أ.د. محمد الدعمي
بالنظر لتأكد المعلومات في العالم الغربي بأن “الدولة الإسلامية” لا تمتلك خزينًا من الأسلحة الكيمياوية فقط، بل هي تمتلك كذلك ما يؤهلها لصناعة هذا النوع من الأسلحة الكتلوية، فإن هناك ما يبرر خشية العالم الغربي من مخاطر تمرير سلاح شامل التدمير، قد لا يتجاوز حجمه حجم حقيبة صغيرة إلى الولايات المتحدة أو أية دولة غربية لإيقاع أكبر ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية “بضربة كيمياوية” غازية أو سمية سائلة واحدة!
لم يعد يخفى على أحد بأن ابتكار وتطوير وسائل القتل والتدمير هي أهم برامج التسليح الحديث اليوم، خاصة بعد أن نفضت الدول الكبرى أيديها من الصناعات العسكرية التقليدية كالدبابات والمدافع والآليات المدولبة أو المجنزرة، من بين سواها من الأسلحة الهجومية والساندة. وقد لوحظ في المقالة المعنونة “الصناعات الانتقائية”، بأن العالم المتقدم تقنيًّا راح يتجه نحو توظيف الفضاء، بدلًا عن الميدان الأرضي، مجالًا للحروب، لذا ظهرت “الدرونات” والصواريخ الدقيقة التصويب.
ولكن حيال هذه المتغيرات أخذت القوى المعاكسة التي تعد نفسها في حرب مع العالم المتقدم تطور أسلحة مخيفة هي الأخرى، على طريق الرد على التطور التقني أعلاه، باعتبار أن الحرب هي “كرّ وفر”: فإذا ما كانت الحرب محسومة نصرًا أو هزيمة بنسبة 50% بناءً على المواجهة النفسية، بسبب أهمية العامل النفسي على معنويات المقاتل ومعنويات عمقه الشعبي (أسرة، وعشيرة ومجموعة اجتماعية)، فإن الحرب رقم واحد الدائرة رحاها الآن هي الحرب العالمية ضد شبكات الإرهاب، وهي حرب إرهاب أي خوف. وأهم شبكات الإرهاب هي “الدولة الإسلامية” التي تمخضت عما أطلق عليه لفظ “داعش”، أي “الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام”. وكلاهما وجهان لعملة واحدة من نواحي العقيدة العسكرية وأدواتها ووسائلها في التخريب والتسبب بأكبر قدر ممكن من القتل.
لهذه الأسباب، وبالنظر لتأكد المعلومات في العالم الغربي بأن “الدولة الإسلامية” لا تمتلك خزينًا من الأسلحة الكيمياوية فقط، بل هي تمتلك كذلك ما يؤهلها لصناعة هذا النوع من الأسلحة الكتلوية، فإن هناك ما يبرر خشية العالم الغربي من مخاطر تمرير سلاح شامل التدمير، قد لا يتجاوز حجمه حجم حقيبة صغيرة إلى الولايات المتحدة أو أية دولة غربية لإيقاع أكبر ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية “بضربة كيمياوية” غازية أو سمية سائلة واحدة! هذا هو ما يؤرق مدير وكالة المخابرات المركزية CIA اليوم، لأن مثل هذه الضربة الكيمياوية غير المتوقعة يمكن أن تقود العالم إلى حرب عالمية جديدة فعلًا، بسبب ما تتمخض عنه من حال “فقدان العصب”، أي الانفعالية في الرد على هجوم كيمياوي كتلوي التدمير، كما فعل الرئيس جورج بوش (الابن) عندما اختلق عشرات المبررات لغزو العراق. علمًا أن العملية المسماة بـ”الحرية العراقية” IRAQI FREEDOM لم تتوصل إلى أي ما يشير إلى وجود أسلحة دمار شامل في العراق، زد على ذلك أنها لم تتمكن من الإمساك بخيط واحد يربط النظام السابق بأي من الشبكات الإرهابية، بغض النظر عن الضوضاء في الإعلام عن “أبي نضال” وعن “ابن لادن” أو سواهما من أيقونات الخراب والموت الجماعي.
وللمرء أن يجلس متيقنًا الآن بأن الحربين العالميتين الأولى والثانية كانتا من نتاج هذا النوع من حالات “فقدان العصب” مدعومة بأنواع العوامل المساعدة كالتكتلات والمحاور والتحالفات التي تسحب الدول إلى أتون الحروب على نحو تسلسلي متوالٍ.
890 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع