سيف الدين الألوسي
جاء تعبير الحواسم المعرف ( للسراق) , بعد معركة الحواسم والتي حسمت الأخضر واليابس في العراق!!!!.
هنا لا نريد الدخول في التفاصيل السياسية القديمة والأخطاء التي سبب دمار العراق .
بدءا , بدأت التحولات الأجتماعية المتراجعة في مرحلة الحرب العراقية الأيرانية وتلك التحولات , من أسباب الحروب الطويلة في كل الدول عادة . لكن التحولات الخطيرة بدأت بعد أحتلال الكويت من قبل القوات العراقية , وأستغلال هذا الوضع الغير طبيعي من قبل عدد قليل من العراقيين للمتاجرة والأثراء وعلى حساب كثير من القيم والمبادئ والتي تربى عليها العراقيون وعلى مدى عقود , وقد برزت طبقة ثرية جديدة لا يعرف مصادر ثروتها في التسعينيات بدأت في بسط نفوذها ومفاهيمها على المجتمع .
كان الحصار على العراق هو الأشد وطأة على تغيير المجتمع وتفكيكه , حيث شهدت تلك الفترة بطالة كبيرة وتراجع كبير في التعليم والتربية المدرسية والأخلاقية . كذلك ساهمت تلك الفترة في بدء هجرة عدد كبير من المثقفين واليائسين من الحالة الأقتصادية والتخبط السياسي والضغط الحكومي في ذلك الوقت .
كثرت في تلك الفترة صدور قوانين وحملات غريبة عن طبيعة الشعب العراقي ولأسباب غير مفهومة لا سياسيا ولا أستراتيجيا لليوم !
من تلك القرارت دعوات الأحتياط المستمرة , الحملة الأيمانية , التمويل الذاتي للوزارات ومن أهمها الصحة والتربية والتعليم العالي , قوانين معاقبة الهاربين من الخدمة العسكرية , التلاعب في أسعار الدولار وطبع العملة بدون غطاء, مذكرة التفاهم وبروز طبقة أخرى من التجار المنتفعين من علاقاتهم بأصحاب القرار ,وتكوين طبقة جديدة أخرى , وبروز حالات الفساد الأداري الكبيرة وهي معروفة لمن كان في العراق ذلك الوقت , وكثير من الأمور الأخرى التي سببت هذا التخلخل الكبير في المجتمع .
كان المجتمع يمر بحالة كبيرة وخطيرة من عدم التوازن المعيشي والثقافي , ساهم بذلك التعتيم الأعلامي وأرتفاع تكاليف السفر ومعرفة التطورات في العالم , والمعوقات الكثيرة لأصدار جوازات السفر مثل كتب التأييد والطلبات الكثيرة الأخرى , وتعقيد الأمور في كافة المعاملات الرسمية مما سبب أنتشار الرشوة والفساد الأداري , وحتى وصولها الى مفاصل مهمة جدا من الدولة كالقضاء مثلا , وبسبب التهم الكيدية والقضايا الأخرى كالنزاعات التجارية والمالية .
تلك الأسباب مجتمعة بالأضافة الى تفريغ السجون المتكرر ومن أصحاب السوابق , خلقت ترهلا حكوميا ومؤسساتيا كبيرا في تركيبة الدولة العراقية الحديثة , والتي أسست سنة 1921 .
عند أحتلال العراق والعاصمة بغداد , قام عدد قليل وأركز على قليل من العراقيين بتدمير وسرقة بيتهم الكبير وبشجيع من القوى الغازية ( لتخفيف الضغط عنها حسب تصوري الشخصي ) , قام هؤلاء بسرقة المتاحف والبنوك والمدارس والجامعات وحتى المستشفيات وغيرها من الدوائر والمنشات والتي هي ملكا لهم ولبلدهم ولأجيالهم , وليس للنظام , ومما سبب تشجيع العديد من المافيات الدولية والعصابات المتمرسة الى دخول البلد مستغلة الفراغ الأمني والأحتلال لسرقة أثاره وتأريخه و أرث أجياله . بالمقابل نجد الكثير من العراقيين وقفوا الى الضد من هؤلاء وقد نجح القسم منهم في الحفاظ على تلك الممتلكات العامة .
سمي هؤلاء السراق والمجرمين بالحواسم , ومن قبل أبناء الشعب العراقي نفسه تعييرا لهم ! وهم معروفين لهم , وقسم كبير منهم هم أصحاب السوابق وستبقى تلك الأفعال وتلك التسمية, وصمة عار كبيرة بجبينهم وحتى بجبين أولادهم مهما طال الزمن أو قصر .
فلتكن كلمة حواسم هي كلمة مرادفة لكل من يغتنم فرصة ليسرق مالا أو جهدا أو فكرا للأخرين .
لهذا السبب رأينا حواسم على المستويات التالية :
حواسم , شخصيات وأحزاب أستولت على المؤسسات والأبنية والأراضي العامة دون وجه حق .
حواسم , دول, ومنظمات دولية, و منظمات مجتمع مدني , وشركات ساهمت بأحتلال البلد , وسرقت أمواله وخيراته بأساليب عدة وتغطية دولية وقانونية .
حواسم , سياسية وأحزاب سرقوا تضحيات الشهداء وعوائلهم ممن سبقوهم لمصالحهم الخاصة ومناصبهم .
حواسم , أستغلوا أسماء رموز دينية كبيرة والدين والمذهب ومن كل الطوائف والملل لمصالحهم الخاصة وطموحاتهم الشخصية والدنيوية .
حواسم , سرقوا الحريات الفكرية والثقافية .
حواسم, سرقوا الأعلام الفضائي وحريات الرأي وشبكة المعلوماتية لمصالحهم وزيادة ثرائهم .
حواسم , سرقوا قوت الشعب وأموال شهداؤه وأيتامه وأرامله , وأموال المرضى والمعوقين , وغيرها من الأموال , سرقوها على رواتبهم العالية وأيفاداتهم وسفراتهم وسياراتهم المصفحة ....الخ .
حواسم , جلبوا اللحوم الفاسدة والأدوية منتهية الصلاحية لأبناء بلدهم .
حواسم , سرقوا الفرحة والصحة والأستقرار, وهجروا أهاليهم في كل بقاع الأرض و من هذا البلد و من هذا الشعب , بطائفيتهم وعدم التفكير بمستقبل أجيالهم اللاحقة والتي هي من أولويات الدول التي تحترم شعوبها .
النتيجة ,,,, حواسم سرقوا كل الأشياء العريقة والجميلة من هذا البلد الخالد .
1308 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع