علي زيني
كل العراقيين يعرفون ماهية مهنة الدَلالة التي تقوم على ترويج السلع والبضائع الرخيصة والمستهلكة وهي مهنة تتطلب من صاحبتها مهارة في الكذب والتدليس وإخفاء عيوب الأشياء المراد الترويج لها وبمعنى أقرب وأدق وأوضح " الفهلوة" كما يعبر عنها المصريون في عاميتهم الدارجة ،
وكما لها مؤهلات خاصة فيجب أن تمتاز فيها مثل سلاطة اللسان ، قلب الحقائق ، و إبراز محاسن البضائع المتهالكة فيمكن أن تتبادر إلى أذهاننا صورة ذهنية انطباعية عن صاحبة تلك وهي تفترش ألأرض بمعية بضائعها التي ترتزق منها وما وكيف تطلق العنان للسانها السليط الذي يشابه المنشار الصدئ في حالة اختلاف المشتري الذي يتعامل معها بالسعر ,أو في حالة ظهرت منافسة لها تنافسها في شغلها ، وكيف تتطفل مع هذا وذاك أو تفرض نفسها لكي تعتاش على فُتاة الآخرين فنلقاها تتنقل بمعية "البُكَجة" لكن مع التطور الشكلي الحاصل في عراق ما بعد التغيير تطورت تلك المهنة تطورا ملحوظا مع ازدياد وسائل الأعلام والمؤسسات الصحفية بشكل مطرد وظهور منظمات المجتمع المدني التي ليس لها دور فاعل كثرة بدون أية فائدة تذكر سوى مبادرات فردية لا تغني ولاتسمن من جوع أصبحت تلك المؤسسات المجتمعية مرتعا خصبا للسماسرة والدلالات وبتعبير أشمل أنصاف المثقفين وأشباههم ولكي نضيف لكم لمحة من السخرية والتهكم والتندر لابد أن اروي لكم تلكم القصة المبكية المضحكة في آن على حالنا المأساوي فقد استوقفني بوست "منشور" في إحدى زواغير كوكب العجائب " الفيس بوك " لإحدى دلالات الإعلام في عراكنا((عراقنا )) المرير ونحن في منأى من ذكر الأسماء تنتقد فيه دلالة أخرى على ملابسها الخليعة وإيماءاتها الرقيعة التي لا تناسب مع أخلاقيات تلك المهنة وذوقها العام فقد أوردت في منشورها الذي يشنع على دلالة أخرى أخطاء نحوية فادحة تكاد ترتقي إلى كفر في قواعد اللغة العربية وأصولها .. فعلقت على ذلك المنشور فقلت يرجى التصحيح هناك خطأ نحوي لابد من تصحيحه .. فبادرت بتعليق الذي أصابني بالذهول التام لما فيه من أخطاء قواعدية فلم أسمع بحياتي بعبارة "((عن ماذا أصحح )) فكان من الأجدر بها القول ((ماذا أصحح )) فقلت في نفسي علي أن أقلب منشوراتها السابقة فوجدت العجب العجاب من خلال منشوراتها المليئة بالتعليقات التي تكيل عليها بالمديح والإطراء والذي يختلف معها بالرأي يكون لسانها لسان دلالة يحمل في طياته من العنجهية والغطرسة ولغة التعالي ومعبرا عن عقدة النقص التي تعاني منها تلك المدعية بالمهنة الإعلامية كما هو حال صورة الباعة الجوالين الذين يبيعون الأطعمة المكشوفة ويتجمع عليها الذباب ! فتبادر الى ذهني على الفور المثل الشعبي الدارج (( البصل يعيب على الثوم )) هذا هو حال إعلامنا الذي لا يحدث أي أثر تراكمي لدى الفرد العراقي ولا يحقق وظائفه المنشودة فالذي يرد أن يصبح إعلامي ما عليه سوى أن ينشئ صفحة على الفيس بوك ويلحق اسمه بكلمة الإعلامي وينشركم هائل من صوره الشخصية ليصبح بذلك الإعلامي فلان الفلاني أو الإعلامية فلانة الفلاني وينال لقب أستاذ أو ست ليرضي شهوة الغرور وحب الظهور ويضفي على عقدة النقص شيئا من الغرور والتعالي وإنعدام الذوق العام .
فالمتسبب الوحيد في هذا الوضع هو حل وزارة الإعلام فأصبح من هب ودب يعمل في تلك المهنة وجعل الأكاديميين حصرا هم لهم حق ممارسة المهنة بدل أن يتحول الإعلام إلى إعلام غير موضوعي ويصبح أقرب إلى الدعاية منه إلى الإعلام المهني وعدم تفعيل الدور الرقابي لمجالس الصحافة والإعلام التي من مهامها هو ترشيد العملية الإعلامية ومراقبة الخرق الذي ينتهك الآداب المهنية وأخلاقياتها وعدم توافر المعايير المهنية لمزاولة تلك المهنة أما على صعيد منظمات المجتمع المدني التي لا تحقق فائدة بسيطة فيمكن أن تكون هناك جهة مسيطرة ورقيبة على عملها وترفع إليها نشاطات هذه المؤسسات ففي حالة عدم تحقيق أي مؤسسة من تلك المؤسسات بدل من منح التراخيص لها بشكل عشوائي وغير مدروس فمكامن الخلل في عراقنا هو تداخل أو تقاطع الاختصاصات مع بعضها البعض وعدم التخطيط وفق أسس علمية سليمة إضافة إلى إصدار القرارات الارتجالية التي تتسم بالفوضوية والعشوائية !
850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع