عباس العلوي
مابعد داعش!
الكل مشغول الآن بطركَاعة داعش / حكومة بغداد وكردستان / القوات المسلحة بصنوفها المتعددة / الحشد الشعبي بكل اطيافه / الامريكان / النازحون / العشائر / النجيفيان الذين باعا الموصل / الاعلام الحكومي يتحدث عن انتصارات عسكرية هنا وهناك / لكن لا أحد يتحدث عن مصير العراق بعد داعش ؟! / ربما عندما ينجلي غبار العاصفة / سيفاجىء كل طرف صنوه الاخر بما لايعجبه / صراع طاحن مصبوغ بلون الدم مابين الأخوة الاعداء / الفائز فيه خاسر/ الرابح الوحيد فيه امريكا واسرائيل / وليس من السر القول ان من يلعب على مسرح الاحداث الآن / قد أعدّ الرجال / وجهز الخطط / وكنز السلاح / واطلق العيون / واسند ظهره على واحدة من دول الجوار / تحسبا لاقدار الساعة الموعدة التي ينتظرها عزرائيل قبل غيره من فرسان السلاح !
كردستان تظن انها ستكون في بحبوحة الامان بعد حفر الخندق الذي سيرسم حدودها الجديدة لكنها للأسف سوف تفتح ابواب جهنم عليها / كل ما انجزته في العشرين سنه الماضية سيذهب مع الريح بصواريخ وراجمات اللهب من الواقفين خارج الخندق وبالفخاخ السياسية الملغومه من احزابها داخل الخندق / وليس حال السنة العرب بأفضل حال من الاشقاء الكرد فمن ورطهم سابقا بشعار
< قادمون يابغداد وقادمون ياطهران > واجلسهم لاحقا في خيام النازحين ينظرون بحسرة الى [ ديار ليلى ] التي اضحت خبراً من الاخبار / هؤلاء انفسهم غدا سيتعاملون معهم كما يتعامل السيد مع العبد / الرجال خدم / النساء رقيق ابيض تحت الطلب / شيوخ العار مع العاهرات في فنادق عمّان ودبي ! / اما الشيعة الذين يعتقدون ان ايران تجعلهم غدا يمشون كالطاووس على بساط احمر سيجعلونهم حطباً جاهزاً < لصواعق ابن حجر المحرقة > ب 35 مليشيا تنتظر الاشارة فقط
ولتقريب المعنى اكثر / اشير الى الأنفلات الامني الذي حصل مؤخرا في الاحتجاجات الشعبية التي ازاحت الاسوار الكونكريتية في المنطقة الخضراء واقتحمت على اثرها مبنى البرلمان العراقي وعبث العابثون في محتوياته / سادت شريعة الغاب / استهدف فيها بعض النواب الذين تحولوا في لحظة خاطفة الى صيد سهل / تعامل المندسون معهم امام كاميرات البث المباشر بطريقة مذلة ليس لدافع وطني بقدر ماهو تصفية حساب حزبي قديم جديد / هذا المشهد المضحك المبكي يترجم لنا مقدار انكسار هيبة الدولة والعداء الخفى المستحكم بين الكتل السياسية المتصارعة على الحكم /
والسؤال هنا : ماذا لو توسع خلاف حرامية السلطة اكثر وفقا لتضارب المصالح ؟ ماذا لو انتهى الفيلم الداعشي الذي شغل الجميع ؟ ماذا لو انهارت مؤسسات الدولة التي بُنيت اساسا على المحاصصة الحزبية ؟ الجواب سيكون عند مليشيات الاحزاب التي تم اعدادها لمثل هذه الساعة كي لايطير < الجمل بما حمل > منها بطرفة عين / للأسف هذا ماسيحصل في عراق ما بعد داعش / اذا لم تتدخل السماء بأقدارها / شاعرتنا ميسون الرومي اطرقت سمعنا بواقع الحال المزري :
احثاله اتسيّدَت ماندري جتنه امنين / طمغوهه الكَصص باكَونه باسم الدين
احزاب وكتل عَ الشعب متفقين
ولو تصفحنا سيناريو المشهد الثاني نجد في الاشهرولاسابيع الماضية تكررت زيارات شبه يومية لقادة البيت الابيض من وزراء وجنرالات البنتاغون وصعاليك الكونجرس الامريكي معتمرين قبعة الكابوي البقري / جسّوا فيها نبض خرفان السلطة في بغداد / وتحركات الجيش الذي حجبوا عنه معدات السلاح المدفوع ثمنه سابقا / واعصار الحشد الشعبي الذي عصرهم < كأعصار ساندي >
كل هذه الزيارات المكوكية ليست بعنوان الخلاص من داعش كما نراه في الاعلام بقدر ماهو رسم خارطة مستقبلية جديدة لدولة الطوائف والاثنيات لكي تحمي بها امن اسرائيل ومصالح العم سام !
اما من باع نفسه بوعود مزيفة للسلطان التركي الذي يجر بأذيال < الرجل المريض > وماضيه القبيح / ستقام له غدا < حفلة على الخازوق > لاتختلف عن الرائعة التي اتحفنا بها الكاتب المصري الكبير محفوظ عبد الرحمن / تاريخ آل عثمان الحافل بالغدر تحدث كثيرا عن احباب الامس الذين اجلسوهم على الخازوق لاحقا !ً
احزاب العار دائما ماتتمشدق بطركَاعة < المؤامرة > على العراق الذي يسير بخطى نحو ديمقراطية راسخة وفق إداعائها المزيف/ لكنها لاتتحدث عن انياب ذئابها الجائعة وصراع الثيران الذي جعلها فرجة للعالم كله / فلا غرابة اذن لمن اتى بهم الى سدة الحكم في ظلمة الليل ان يجعل الشعب المبتلي بهم يدورو في طاحونة داعش ويقبل ان < شاء أم ابى > بمشروع التقسيم / بدأنا للأسف نرى الآن كتاب كبار يرحبون بمشروع < بايدن > القذر على انه باب من ابواب الرحمة / لكل هؤلاء اقول ماقاله الشاعر المبدع طرفة بن العبد في معلقته الشهيرة وهي مسك الختام لهذا المقال !
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لاتهلك اسىً وتجمّل
وأنّي لأقضي الهمّ عند احتضاره بعوجاء قردالٍ تروح وتقتدي
ألا ايها اللائمي احضر الوغى وأن شهد اللذات هل انت مخلدي
فأن كنت لاتستطيع دفع منيتي فدعي ادبارها بما ملكت يدي
كريم يُردي نفسه في حياته ستعلم غدا أيُنــُــا الصدي
ارى الموت يعتاد النفوس ولاأرى بعيدا غدا ماأقرب الموت الى غد !
يلوم وما أدري علامَ يلومني كما لامني في الحي فرط بن معبد
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة على المرء من وقع السهام المهند
ارى الموت لا يرعى على ذي جلالة وإن كان في الدنيا عزيزاً بمقعد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار مالم تزَوّد
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
للحديث بقية
السويد في : 11/ 5 / 2016
1128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع