوى ، يدًا واحدة مع أبناء الوطن المخلصين في بناء العراق الواحد ، مهما حاول الفاسدون والطائفيون تفريقهم أو النيل منهم) ، فكانت مكملةً لجلَ حضوره وتعليقاته ومواكبته للأحداث وطيب كلامه وطراوة لسانه هي مبعث فخر وسرور وتعكس شخصية هذا الإنسان النبيل والمخلص والشغوف حبًا لوطنه وأهله والدؤوب عملًا وحضورًا ، أضعها أمامكم سادتي الكرام آملًا أن تنال إعجابكم ولتغدوَ شهادة حق في موقفٍ وقول لرجل يُكِنُ كل المحبة والإخلاص للعراق وشعبه وللموصل وأهلها ، متأملًا تفاعلكم القيم ومسجلًا عظيم الشكر والإمتنان للشخصيات التي تواكب ما ننشر بكل حرص وسرور وتقدر عاليًا ما نبذل من جهود في سبيل إظهار المواقف والحقائق ، وفق الله الجميع لما فيه خير العباد والبلاد وتقبلوا وافر الإحترام والتقدير .
حسن ميسر صالح الأمين
11/12/2017
والمقولة هي :
سيبقى أهالي الموصل ومحافظة نينوى ، يدًا واحدة مع أبناء الوطن المخلصين في بناء العراق الواحد ، مهما حاول الفاسدون والطائفيون تفريقهم أو النيل منهم .
الدكتور
محمد حميد الطائي
* لقراءة المقال ومتابعة التعليقات في الفيس بوك على الرابط :
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10214252642331185&id=1269245661
1244 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع