من حكايات جدتي ... الثامنة عشر

                                        

                        بدري نوئيل يوسف

         

القاضي وبائع الدجاج  

حدثتنا جدتي عن المثل (طلع منها مثل الشعره من العجين) قالت :
تخاصم جارنا أبو البنات مع جارنا المطيرجي الذي لا يرتاح لمجاورته لأنه يقضي اكثر اوقاته فوق السطح العالي مما يمنع أم البنات من الصعود لتعليق الملابس المغسولة على الحبال، لكن كان سبب الخصام أن ام البنات وضعت صواني عصير الطماطة لتجف وتوسخ المعجون بريش الطيور بالإضافة لوقوفها فوق ستارة السطح وتوسخت بفضلاتها، مما ادى بهما الذهاب الى مركز الشرطة ، وكان مأمور المركز بدرجة مفوض يحب المزح والفكاهة، ولا يأخذ بشهادة (المطيرچي) لأنه دائمُ النظر إلى السماء لمراقبة الطيور وهذا يعني أنه لا يهتم بالأحداث التي تجري على الأرض ولأنه يحلف أو يقسم بالله وكتبه ورسله على أتفه الأشياء، و يكثر من الايمان التي يحلفها كاذبا في سبيل تحقيق ملكية طير يدعي انه صاحبه وهو لسواه، والشهادة تقتضي تعظيم اليمين والالتزام به.
وعند عرض القضية للمفوض اودعهم التوقيف ولا يرد على أي منها، وبعد اكثر من ساعة استدعاهما وفتح تحقيق معهم وقدم لهما عرضا بدل ما يحيل دعواهم الى حاكم التحقيق وطلب من المطرجي ان يضع صواني عصير طماطة فوق السطح وطلب من أبو البنات شراء طيور ويربيها ويكشها حتى توسخ ستارة منزل المطيرجي وصواني عصير الطماطة ويتعادلان، احتار الاثنان بهذا العرض ثم تشاور أبو البنات والمطرجي بينهما وهكذا تنازل ابو البنات عن دعواه وتصالحا وأغلقت الدعوة .
استمرت جدتي بالحديث وقالت: ما فعله المفوض ينطبق على حكاية القاضي وبائع الدجاج .
كان يا ما كان في قديم الزمان، رجل اشترى الدجاجة الاخيرة التي كانت لدى بائع الدجاج ودفع ثمنها وطلب منه ان يذبحها، ذبح البائع الدجاجة ثم قال للبائع: نظف الدجاجة وقطعها حتى أكمل مشاوري لشراء بعض الحاجيات من السوق، وأعود لأخذ الدجاجة المقطعة، وافق البائع وقال له: ربع ساعة وتعال تلقاها جاهزة.
لم تمضي بضع دقائق مر القاضى على البائع وقال له :أعطني دجاجة ، رد البائع: لقد بعت الدجاج جمعيا ،وما عندي إلا هذه الدجاجة المذبوحة وهى لرجل وسيعود خلال دقائق لأخذها، قال القاضي: أعطنى اياها وإذا جاء صاحبها قول له الدجاجة طارت، تعجب البائع وقال: كيف تطير الدجاجة ؟ وهو تركها مذبوحة حتى انظفها. ابتسم القاضي وقال: اقول لك: قول له الدجاجة طارت واتركه يشتكى ولا يهمك، وافق البائع على طلب القاضي واخذ الدجاجة ورحل بعد دفع ثمنها مرة ثانية للبائع.
عاد الرجل صاحب الدجاجة طالبا دجاجته المذبوحة والمقطعة، فقال له البائع: دجاجتك طارت ،صرخ الرجل بصوت عالي:كيف تطير وأنتَ ذبحتها امامي، صار بينهما شد فى الكلام وصراخ وتشابكا بالأيادي، وتدخلت الشرطة وأخذتهما للقاضي ليحكم بينهما، في الطريق شاهدا اثنان يتشاجران واحد مسلم والثاني مسيحي تدخل البائع ليفك بينهما (يعنى يفرق بينهما) ولكن اصبع بائع الدجاج دخلت في عين المسيحي وفقعها، تجمع الناس ومسكوا البائع واتهموه بفقع عين المسيحي ولكنه هرب فركضت الشرطة والناس خلفه ليمسكوه دخل احد المساجد وهم وراءه وصعد فوق المنارة وصعدت الشرطة خلفه ومن خوفه منهم قفز من فوق المنارة نحو الارض، وبالصدفة سقط فوق رجل عجوز جالس تحت المنارة  فمات العجوز من اثر سقوط البائع عليه، وكانوا اولاد العجوز قريبين منه وشاهدوا ابوهم قد مات والتحقوا مع بقية الناس والشرطة لكي يمسكوا البائع ويأخذوه للقاضي، وأخيرا استطاعت الشرطة امساكه وأخذه الى المحكمة.
فلما شاهد القاضى البائع والناس معه ضحك عرفه لأنه يعرف قصة الدجاجة ولا يدري ان البائع علية ثلاث قضايا: سرقة الدجاجة وفقع عين المسيحي، وقتل الرجل العجوز.
عرضت القضايا على القاضي وبدأ يفكر ثم قال: نأخذ القضايا وحده بوحدة وطلب من الحاجب ينادي على  صاحب الدجاجة، فقال القاضى للمدعى الاول صاحب الدجاجه: ما هي شكواك او دعواك على بائع الدجاج.
فقال صاحب الدجاجة: يا قاضى تركت دجاجتي مذبوحة عنده من اجل ان ينظفها ويقطعها وذهبت للسوق لشراء بعض الحاجيات وعند عودتي يقول دجاجتك طارت. سأله القاضي: هل تؤمن بالله، أجاب صاحب الدجاجة: نعم اؤمن بالله .قال القاضي:(ألا تعلم بأن الله يحيي العظام وهى رميم) هيا اخرج وليس لك على البائع اي حرج او ذنب
ثم نادى الحاجب على المدعي الثاني . دخل المسيحي ووقف أمام القاضي وقال: له هذا يا قاضي البائع فقع عيني .
بدا القاضى يفكر للحظات وقال القاضى للمسيحي: دية المسلم لغير المسيحي النصف يعنى نفقع عينك الثانية حتى تفقع عين وحدة للمسلم (البائع) فقال المسيحي: انا اتنازل عن دعواي ولا اريد منه شيئا.
فقال القاضى : ادخلوا اصحاب القضية الثالثه . دخل اولاد الرجل العجوز الذي توفى وعرضوا قضيتهم وشرحوا للقاضي كيف قفز البائع فوق ابوهم من اعلى المنارة وقتله. فكر القاضى وقال: خذوا البائع وأجلسه تحت المنارة وواحد منكم يقفز فوق البائع فقال احد الاولاد للقاضي: وإذا تحرك يمين او يسار يمكن القافز يسقط على الارض ويموت. فقال القاضى: والله هذه ليست مشكلتي فأبوك لماذا لم يتحرك يمين ويسار .
فطلع البائع من القضايا الثلاث (مثل الشعرة من العجين) .
نلتقي في حكاية جديدة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2114 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع