عبدالله عباس
منذ أنتكاسة حزيران 1967 وسيطرة الدولة العبرية على كامل الاراضي الفلسطينيه ‘ أصبح عدم السماح بظهور الارادات الوطنية في المنطقة من الامور الاستراتيجية في تعامل مصدر القرار في الادارات الامريكية المتعاقبة وذلك لمنع اي تغير مهم يؤثر على مستقبل تلك الدولة ونتائج حرب حزيران بالإضافة الى ثوابت سياستهم فيها والذي بدأ بتنفيذها بدقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس تلك الدولة في قلب المنطقة ‘
فكان التخطيط لتنفيذ سياستهم تتم تحت عنوان ( العمل من أجل بناء الديمقراطية ) في منطقة الشرق الاوسط ‘ رغم أن هذه كذبه وإدعاء واضح للجميع حيث ان اقوى الانظمة المسيطرة في المنطقة كانت ( وكثيرهم لايزال ) يقوى بتحالفها مع سياسة امريكا في المنطقة لان تلك الانظمة حريصة على ضمان متطلبات الهيمنة الامريكية ولم يكن الحفاظ على هذه الضمانة بالنسبة للادارة الامريكية مرتبطة يوماَ بنوعية تعامل حلفاءهم مع شعوبهم في العالم .
وتأريخ دعم الادارات الامريكية للانظمة الديكتاتورية في العالم معروف للجميع من امريكا اللاتينية الى الشرق الاوسط وجنوب شرقي اسيا وادواره القذرة للمخابرات المركزية في تنظيم انقلابات دموية لاسقاط اي انظمة تتخذ موقف معارض للهيمنة الامريكية ‘ ومعروف ايضاً ان تلك الادارات عندما كانت تشعر بأن بقاء اي نظام مهما كان متحالفاً معها يضر بمصالحها الاستراتيجية ‘ تقوم بالتحريك لاسقاطها وموقفهم تجاه شاه ايران الذي كان من اقوى واخلص الحلفاء لاهداف امريكا في المنطقة والذي سميت عملية محاولة لاختطافه للمساومه مع حكام ايران الثورة بـ( ذيل الفار) معروفة
ولأن كما قال يوماً ماركس : ان النظام الرأسمالي يحمل في داخله مكونات تدمير‘ وهذه من ثوابت الامور عندهم فيمن بيده القرار في الادارة الامريكية ولكن طريق الادامة يكمن ما مكونهم الدخلي بحاجة الى اعادة النظر عند حدوث انعطافات حادة ‘ من هنا كل عشرة اعوام تقريبا او اثناء حدوث اي حدث مؤثر في منطقة الشرق الاوسط ‘ تقوم الجهات المرتبطة بمصدر القرار في الادارة الامريكية ( مخابرات المركزية و هيئات المتنفذة في القوات المسلحة و الهيئات المسيطرة على الاقتصاد والصناعة ....ألخ ) بعقد اجتماعات العمل لإعادة النظر ببرامجها لتنفيذ استراتيجياتها دون الاقتراب من اهدافها الثابتة والطويلة الامد التي وضعت منذ بدء تنفيذ اجندات الهيمنة على المنطقة .
فبعد حادثة 11 ايلول 2001 و بحجة مكافحة الإرهاب خطط للتدخل المباشر في المنطقة واضافت عليها افغانستان الدولة الفقيرة التى حولتها امريكا بتصرفاتها العدوانية الى بؤرة انطلاق الارهاب أصابت شظياها اهداف الادارة الامريكية في جميع العالم الاسلامي عموماً و الشرق الاوسط على وجه الخصوص فاقدمت امريكا على تخطيط لغزو أفغانستان والعراق . ومنذ دورها العلني في ظهور منظمة القاعدة الارهابية يعرف العالم ان دورالادارة المتنفذة في امريكا في التعاطي مع كل الحركات الارهابية واخرها تنظيم داعش اقتصرت على صدهم واحتوائهم والحد من تقدمهم ولكن دون إنهاء خطرهم وتهديدهم ‘ واسلوبهم المختار لتنفيذ متغيرات تعاملهم لادامة الفوضى في المنطقة وحسب خصوصية التحولات الجيوإستراتيجية التي ألمت بمنطقة الشرق الأوسط من بعد الحرب العراقية الايرانية ‘ أقتضت هذه التحولات أن تنحو واشنطن باتجاه تركيز الاعتماد الإستراتيجي خلال الفترة المقبلة على الفاعلين السياسيين دون الدولة في المنطقة بدلا من الفاعلين التقليديين على مستوى الدول بعد ان اصبح الكثيرين من حكام المنطقة ضمن القوى ذى دور مستهلك في حسابات الخطة الامريكية الجديدة والذي ازدادت اتجاه تمسكهم بهذا الاختيار هو ظهور الانتفاضات الشعبية التي سميت بربيع الشعوب في المنطقة المنتفظة ، وجاءت فكرة فتح الطريق وبطريقة غير مباشره لبعض الاتجاهات الفاعلة في المنطقة كـ "الإخوان المسلمين" والاخرين بطريقة غير مباشرة كـ "داعش" و"جبهة النصرة "و"الحوثيين" وغيرها تمهيدا لتوظيفها في عملية تنفيذ المشاريع الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا بهدف منع الاستقرار المؤسس على ركائز التعاون الاختياري لشعوب المنطقة لتضمن بذلك منع أي استقرار وسلام وتطور فيها من خلال حروب اهلية ودولية تبقيها دائما ضعيفة متوترة متخلفة. واللجوء احيانا الى التدمير الشامل لبعض البلدان حسب النموذج العراقي، لكي يتم فيما بعد اعادة بنائها بالصورة الملائمة تماما لمصالح امريكا، حسب المبدأ المعروف: النظام ينبثق من الخراب ....!! فكانت عملية احتلال العراق وافغانستان والمخطط الجهنمي لاجهاض الانتفاضات الشعبية في المنطقة و ادامة الحرب القذرة في سوريا كلها تدخل في إطار توجهات انبثاق مستقبل يضمن طموحات ستراتيجية بعيدة المدى على انقاض هذا الخراب الشامل ...!! أي العمل على تهيأة جميع الاسباب لتدمير المنطقة بكاملها من اجل إعادة تكوينها بحيث تكون استمرار الستراتيجية التاريخية لهيمنتهم مضمونة ‘ وضمن هذه الخطة تريد مصدر القرار في الادارة الامريكية تظهر كمصلح لحال الخراب لصالح الاستقرار ولكن نتائج دورها واضح في القول : ان قدر كبير من حديث الإصلاح يندرج تحت بند النوايا التي في الصدور، كما أن قدرًا كبيرًا من حديث الفوضى يندرج تحت بند المعلوم من أمور الواقع و واضح بالضرورة ، والجمع بين المصطلحين لابد وأن يثير جدلاً لن يحسم بسهولة حول الفعل والمقصد من وراء الفعل .
1015 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع