د.ضرغام الدباغ
ناظم حكمت ... الناظر إلى النجوم
الشاعر التقدمي التركي
ناظم حكمت : ولد في 15 / كانون الثاني يناير / 1902 في مدينة سالونيك (اليوم في اليونان) في أسرة ثرية، إذ كان جدة والياً وتوفي في موسكو بتاريخ 3 حزيران يونيو / 1963 .
بدأ نشاطه في كتابة الشعر باكراً ونشر أولى أشعاره عام 1917 ثم أتم دراسته الثانوية في مدينة استانبول عام 1919، وبعد ذلك التحق بالمدرسة البحرية العسكرية، ولكنه بعد فترة فصل منها، وفي عام 1920 التحق بجبهة النضال القومي.
سافر في عام 1921 إلى موسكو ودرس في معهد الشعوب الشرقية، وضمن هذا المعهد تأثر بالشعر الروسي وخاصة بالشاعر الروسي المبدع مايا كوفسكي . وفي عام 1924 عاد إلى تركيا بعد أن نالت استقلالها التام وبعد انتصارها على اليونان، وفي نفس العام أصبح عضواً في الحزب الشيوعي التركي، وفي عام 1925 رحل ورجع ثانية إلى روسيا بعد أن صدر عليه حكماً بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً، بعد اتهامه بالضلوع في احداث سياسية، وبقي في روسيا حتى عام 1928 حيث رجع ثانية إلى تركيا.
شارك في تحرير العديد من المجلات الاشتراكية التركية منها مجلة المصور الشهرية ومجلة المنجل والمطرقة، حيث نشر فيها أشعاراً وترجمات عن الفرنسية والروسية، وعندما وجد الشكل الشعري الملائم لأسلوبه الفني نشر العديد من المجموعات الشعرية وكانت على الترتيب التالي :
* جوكندا وسياو عام 1920
* الوصل عام 1930
* المدينة التي فقدت صوتها عام 1930
* صور عام 1935
* رسائل إلى ترانتا بابو عام 1935
وخلال هذه الفترة نشرت له ثلاث مسرحيات وقد مثلت على مسرح بلدية استانبول وهذه المسرحيات كانت تكشف وتفضح أخلاقيات المجتمع الامبريالي وهي:
* الجمجمة عام 1932 .
* بيت ميت أو عائلة المرحوم عام 1932 .
* الرجل المنسي عام 1934 .
تميز شعر ناظم حكمت بالبساطة والوضوح، جرب ناظم في شعره كل الأشكال الممكنة الحديث منها والموروث وغذى تجربته بكل الثقافات من حوله، سيما وأنه أسس علاقات شخصية مع أبرز الشخصيات الأدبية الروسية والأروبية والأمريكية وحتى العربية، ومنهم الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي.
ولناظم حكمت بصمته في الشعر العربي إذ نجد أصداء من طريقته الشعرية في أثر العديد من الشعراء كعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ونزار قباني، حيث تقتحم الأشياء البسيطة فخامة العالم الشعري وتعطيه أبعادا أخرى لم تكن بارزة من قبل.
كتب الكثير وقيل الكثيرعن ناظم حكمت، إلا أن أفضل ما كتب عنه هو ما كتبه هو عن نفسه، نظم حكمت الإنسان، الشاعر، المناضل الوطني التقدمي.
من أشعاره :
أنا إنسان
انا انسان
انا ناظم حكمت شاعر تركي
انا الحمية والحماسة من الساق حتى الرأس
ومن رأسي حتى أخمص قدمي، كفاح ولا شيء غير الأمل
ذاك أنا.
********
قصيدته التي أشتهرت بالعربية :
أجمل البحار
أجمل البحار
تلك التي لم نذهب إليها بعد
أجمل الأطفال هم الذين لم يولدوا بعد
أجمل الأشعار تلك التي لم أقلها بعد
وأجمل الأيام تلك التي حتماً سوف تأتي
**************
سيرة ذاتية
ولدت عام 1902
لم اعد ثانية الى المدينة التي وادت فيها
فانا اكره الرجوع للخلف
في سنتي الثالثة كانت مهنتي حفيدا لاحدى الباشوات في حلب
وفي التاسعة عشر تتلمذت في جامعة شيوعية بموسكو
وفي التاسعة والاربعين صرت ضيفا للحزب في موسكو ايضا
ومنذ الرابعة عشر امارس الشعر
* *
بعض الناس يعرف انواع النبات والبعض الاخر
أنواع الاسماك
أما أنا فاعرف أنواع الفراق
بعضهم يعد ويحفظ أنواع اسماء النجوم
أما انا فاحسب الاهات
سكنت الفنادق الكبيرة وكذالك أشد الزنزانات شظفا
عانيت الجوع واضربت عن الطعام
والاكل الذي لم أذقه كانه لم يكن موجودا
في الثلاثين من عمري اراد البعض شنقي
في الثامنة والثلاثين فكر بعض اخر بمنحي ميدالية السلام
ومنحوني أياها فعلا
وخلال نصف عام في السادسة والثلاثين
اجتزت اربعة أمتار من الخرسانة السوداء
في عامي التاسع والخمسين طرت من براغ الى هافانا
لم ارى لينين لكنني عام 1924 عند ضريحه
لازمت الطوابير
عام 1961 رزرته حيث الكتب ذكراه
حاولو أقلاعي من حزبي ولم يتمكنوا
وحين تحطمت الاصنام لم اسحق تحتها
* *
عام 1951 أنا وصديق شاب دسنا على الموت
حين كنا نركب البحر
عام 1952 بقلب ملأتها الشطايا انتظرت الموت
اربعة أشهر وأنا مستلق على الظهر
* *
كنت اغار على النساء اللواتي أحببتهن كالمجنون
لم اكن ذا وجهين مع اصدقائي
شربت الخمر ولم أكن أسهر طويلا
حصلت على ثمن الرغيف بعرق جبيني.. ما اسعدني
خجلت ان أكذب على حساب الاخرين
كذبت ولكن لاجل لا احزن غيري
ركبت القطار والطائرة والعربات
حيث لا تركب العامة
مضيت الى الاوبرا
حيث الكثيرون لم يسمعوا باسمها.
* *
لم ادخل الحرب
ولم انزل الى الخنادق في انتصاف الليالي
لم أنكفىء على وجهي في الطرقات
تحت الطائرات القاصفات
بيد أن فرحا ما احتوني في الستين
يا رفاقي مختصر الكلام
اليوم في برلين حتى لو مت من الحزن
لقلت بانني عشت كانسان
فمن بعرف كم ساعيش بعد
وما هي الاقدام التي ستحل بي
كتبت في برلين الديمقراطية اليوم الحادي عشر من ايلول عام 1962
****************************
قصيدة يهاجم فيها بيركلي فيلسوف الميتافيزقية
أخاطبك بيركلي
انت يا بيركلي
انت ايها القس الفيلسوف الاتي من القرن الثاني عشر
اعلم ان الرائحة اليومية التي تفوح من فلسفتك
هي لتدويخ رؤوسنا
هي لتركيعنا على الارض
في معارك الحياة.
فيما تحاول
كل كلمة من كلماتك
أن تضع القيود على ايدينا،
تسعى أسطرك
مثل ثعبان يتلوى
لتلدغ قلوبنا.
صورتك أشبه بعيسى في وسطه خنجر
اسمك يبرز من كتبك
مثل ناب أزرق
تقطر من نهايته الحادة الصدئة
قطرات من الدم الاحمر
كل واحد من كتبك
راكع على ركبتيه امام الرب
مثل ناسك لف وسطه بحزام اسود.
هذا أنت
وهذه فلسفتك !
أنت تقول
عن تلك التفاحة
المتلألئة .... المكورة
تلك التي لامست قشرتها اللامعة باصابعك :
"انها تركيبات افكار".
وتنكر الوجود الكائن
خارجنا دون أن يكون مرتبطا بنا.
فهل هذا البحر الأزرق،
وهذه السفينة ذات الشراع الابيض في هذا البحر الازرق
هما من الأفكار التي اخذتها من ذاتك ؟
طالما أن السفينة السابحة هي فكرك أنت،
طالما أن البحر المحيط هو مكرك أنت.
فلا وجود للزمان
ولا للمكان، أليس كذلك ؟!
ولا وجود لأي كيان خارجك أنت
وما من أحد وجد قبلك
ولا يكون باقٍ بعدك
لا حقيقة سواك أنت
واللـه، فقط.
ولكن مع بوباس الخمارات السوداء الغارق في السكر !
ألم تكن ابنة صاحب الخمارة التي كانت تتلوى بين ذراعيك المشعرتين
خارجك أنت ؟
أم أنك كنت
تضاجع نفسك ؟
2685 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع