مزمور من هذا الزمان

                                               

                        يعقوب افرام منصور

         

1ـ ربّاه، بارِئَ الأكوانِ وكائناتها

ذا الجلالِ والمجدِ في عَلاءِ قُدسِكَ :

2ـ قبلَ ثلاثة آلا فِ عام صرخ نبيُّك داوود متسائلاً:  لماذا ضجّتِ الأمم؟

لِمَ تُفكّرُ الشعوب في عمل الباطل؟

3ـ  فتآمر ملوك الأرض ورؤساؤها ...   

" تأمروا عليك وعلى مسيحِك"،

" منادينَ بتقطيع قُيودِك وقيودِ مسيحِك عليهم."

4ـ  والآن بعد الثلاثة آلاف التي ولّت

ها أنت، مُخلِّصَ الأنام، ترى تفاقُمَ السوء

الذي وجبَ أن يَنحَسِرَ وبتقلّص .

5ـ  وتلحظُ كم يتضاعفُ البلاء والشر

خِلافًا للمأمولِ والمرجو والمرصود

من الأنام والحُكّام بعدَ ذيوعِ رسالةِ مسيخِك.

6ـ  فقرونٌ عديدة من نهضةٍ وتنويرٍ للشعوبِ أنجبت

إنتشارَ بيوتِ العبادة ومعاهدِ الإيمان

وموَاعظ الهداية والرجاء والمحبّة

ومؤسسات "الأمن" والعدالة والسلام

لكنّ البشرية إنحطّت أخلاقُها، وساءت نزعاتُها

7ـ  أجل، يا رحمان، فَغِبَّ الثلاثين قرنًا

من انبعاثِ ذلك الصراخ وذاك الهتاف

8ـ ها أنت ترى أحوالَ عِبادِك بينَ لفيفِ الأمم!

وتُبصِرُ  سلوكّ ملوكِهم ورؤسائهم وأحزابِهم!

9ـ  وفد اتخذوا عبادَك حطبًا لنيران أطماعهم

وملأوا البسيطةَ وسماءَهاً جَورًا وفسادًا

وحروبًا وفجورَا وإرهابًا وكفرًا

وإلحادًا وانحرافًا وشذوذًا

وغمروا اليابسةَ والبحارَ والأجواءَ

بأطماعٍ لا تكتفي، بل غدَت لهم أربابًا.

10ـ  فحتّامَ، يا  قُدّوسً القدّيسين،؟

حتّامَ هذا السعير والسُعار

في الفجر والليل والنهار؟

وإلامَ هذا الخرابُ والدمار

وهذه الدماء وهذه الأحقاد؟!

11ـ  قبل عقود، يا حليم، أبلغتَ براياك عِبرَ الأتبياء

أنك ـ يا إلاه العدل والرحمة والحق ـ

أنت الذي تُعاقب وتقاصص الظالمين والأشرار.

12ـ وها إن عبادَك المؤمنين المضنَكين المسحوقين

ينتظرون إنزال عقابِكَ بآلافٍ من مُستحِقّيه

ويتطلّعون إلى إلحاقِ قصاصِكَ بآلافٍ من مُنكريه

في حين يسرحُ الظالمون والمذنِبون، ويمرح المجرِمون

وفي كل يوم يقضي بسببهم مليون بريء ومسكين

درًا وجهرًا وظُلمًا وعدوانًا !

13ـ حَجبتَ  عقابك، يا ألله، حتى الآن، فتمادى الطغاةُّ في غيّهم.

أجّلتَ قصاصَك، حتى اليوم، فأنكرَ وجودَكَ العُتاة والجُناة .

فالكبائر يقترفونها، والجرائر يجترحونها

ومع ذلك، ما برِحَ المؤمنون بقُدرتِك ومشيئتِك

ينتظرون رؤية نزولِ عقابِك وقصاصِك

على مُستحِقّيهما، وعلى مُنكِري صدورهما عنكَ.

14ـ  ربَّنا الحليم المُحيط بكلِ خافٍ ومُعلَن

يقينًا، أهلُ الصلاح والعِرفان علّموا البشرية

أنّ الطمعَ والتسلطنَ علّةُ  شقاء وشرور الآدميين

لكن الطامعين والمُتسلّطين نبذوا التعليمَ النبيل

وأبوا التخفيفَ من غُلوائهم في اهتمامهم

حتى إنهم لا يستغفرون ذنوبَهم، ولا يسترحمون جُودَكَ.

15ـ فإليكَ نبتهل يا ربَّ العبادِ والأكوان

أن تُسبِغَ على براياكَ أجمعين غيثَ رحمتك الشاملة

وغوثَ نورك الهادي، وعونَكَ لأجلِ إسعافِ الأرامل

واليتامى والمعدَمبن والمشرّدين

والمضطهَدين والمنكوبين والمهَجّرين.

16ـ  فأنت، يا رحوم، يا معوان

خيرُ مَلاذٍ ومَوئلٍ للأنام في كل أن

وفي ذا الآنِ العصيب هذه الأيام

فبلَ أن يَنفدَ صبرُكَ العجيب

ويَحلَّ يومُ إنزال غضبِك الصاعِق

على السلطات الغطريسة الباغية

وعلى البشريّة المتمرّدة عليكَ وعلى مسيحِك.

17ـ  رَحماكَ، اللهمّ، رحماك

فالمتّقون  يَعلمون أنّ في غضبِكَ المُقبِل

لا مكانَ فيه  لِ "نوحٍ" جديد قبلَ وبعدَ "الطوفان" الآتي

وما عادَ  يُجدي فيه وجود "إبراهيمَ" آخَر

ليرجوكَ تخليصَ أنفارٍ صالحين

من " سدوم " و "عمورة " هذا الزمان !

18ـ  فرحماكَ ،إلاهَنا، ربَّ الكل، رحماك !

ورِفقًا بنا ـ كما تشاءُ إرادتُكَ ـ وتَرتئي رأفتُك !

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

828 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع