محمود الوندي
تفخر جميع المدن بأبناءها الذين نشروا لها ذكرياتها وخطوا لها مسارتها وتاريخها ، على ضوء أنساقهم الأدبي والعلمي والفني والرياضي ، ويتجذر مدينة خانقين بعمق الثقافات التي ولدت الشخصيات الذين يشكلون هوية المدينة ، وكانت الاديبة والروائية الكوردية الخانقينية احلام منصور والتي كانت مثالا للتمرد والرفض في الحياة لبصمتها البهية في وجدان هذه الهوية ، لانها طرزت على صفحات الصحف والمجلات أجمل القصص والكلمات ،
ورسمت مسار الواقعية عند القصة الكوردية وبث فيها روحها النقية الحية قبل ان تعاني من مرض العضال الذي طوتها بعيدا عن الركن الادبي والثقافي .
احلام منصور تعد من الاقلام النسائية الكوردية الرائدة في مجال كتابة القصة والرواية ولها اكثر من رواية ومجموعات قصصية كثيرة ، تناولت في اغلبها واقع الحياة في مدينتها خانقين واستحضرت فيها الشخوص والوقائع والتطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية فيها . وكما كتبت القصص القصيرة باللغتين العربية والكردية ، ولديها ثلاثية باسم "الوند" مكتوبة باللهجتين السورانية والآرية . وتركن قصصها الى شكوى والآنين والآلم مع الإنسان ، لانها كانت بالغة الحساسية واعية لما يجري حولها اجتماعيا وسياسيا .
تعد احلام منصور من الكتاب المجددين في القصة الكوردية منذ سبعينات القرن الماضي ، وقدمت من نتاجاتها والكتب المهمة الى المكتبة الكوردستانية ، وكانت اسما بارزا في الحركة الثقافية والادبية المعاصرة في العراق وفي اقليم كوردستان ؛ وتظل اعمالها الادبية التي على الرغم من ندرتها ترقى الى مصافي الادب الراقي في كوردستان والعراق ، ورحليها خسارة كبيرة للثقافة الكوردية والعراقية والمكتبة الكوردستانية التي رفدتها الراحلة بالعديد من المؤلفات القيمة .
يا ابنت خانقين كنتِ حاملا الامنا ومعاناتنا من تعذيب وترحيل وتعريب وتغيير ديموغرافة مدينتتنا على الأيدي فلول نظام البعث ، لذلك كرهتِ الظالمين والطغاة ، ورسمتِ لكوردستان مسار الواقعية في القصة الكوردية وصنعتِ من معاناة الإنسان ومأساته أروع القصص واخذتِ تسرد كوارث مدينتك وألام أهلها . نعم لقد رحلتِ عنا جسداً وليس روحاً فروحكِ ما زالت ترفرف في سماء كوردستان بصورة عامة وسماء مدينة خانقين بصورة خاصة . ويبقى أسمكِ على مر السنين وفي ذاكرة الأيام كالجبل الكوردي الشامخ .
حقأ إنها فاجعة كبرى ان تفقد مدينة خانقين إحدى مثقفاتها وهي زميلتنا " احلام منصور" التي تركت بصماتها على صفحات الجرائد والمجلات ، وخلفت تراثاً ممسقاُ من العطاءات ، وكانت متجذراٌ بحب مدينتها خانقين واهلها ، وأصالتها للأخلاق والإنسانية ، وبعدها عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية ، لذلك اصبحت عنوانا عريضا للأفتخار والشهامة. نعم لقد فجأنا عندما قرأنا نعيكِ على موقع الشفق وموقع النور ، وحمل الجميع من معارفكِ وأصدقائكِ من الألم والأسى ، وتركتِ لهم مرارة الحزن والفجيعة .
1098 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع