النفاق ..! هو الذي يجب إجتثاثه..!!!

                                                                                         سيف الدين الألوسي

    

أكثر  ما  سبب  دمار العراق  ومجتمعه  طيلة عقود , هو داء النفاق  المستشري عند فئة ليست قليلة  في مجتمعنا .    من المحتمل , أن   طرح هذا الموضوع  المهم  سيسبب  بعض الردود المتشنجة  وبسبب  قول الحقيقة  .

في  صور نشرت  مؤخرا  رأيت الكثير من الشخوص وتذكرتها أيام توددها  في زمن الأنظمة السابقة , وقد غيرت الأقنعة  لتكون اليوم من  كما الأمس (أول من يستفيد  وأخر من يضحي !!)  .
  ذكر الكثير  والكثير  بأن معظم  الشعب العراقي كان مجبرا على الأنتماء لحزب البعث  , ومن أصغر موظف الى  الوزير ! أنا  أقول  لم يكن الكثيرين  مجبرين على الأنضمام  لحزب البعث  لولا طموحاتهم الشخصية ,  والسعي  لأخذ  بعض المكاسب الشخصية  ,   قسم كبير   أيضا  دفعهم  الخوف  ! ,  حتى  في الجيش  كان هنالك الكثير من المستقلين  ومن الضباط  أيضا  !   
  وقبل  هذه  الفترة, سمعنا عن أنضمام الكثيرين الى حزب  الأتحاد الدستوري( حزب المرحوم نوري السعيد ) , وغيرها من الأحزاب  ولكن بدرجة  أقل  ,  ولكن في تلك  الفترة  لم تكن هنالك  محاباة وتفضيل  منتشر  في مفاصل الدولة , وكان التفضيل  فقط  للترشيح  للأنتخابات ونيل عضوية مجلس النواب والبرلمان .
 بعد  تموز 1958  , انضم  الكثيرون  الى الحزب الشيوعي  وبسبب  الرغبة  في البعثات  , والأيفادات, والمناصب في الجيش  وحتى  في  النقابات  وغيرها من الأمور التي كانت  مفضلة  في ذلك الوقت  .
  ثم  في عهد  المرحومين  عارف  ,  تمت  المزايدات  على درجة  القربى  والمناطقية  والعشائرية  لنفس الأسباب أعلاه .  
 حتى تسمية  الأبناء  كانت تتم محاباة  للحاكم  في ذلك الوقت  والى  يومنا  هذا  !  وصلت  تلك  المحاباة  الى تسمية  رئيسين سابقين  للجمهورية  أولادهم  على  بعض وقبل أن ينقلب أحدهما على الآخر .
كان التغير  الكبير قد حدث بعد سنة 1968  وتسلم حزب البعث السلطة ,   حيث  تم فتح  دورات خاصة للراسبين في الأعدادية  للقبول  في الكلية العسكرية , ومن ثم حتى القبول في بعثات طيران الجيش ,  وكذلك  التفضيل في القبول  لبعض الكليات  والتي كانت تسمى  مغلقة  ومنها  كليات التربية  والفنون والأعلام  وبعض المعاهد أيضا لخريجي  الدراستين الأعدادية والمتوسطة , ومما سبب   أنتماء  العديد  من الطلاب  للحزب  لطموحهم  بالتخرج وخصوصا  لمن كان له هواية  تتوفر  في أحدى تلك الكليات  كالفنون مثلا .
بعد  ذلك  فترة وجيزة  أخذت  شروط  البعثات  والقبول في الدوائر المهمة والجيش  تشترط  الأنتماء الحزبي للقبول  ,  كان هنالك  تنافس  كبير  للطلاب في الجامعات لنيل  البعثات  ومنها  القبول  في الطيران وهندسة الطائرات   والمؤسسة العامة للصناعات الفنية والطاقة الذرية  والمخابرات ووزارات الداخلية والخارجية وغيرها من المؤسسات المهمة  ,  لا يمكن  لوم  هؤلاء العراقيين جميعا  كونهم  انتموا لظروف خاصة بهم ولتطوير أنفسهم   في الأنضمام لصفوف الحزب  ولو عن عدم  قناعة ( مبطنة)  .  (  الله الشاهد  أنني أعرف الكثير ممن  جبرتهم  الظروف  المادية على أخذ هكذا قرارات ) .
المشكلة  تعمقت  بعد  ذلك ,  وأصبح  من كان طموحه  نيل البعثة والحصول على شهادة عليا أو وظيفة يحصل منها  على قطعة أرض  أو سيارة ,  أصبح طموح بعض  القلة  هو الصعود الى مراتب أعلى ولو على أكتاف الأخرين ,  وحتى  كسر  رقابهم  بكتابة التقارير  وكل السبل الغير أخلاقية   لأبعادهم  عن الطريق الذي  تم تخطيطه لمستقبلهم  وطموحهم  (  رأينا الكثير من هؤلاء وقد وقعوا في نفس المنزلق الذي  نصبوه لغيرهم في الفترات اللاحقة ,  من حفر حفرة لأخيه وقع فيها  !!    ومنها  كونهم  محسوبين على فلان أو علان  من القياديين وممن تم أبعادهم  أو أعدامهم لاحقا !! ) .
نرجع  الى ظاهرة النفاق  التي  بدأت  بالظهور  العلني  وخصوصا بعد  تسلم  الرئيس  السابق  المسؤولية  , وبدء الحرب العراقية الأيرانية  ,  وتشكيل الجيش الشعبي  والمهمات الخاصة وغيرها  !
حيث رأينا  التفاخر بأرتداء  لباس  الميدان العسكري  , وتقليد  كبار المسؤولين  باللباس  العسكري والمدني , ومنها  اللباس  العربي  ,  والتفاخر  بحمل كراب المسدسات  وحزام الفشك فوقه  !  ( قسم  أخذ يتفاخر بهذا اللباس داخل النوادي الأجتماعية  والفنادق الكبرى ! )  , وقسم  أخر  أخذ  بلبس  الزيتوني  في المناطق السكانية  كونه  رفيق  ومسؤول  ولأخذ  المقسوم  ممن  يخشون  الذهاب في الجيش الشعبي , وقسم  أخر من المنافقين   وحتى  من الضباط  أخذ  يتكلم   باللهجة  التكريتية وحتى  لو كان  هو  من  بغداد أو النجف أو البصرة  أو أربيل أو الموصل !
وتنامت  هذه  الحالة  بسرعة  وأخذت  تنتشر  بين الشباب  خاصة  وطلاب الجامعات , وذلك  بتقليد  لباس وطرق  حلاقة  الشعر  لأولاد  المسؤولين  والتهافت  على التقرب  اليهم  ! و لنيل بعض المميزات وغيرها ولو على حساب  الكرامة الشخصية  والأخلاقية  !    وكذلك  أ قام البعض من رجال الأعمال والتجار   الدعوات  وحفلات الكاولية ,للتقرب  والتزلف  من أصحاب القرار  ولمصالحهم الخاصة  وكذلك على حساب الكرامة الشخصية والأخلاقية !    (  أحد  المعارف  كان يتودد الى رئيس هيئة التصنيع  ويصفه بالعبقري والبطل , أخذ يشتمه ويلعنه ويصفه بالخائن    بعد  هروبه  للأردن  وأنشقاقه  !!    سالته  قبل  يومين من هروبه   كنت تعتبره  الاله والقدوة  ؟   فأجاب  كلشي   بوقته  !!!         هذا  هو عينة نموذجية  لما  أقصده !!   )  .
وتعمقت  كل  تلك الظواهر الأجتماعية  بشدة  والى  يومنا  هذا  وأصبحت  هنالك  حالات  مزمنة خطيرة على المجتمع  تنامت في تلك الفترة والعقود من الزمن , مثل  حمل السلاح  تقليدا  ,والرمي في الهواء تقليدا , سياقة  المواكب  للمسؤولين  والتعدي على حقوق البشر  في الشارع  وغيرها  !!
اليوم   نرى  نفس  تلك  الوجوه  بالأضافة  الى  وجوه  أخرى  أضافية  ,  أخذت   تنافق  في  اللباس  والسباق نحو  التقوى  المزيفة  , والأتجار  بالطائفية ومن كل الطوائف  وجرائم النظام السابق! وجرائم النظام السابق  (  معروفة  للقاص والداني ) ! , وتنادي  بالديمقراطية  والشفافية   بسبب الظلم والطائفية  الذي عانت منه ( للتأريخ  والحقيقة يجوز  نعت  النظام السابق  بالكثيرمن الظلم  والكثير الكثير ولكن  غير  صفة الطائفية )  لأنه وزع  الكثير من الظلم على الجميع  ويجوز بصورة غير متساوية  !(  أمثلة  كثيرة  منها   أعدام  أقرب الناس  لرئيس النظام السابق وقتل الكثيرين  وهذه  الأمور معروفة  للجميع  وللتأريخ  ) .
رأيت  بأم  عيني  تزلف  الكثيرين  وبعد  الأحتلال  , و للكثير  من السياسيين الجدد  والأحزاب   وكنت  أعرف الكثيرين من هؤلاء!  ومنهم  من هم  محسوبين على بعض  العشائر  أو  بعض الجهات الأخرى والتي كانت   تقدم  الدعم اللا محدود  والوعود  للنظام السابق  , وقسم منهم   أستلم   سيارات  النيسان الحديثة  والمكافات   قبل  الأحتلال بفترة وجيزة  !!!!!       كنت   أتكلم  مع نفسي  وأضحك  بألم  وأسى كبير   (  ألك الله يا عراق  )    ....     واليوم  أتكلم وأكتب بألم  كبير من أرض غربتي  المفروضة  ,  عن تلك الظاهرة  المؤسفة الخطيرة  وأنا أراها وأقرئها يوميا في المواقع الألكترونية والصحف ,    سأقول  بأعلى  صوتي  ( 

النفاق  هو الداء  الذي يجب أجتثاثه  ...   ولك الله  يا عراق  مجددا) .

مع  أعتذاري  وتقديري وأحترامي لكل  وطني  وصاحب  مبدأ .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

728 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع