حادثة غريبة وقعت مساء يوم 28/11/2012 مازالت منشورة بعض تفاصيلها في كاردينيا عن شاهد عيان كان قد حضر ملابساتها. يتبين من وقائع النشر أن شخوصها عراقيون وأجانب يعملون في مخيم حقل الغراف النفطي الواقع ضمن المنطقة التي تسكنها عشيرة بني ركاب بين قضاء الرفاعي وناحية القلعة شمال محافظة ذي قار.
طرفها الاول شركة بتروناس الماليزية لانتاج النفط والغاز، وطرفها الثاني أبناء المنطقة بانتماءاتهم العشائرية المجردة، وتقديراتهم لمجريات الاحداث الخاطئة.
طبيعتها وتبعا لما جاء على لسان المهندس راوي الحادثة، أن بالونات علقت في مطعم المخيم من قبل الشركة الكويتية المجهزة للطعام، أحتج عليها العاملون العراقيون، بعد أن حسبوها إجراء احتفالي مقصود يوم دفن الامام الحسين عليه السلام، وزادوا عليها من عندهم تفسيرات أن ما يجري هو تقليد ابتهاج ماليزي بمقتل الامام عليه السلام، على يد جيش يزيد بن معاوية، ورغم تأكيد المدير الماليزي على أن ما جرى هو مسالة روتينية شهرية لاضفاء البهجة على العاملين، وانه لا يعرف بالتقاليد الجارية في محرم، وقيامه بالاعتذار ورفع البالونات فورا.
يتبين من النتائج المترتبة أن المصابين بداء الوشاية شغلوا هواتفهم النقالة ونشروا الخبر باضافات مثيرة، جلبت الشرطة وجهات استخبارية للتحقيق في موضوع لا يستحق الاستفسار، وتم منع العاملين من الخروج والدخول الى المخيم دون مبرر، وكأن الشركة والمخيم مصدر الارهاب الجاري في البلاد. والانكى من موقف الشرطة وتدخلها حضور العشيرة لاستثمار الفوز، عندما استنفرت شبابها والصبية، وحثتهم على حمل السكاكين والعصي، واخترقت صفوف الشرطة التي لم تحرك ساكنا رغبة من بعض افرادها باستثمار الفوز ايضا او خوفا من الدخول في مصادمات مع ابناء العشيرة، فانهارت الدفاعات ودخل الجمع الى المخيم، ليكسر ويهشم وينهب. ومع هذا بقىّ الامر في حدود التصرف المألوف للعشائر العراقية في تعاملها مع منتسبي الدولة، الا أن غير المألوف هو الهتاف الذي دخل به الجمع الى المخيم في مساعي الاستثمار (لبيك يا حسين).
ان ما روي على لسان المهندس الذي دعمه بشريط فديو يعني ان البعض من العاملين بالشركة قد فقدوا أحترام مسؤوليهم الاجانب لان بعضهم قد أدرك الواقعة بطريقة غير صحيحة وقام بالاتصال بجهات شعبية ودينية ورسمية بقصد اشعال فتنة، ويعني ان العشيرة التي تدخلت بطريقة فوضوية بقصد الحصول على منافع من الشركة التي تعمل ضمن مناطقها، ستقلل من احترام الدولة لدى الاجانب وستضعفت مؤسساتها في التعامل المستقبلي معهم، وبالتالي ستحول دون مجيء الشركات المحترمة للعمل في المنطقة وربما في باقي انحاء العراق.
ويعني من جانب آخر ان اقحام الشعائر الحسينية النبيلة في اثناء عمليات الاعتداء والنهب كارثة دينية واجتماعية، لا تتعلق آثارها السلبية على نظرة الاجنبي الى العراقي دونيا فقط، بل وعلى عمليات الربط العقلية بين فعل الخطأ والشعيرة الدينية، التي ستدفع في حال تكرارها الى سلوك هدم لاركان الدين والدولة في آن معا.
ان تاريخ تعامل العشيرة العراقية الطويل مع الدولة لم يكن ايجابيا منذ تأسيسها وحتى وقتنا الراهن، وستبقى هكذا معول هدم للاستقرار، وحاجز اعاقة للتقدم والرفاه. وهي وان سخرت بنادق ابنائها للمساهمة في حماية الحكم مرة، ووعدت بحشد اصوات ناخبيها لدعم الحاكم مرة أخرى، فان الخسائر التي تتسببها في المجال البنيوي للدولة تفوق تلك الايجابيات التي لا تحسب إلا في اطار المصالح الشخصية.
23/12/2012
1077 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع