بدري نوئيل يوسف
سلمان والأخت والسعلوة
حدثتني جدتي: كان يا ما كان وعلى الله التكلان، كان أيام زمان رجل وامرأة، رزقا بعشرة اولاد ولديهم قطيع من الاغنام ويخرج الصبيان لرعي الاغنام يكسبون معيشتهم من حليب وجبن وصوف، وكانت المرأة تتمنى أن ترزق ببنت لكي تساعدها في اعمال المنزل، وكانت تقول اتمنى أن ارزق ببنت حتى لو كانت سعلوة1.
مرت الايام وحملت المرأة وولدت بنت لكنها كانت بيد واحدة ولها أنياب، تحملت الام والعائلة هذه المصيبة واعتنت بالبنت وكبرتها اصبحت شابة.
في يوم من الأيام وأثناء عودة الاولاد من رعي الاغنام وقبل إدخالهم الحظيرة يعدون الاغنام، شعر الاولاد أن الاغنام ناقصة، بعدما أخبروا والدهم طلب منهم أن يحرسوا القطيع ليكتشفوا سر النقص، في اليوم الاول قام الاخ الكبير بالحراسة لكنه لن يقاوم النعاس فنام، وفي الصباح عدوا القطيع وجدوه ناقصا، وهذا الحال قام الاخوة الى رقم تسعة بالتناوب لحراسة القطيع، لكن النوم يغلبهم وتنقص الاغنام ولن يعرفوا سبب النقص.
جاء دور الصغير وأسمه (سلمان) وعرف ان اخوانهم ينامون أخذ دلو مملوء بالماء وعلقه على شجرة وجلس تحته وجعل الدلو ينقط قطرة قطرة على رأسه لكي يبقى صاحي، وبعد منتصف الليل شعر بحركة بين القطيع انتبه على مصدر الصوت، وإذا بأخته تأخذ الخروف وتكسر عنقه وتبدأ بأكله، ركض سلمان وأخبر والده أن شاهد أخته المعوقة تأكل الخروف وهي التي سببت بنقص القطيع، لكن الاب والأم لن يصدقوا كلامه .
وهكذا مرت الايام والقطيع يفقد كل ليلة خروف الى أن قضت على القطيع كله، وباشرت الاخت بأكل إخوانها الواحد تلو الاخر واختفى الجميع عدا سلمان الذي كان ينبه امه وأبيه ولن يسمعوا ما يقول، ولم يكن بيده حيلة حتى ركب حصانه وهرب قبل مجيء دوره .
في الطريق مر على كوخ قديم يعيش فيه شيخ عجوز وعنده ثلاثة كلاب سوداء قوية تحرس الكوخ، استقبل العجوز سلمان ورحب به وضيفه في كوخه وبدأ ينظف ويطبخ للعجوز وحكى قصته مع اخته.
فرح الشيخ بوجود سلمان معه وطلب منه ان يبقى فترة من الزمن، مرت الايام وتذكر سلمان أمه وأبوه، وماذا حل بهم وما هي اخبار أخته، نصحه العجوز أن لا يذهب، لكنه اصر على الذهاب، وعليه اعطى العجوز شعرة وقال له: متى وقت بضيق احرق هذه الشعرة.
امتطى سلمان حصانه وسافر نحو قريته وديار اهله فلما وصل تفاجئ بأن منزلهم اصبح خرابه، ووجد اخته السعلوة جالسة داخل غرفة وسخة وشعرها طويل، وأصبحت ضخمة تخوف، شاهدت اخوها رحبت به وجلس بجانبها يسألها عن أمه وأبوه، هزت رأسها أنها ما تعرف عنهم أي شيء، بعد فترة من الزمن تركت سلمان وتوجهت نحو الاسطبل حيث يوجد حصان سلمان، اكلت احدى ارجله وعادات الى الغرفة التي فيها سلمان وسألته: حصانك بأربع ارجل أم بثلاثة؟ فهم سؤالها وعرف ما قصدت وقال لها: حصاني بثلاثة ارجل، بعد مضي بعض الوقت خرجت الى الاسطبل وأكلت الرجل الثانية للحصان وعادت سألته حصانك بثلاثة ارجل ام اثنتان ، فقال لها: لا حصاني باثنتين، وهكذا اكلت الثالثة والرابعة وكل مرة تسأله، بعدها قالت له: حصانك بدون ارجل، عرف سلمان أن اخته اكلت ارجل الحصان، ثم اكلت رقبته وسألته: حصانك برقبة ام بدون. وأخيرا عادت من الاسطبل وسألته: أنت جئت مشي ام راكب حصان؟ وفهم أن اخته جوعانة وأكلت الحصان بالكامل وجاء دوره وندم لأنه لم يسمع كلام الشيخ العجوز.
وقع سلمان في مأزق كبير وكيف يهرب فكر قليلا ثم اخذ بريق ماء وقال لها، سأصعد للسطح أتوضئ واصلي
صعد للسطح وجعل الابريق ينقط قطرات نحو الداخل وقفز للشارع وهرب باتجاه البساتين
شهرت الاخت ان اخاها تأخر وبدأت تنادني (يا أخي ما اكثر بولك) لم يرد عليها صعدت للسطح لم تجده عرفت أنه هرب شمرت عن سيقانها ولحقت خلفه.
وصل سلمان الى البستان وكان داخلها ثلاثة شجرات تين كان يلعب بالقرب منها، ويأكل التين عندما كان صغيرا، صعد فوق الشجرة واخفى نفسه بين اوراق الشجرة، وصلت أخته السعلوة الى البستان تبحث عنه وصارت تنشر الاشجار الواحدة تلو الاخرى حتى نشرت الشجرة التي فوقها ثم انتقل الى الشجرة الثانية والثالثة ونشرتهم وقبل أن يسقط على الارض تذكر شعرة الشيخ العجوز، اخرج الشعرة وحرقها وخلال لحظات حضرت الكلاب الجارحة التي كانت تحمي الكوخ وهجمت على السعلوة وافترساها وتركوها عظاما مرمية في البراري، رجع سلمان الى الكوخ يقدم شكره للشيخ العجوز وعاش معه بالفرح والسعادة . وكنا عندكم وجئنا.
1ـ (تعني كلمة سعلوة أو سعلاة، شخصية شيطانية أنثوية، السعلوة شكلها غريب ومخيف، فجسمها مليء بالشعر كأنها قرد، لكن لديها قدرة على التحول في شكل امرأة جميلة حسنة الشكل طويلة القد، ومرتبة الهندام، تغري الرجال ثم تفتك بهم وتقتلهم، ويقال أيضا أنها إذا اعجبت برجل ما تخطفه تحت النهر وتتزوجه وتنجب منه اطفال وتعيده بعد سنين.)
2975 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع