عبدالله عباس
خــواطرعن معرض
لصور مزوره في التأريخ
( 1 ) اشكالية التأريخ
تعاني البشرية عموماًَ والمجتمع الشرقي على وجه الخصوص ومنذ البدء بتدوين التأريخ ‘ من أزمة بين مايذكر في التأريخ وما يحدث نتيجة إمتداد الاحداث الذي يصنع ذلك التأريخ ‘ مع الفارق في الوقت الراهن بين تأثير التأريخ على البيئة الاجتماعية الغربية و تاثيره على المجتمع في الشرق ‘ ومدى تأثير ذلك المتعلق بوعي المجتمع بين جهتين .
هناك وصف علمي لمعنى التأريخ يقول ( التأريخ هو تسجيل ووصف الأحداث التي جرت في الماضي ‘ على اساس علمي محايد للوصول الى حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل ) .
الوعي الاجتماعي في مجتمعات متقدمة ثقافياً ‘ يظهر بين افرادها رغبة على ايجاد وتفسير لكل شيء ومن ضمنها التاريخ ‘ الفارق مؤدي الى الازمة عندنا ‘‘ ان تفسير التاريخ ( الشخصيات والقادة تحديدا ) والاحداث المتعلقة بهم ‘‘ يفرض على المجتمع ‘‘ بدل نشر الوعي لافراد المجتمع ليقوم هو بتفسيره ‘ ترى هنا ‘ توجد مؤسسات متخصصة وأقلامًا ( مكلفة ) ووسائل إعلام مسخرة يعمل بشكل منظم لتزوير التاريخ ‘ و دائما ( الاشخاص والقادة تحديدا ) لهم حصة الاسد في تسجيل التأريخ المزور لتقديمه الى الناس في مجتمع يعاني من الجهل الفكري والثقافي مما يورث الإحباط ويدعو إلى الانهزام النفسي .
يقول إبن خلدون ( أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق ) و عندما يمنع الجهل نظر وتحقيق ما سجل في التأريخ ‘ حين ذاك ‘ ترى صدق الكاتب الارلندي الساخر برناردشو عندما قال ( هيجل كان محقاً عندما قال : أننا نتعلم من التاريخ أن المرء لا يستطيع أن يتعلم أي شئ من التاريخ ....!!)
( 2 )شخصنة التأريخ من باب النفاق
يروي الصحفي الفرنسي الاشهر ( إريك رولو )في مذكراته بعنوان ( كواليس الشرق الاوسط ) حكاية انور السادات ( وهو فقط نموذج لعشرات القادة في منطقتنا منهم من رحل ومنهم من لايزال يخدع الحاضر وفي جيبه تاريخ مزيف ) ‘‘ يروي قدرته على تزيف التاريخ وتسلقه الى موقع الرئاسة المصريه و ادعائه بانه مخطط ثورة تموز ( يونيو 1953) ومحاولتة المميتة لمحو اثار قائد الثورة الحقيقي عبدالناصر عندما رمى كل قادة الثورة ورفاق الناصر في السجن ‘ ويروي بتفصيل كيف ان عبدالناصر اقنعه بدخول الى تنظيم ضباط الاحرار الذي خطط ونفذ ثورة يوليو رغم اعتراض عدد غير قليل من الضباط على ذلك ‘ وكيف عندما قرر التنظيم ساعة الصفر لتنفيذ الثورة كلف كل الاعضاء القياديين الحضور في الزمان والمكان المحدد وانطلاق كل واحد منهم لتنفيذ مهمة مكلفة به ‘ وحضر الجميع عدا انور السادات ..! ‘ ويروي رولو كيف ان السادات تعمد الذهاب الى السينما مع زوجتة ( جيهان السادات ) في العرض الثاني ( وقت متاخر من الليل ) لاحدى السينمات القريبة من دارهم و تعمد كذلك الاحتفاظ ببطاقة دخوله السينما ‘ كااجراء احتياطي اذا فشل المخطط لاطاحة النظام الملكي يكون لديه دليل عدم مشاركته في تلك المحاولة ‘ وماكان بعد الثورة اي موقع مؤثر للسادات الا تكليفه برئاسة تحرير صحيفة الجمهورية وحصل على ذلك ايضاً بفضل عبدالناصر ..! وعندما وصل هو بغفلة من التأريخ الى رئاسة مصر عمل بكل ما ا تاه من قوة لمحو اسم قادة الثورة عموما و قائدها الحقيقي عبدالناصر بصورة خاصة ‘ وانتهى السادات ولكن التاريخ الرسمي مكتوب و متداول ومعتمد الان في ذلك البلد وهو التاريخ الذي اراده ( الصعلوك ! ) انور السادات لنفسة على اشلاء ضحايا مصر وجهد عبدالناصر ‘ علما ان اقصى طموح في شبابه ( كما يروي محمد حسنيين هيكل في كتابه الخاص عن السادات ) ما يتعدى طموح ان يكون ممثلا سيمنائياَ حيث ارسل صورتة و نبذة عن حياتة لمجلة السينما المصرية طالبا اشتراكه في المسابقة معلنة لذلك وكان مصيره الفشل
وعندما اصبح رئيسا للجمهورية امر بجمع تلك المجلة في كل المكتبات واراشيف الصحف المصرية ومنذ ذلك التاريخ وتاتي الاجيال ويذهب والتأريخ المصري المعاصر يتحدث عن ( بناء مزيف !! ) كانه بطل ..!!.... يقول المفكر السياسي الفرنسي أليكسيس دو توكويفيل : "إن التاريخ عبارة عن معرض لصور قليل منها أصلي ، والباقي نسخ مكررة .
( 3 )هنا من فتح باب تزيف وشخصنة التاريخ ؟
ظاهرة تزيف التأريخ ‘ هي أحدى الظواهر التي لها الدور في الكثير من الصفحات الكارثية في منطقة الشرق الاوسط ... والسادات إمتداد لتلك الظاهرة ‘‘ وحسب قراءتنا المتواضعة ‘ نعتقد : ان تزيف التاريخ ( ودائما نقصد تأريخ القادة ‘‘ بدأت منذ الفتنة التى أدى الى مقتل ( الخليفة الاسلامية الثالثة عثمان بن عفان ) وكان الحاكم الذي كان يحكم أرض الشام وحسب ‘ فكان إ نتمائه القبلي المتعصب والتدميري ‘ في ذلك الوقت ‘‘ له دور رئيسي في ترسيخ ظاهرة توجة ( الحكام ) الى تزوير وقائع التأريخ والأحداث ‘‘ بشكل يخدم طموح من في الحكم .
الخطر مع ظهور هذه الظاهرة التي لاتزال باقية ‘ تكمن انه لجأ اليه بغطاء ديني ‘ وكما يقول المثل الكردي القديم ( الماء اذا صبَ على الأرض ‘ لمه او إعادته الى الاناء مستحيل ...!!) من هنا وفي هذه المنطقة المنكوبة دائماً بسبب تزوير التأريخ وكتابته بعيدا عن الوصف العلمي ‘ اصبح أن التأريخ فيها دائماً ما يُغلَّف بقشرة سميكة من الأساطير، لدرجة تجعل الاقتراب منه بأدوات البحث ومشارط النقد أشبه بمقامرة محفوفة بالمخاطر. ‘ وفي مقدمة تأريخ القادة والشخصيات الحاكمة او مسيطرة على ارادة الناس بحيث ان المساكين من الناس ينظرون إلى التاريخ هؤلاء كما لو كان كتاباً مقدساً .
الكثيرين هم القادة العظام من اقصى الشرق الى اقصاها في العالم ‘ كتب تأريخ دورهم في مجالات التي كانوا لهم دور كبير في البناء والتحرير و خدمة شعبهم وبلدهم ‘ بعضهم كتبوا تأريخهم بانفسهم بصدق وامانة وبضمير حي وبعضهم كتب تاريخهم من قبل من كان شاهد قريب على حياتهم وعلى دورهم ‘ هناك غاندي و محمد مهاتير ونهرو وهوشي منه شرقاً و هناك ديغول وكيفارا ونيلسون مانديلا وكاسترو من افريقيا و الغرب ‘ لم نسمع من اي مصدر هذا العصر اي حديث يشك في صدق مسيرات حياتهم وهم دخلوا التأريخ خالدين باستحقاق الخالدين .
•وخاتم الحديث :
ألان ‘ في العراق( العظيم) الذي وبشهادة ( الفاسدين أنفسهم ) كل شيء مباح عدا الصدق ‘ ترى اي من هؤلاء الشخصيات يسرقون و ينهبون حتى الحس الوطني من المواطنين ويعتبرون زيادة (البكاء وتمزيق الصدر والغرق في القهر ) أغلى مكسب قدموه كهدية تحرير الى العراقيين ويكتب تاريخ بذلك انجازاتهم ( العظيمه ..!! ) ودون خجل ؟ والله اعلم .
1261 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع