بثينة خليفة قاسم
زيارة وزير الخارجية الإيراني لمصر أمس الأربعاء هي بكل المقاييس صيد في الماء العكر، حيث تسعى إيران جاهدة منذ قيام الثورة المصرية إلى دق إسفين كبير بين مصر وبين دول الخليج. والآن جاءت الفرصة المناسبة لدق هذا الاسفين وإخراج مصر من معادلة أمن الخليج لسببين واضحين الآن أولهما:
العلاقات المتوترة إلى حد ما بين دولة الامارات العربية المتحدة وبينها، على خلفية الحملات المتبادلة بين الفريق ضاحي خلفان مدير شرطة دبي وبين جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المصري محمد مرسي، والتي زاد توترها خلال الأيام القليلة الماضية عقب قيام الامارات باعتقال خلية تابعة لجماعة الإخوان تعمل على أراضيها، وهو ما لم تتقبله جماعة الإخوان التي سعت بدورها إلى الافراج عن أفراد هذه الخلية عن طريق وفد مصري ضم رئيس مخابراتها، ولكن يبدو أن الامارات تمسكت بأن القضاء هو الذي يحسم هذه القضية، وهذا حقها، ولكن المحصلة النهائية هي زيادة حالة الفجوة بين البلدين إن صح هذا التعبير. وثانيهما: الحالة العصيبة التي يمر بها الاقتصاد المصري في الوقت الحالي وانخفاض الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي إلى الحد الخطير ووقوف الاقتصاد المصري على حافة الخطر، وسعي الحكومة للحصول على قرض قيمته 4. 8 مليارات دولار من البنك الدولي. ومما لاشك فيه أن مصر في هذه المحنة كانت تنتظر الدعم من شقيقاتها الخليجيات بدلا من اللجوء لصندوق النقد الدولي الذي يضع شروطا لا تخدم إلا مصالح الكبار، ولكن هذا الدعم لم يف بتطلعات مصر ذات الاقتصاد المتداعي. هذان السببان يكفيان في اللحظة التاريخية الحالية لكي تطل إيران برأسها وتسعى إلى مصر، ليس حبا فيها، ولكن سعيا لتدمير العلاقات العربية العربية وخلق معادلات جديدة في المنطقة بعد سقوط النظام السوري الموالي لها. ونحن لا نلوم على أحد في الموقف الحالي ولكننا نريد أن ننبه إلى أن أمن مصر وبقاءها هو من أمن دول الخليج وبقائها وأن الأمة العربية في هذه اللحظة العصيبة لا تحتمل المزيد من التمزق والانهيار، ولذلك نتمنى على عقلاء العرب أن يقفوا إلى جانب مصر في هذا الوقت الصعب حتى تمر من كبوتها الاقتصادية وتعود كما كانت عمقا وسندا لأمتها العربية. ولا يجب مطلقا أن يترك العقلاء أزمة المصريين المعتقلين في الإمارات تكبر وتتحول إلى عقدة يصعب حلها، ويجب أن تكون هناك مكاشفة وشفافية تامة حول هذه الأزمة حتى تزول الشكوك التي تحيط بها حرصا على بقاء علاقات الأخوة بين مصر والإمارات وكافة دول الخليج العربي. إيران لن تكون البديل الصحيح لمصر إذا أحجمت شقيقاتها الخليجيات عن الوقوف إلى جوارها، ولكن العكس هو الصحيح، فالتقارب المصري الايراني يضر بمصر وبدول الخليج معا ولا يفيد إلا إيران وحدها. ونحن لا نخاطب دول الخليج وحدها هنا، ولكننا نخاطب مصر أيضا، فلابد أن تراعي هي الأخرى الحساسيات التي تثيرها أية محاولات للتقارب مع إيران.
971 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع