د. مؤيد عبد الستار
اشتدت سورة الخلاف بين السيد رئيس مجلس النواب وبعض النواب بسبب سفر السيد اسامة النجيفي الى قطر واجراء لقاء تلفزيوني مع قناة الجزيرة ، وما صرح به في ذلك اللقاء من اقوال تعد انحيازا لطائفته على حساب ما يمثله من منصب رئاسي للعراق والعراقيين جميعا لا لطائفة معينة .
ومن بين ما استخدم السيد النجيفي في كلامه كلمة جعير ، اذ خاطب النواب قائلا : كفاكم جعيرا .
فما الذي اراده السيد النجيفي بوصفه كلام النواب جعيرا ؟ ولماذا عده النواب اهانة ؟
لاول مرة اضحكنا السيد النجيفي لاستخدامه هذه اللهجة ، وقد اضحكنا قبله الرئيس السابق لمجلس النواب الدكتور المشهداني حين استخدم كلمة ( القندرة ) في خطابه مع النواب ايضا ولكنه ضحك كالبكاء .
فمن زاوية علم النفس ، ان ضغط العمل السياسي على رجال السياسة يدفعهم احيانا لاستخدام غير موفق للكلمات والتعابير ، وقد تفضح الكلمات نواياهم او شخصيتهم الحقيقية ، وغالبا ما يعزى الامر الى زلة لسان .
ذهب بعض النواب الى تفسير كلمة جعير ، ولجأوا الى القواميس العربية فلم يجدوا لها معنى ينطبق على المراد ، فاغلب القواميس مثل لسان العرب والقاموس المحيط وغيره تذهب الى ان الجعر والجعير والجعراء والجاعر هو الحبل ، او نجو- فضلات يابسة - ذات مخلب من السباع ، والعذرة، والضبع ، والاست او الدبر ... الخ
ونرى ان الجعـير كلمة عامية عراقية من لغات شعوب العراق القديمة مثل السومرية والبابلية والارامية ، واصلها جع ، ذلك ان السومرية لغة مقطعية ، تستفيد من التكرار واللصق ، فتقول جع جع . او تلصق المقطع مع مقطع اخر فتقول : جع مر بمعنى غير منسق او مشوه الشكل ( مجعمر )
وفيها معان عديدة ، ونجد في لسان العرب :
جعجع : الارض المتطامنة
جعجع الابل : اناخ الابل
جعجعة : صوت الرحى
جعجع : ضيق عليه وازعجه
جعجع البعير : برك والكثير من المعاني الاخرى .
كما تستخدم اسما ايضا مثل سمير جعجع / سياسي لبناني معروف .
اما كلمة جعـير فهي من العامية العراقية أيضا والتي شاعت في الاستخدام للاصوات غير الهادئة او الاصوات المزعجة مثل نهيق الحمار او صوت القطار ، يقول زامل سعيد فتاح في قصيدته المكير التي يغنيها ياس خضر ولحنها الفنان الراحل كمال السيد :
ولك ياريل لا تجعر / اخاف تفزز السمرة
وارد للناصرية اردود / مخنوك بالف عبرة
ويراويني النخل موكاف / حبنة وطيبة العشرة
ويكلي اصبر
شهر ويعود
والمفطوم شيصبرة
و الريل : القطار ، الجعر : صوت القطار المزعج .
كما يستخدم العراقيون كلمة يجوعر لنهيق الحمير فقط و لاتستخدم لصهيل الخيول ، وتطلق مجازا على الصراخ والصياح وتاتي في مجال الذم والزجر والنهي :
لا تجوعر اي لا تصرخ ولا تصيح بصوت عال قبيح .
وكلمة يجوعر صياغة عامية عراقية ، لها نظائر كثيرة منها :
يفوعر : يتنهد ويعاني من الحر الشديد .
يمولس : يصبح املسا ، ناعم الملمس ، وغالبا ما تستخدم للبراغي المسننة التي تفقد اسنانها .
يهوجل : ينتقل من مكان الى اخر .
يدولغ : يصفن .
يخوزق : يجلسه على الخازوق / طريقة بشعة للقتل استخدمها الاتراك عقوبة للاعدام ،
اشتهر في وصفها الكاتب اليوغسلافي ايفو اندريك ، الحائز على جائزة نوبل عام 1961 ،
في روايته الشهيرة : جسر على نهر درينا .
نأمل ان لا يأمر السيد النجيفي مجلس النواب باعادة تشريع قانون الخازوق العثماني ليخوزق به النواب الذين يغضب عليهم .
1116 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع