مع مرض الرئيس العراقي جلال الدين الطالباني وعدم تمكنه من اداء مهماته الدستورية نتيجة للمرض , قد ينتهي الدور السياسي والعملي لزعيم وطني عراقي عاش مختلف التحولات في العراق المعاصر ورسم بعمله ونضاله الشخصي صورة لأوضاع عراقية غير مستقرة ,
وكان قطبا سياسيا معروفا على المستويات كافة فكانت له علاقات مع الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ومع عدد آخر من القيادات الدولية كما أدى دورا فاعلا في الحركة القومية الكردية وخاض صراعات دموية وسياسية حادة , وحار القوم في تقويم الرجل و تحديد مساراته السياسية و الفكرية , فهو بحزبه الذي تأسس في دمشق عام 1976 ( الإتحاد الوطني الكردستاني ) دخل في نزاع عنيف سابق مع زعيم الحركة القومية الكردية في الشرق الملا مصطفى البارزاني وهو نزاع ذو وجه دموي مؤسف , كما ان الطالباني كان على موعد دائم مع الخطر و محاولات الإغتيال وكانت علاقته الوثيقة بنظام دمشق سواء في حقبة حافظ الاسد أو ولده ووريثه بشار محطا للتأويلات و القيل و القال , ورجل القانون الطالباني الذي كان ايضا أحد قادة حركة "الإشتراكية الدولية" منذ أيام زعيمها الشهير المستشار النمسوي الراحل برونو كرايسكي كان يحتفظ بعلاقات وثيقة جدا مع النظام الإيراني رغم التفاوت الآيديولوجي الكبير , وقد ناصب نظام صدام حسين الطالباني العداء المطلق و الكراهية الشديدة حتى انه كان المستثنى الوحيد دائما من كل مناسبات العفو العام الرئاسية التي كان يعلنها صدام ضد معارضيه بين الفينة و الأخرى ومع ذلك فحينما وقع صدام أسيرا وتحت سلطة الطالباني القانونية الذي أصبح رئيسا للعراق وأحتاج قرار الحكم بإعدام صدام شنقا لتوقيع الرئيس طالباني لم يستغل الفرصة للإنتقام بل ترك الأمر لنوابه عادل عبد المهدي ( المجلس الإيراني الأعلى ) و خضير الخزاعي ( حزب الدعوة/ تنظيم العراق ) ولرئيس الحكومة نوري المالكي ( حزب الدعوة/ المقر العام ) لأن المبادئ التي يحملها طالباني بإعتباره رجل قانون ترفض حكم الإعدام مهما كانت الجريمة!! وكان موقفا ملفتا للنظر في ظل حملات الإنتقام والتشفي المعروفة عن حكام العراق!! , جلال طالباني بعد أن كبر في السن و أحاطته أمراض الشيخوخة كان اداؤه لايتميز بالحيوية التي عرف بها خصوصا وإن العراق يمر بمخاضات وأزمة قيادية عنيفة إضافة إلى تصاعد التوتر الخطير بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في مشهد حربي يعيد للأذهان ملفات الحرب الدموية السابقة , اليوم يبدو واضحا ان الرئيس جلال طالباني لم يعد يستطيع ممارسة مهماته بالشكل الكامل واحتمالات انتخاب رئيس جديد للعراق باتت واقعية جدا , ولكن قبل مجيء الرئيس الجديد والذي تخضع هويته و شخصيته لحكاية التحاصص الطائفي فإن نائب الرئيس خضير الخزاعي سيتولى مهمات الرئاسة حتى موعد تعيين رئيس جديد! وهي مصادفة مثيرة للسخرية حينما يجمع حزب "الدعوة" بشطريه المجد من طرفيه ليكون الرئيس الموقت منهم ( تنظيم العراق ) المرتبط بالقيادة الإيرانية بولاء روحي مطلق , ورئاسة الحكومة ( المقر العام ) وهي فرصة تاريخية سوداء لا تتكرر كثيرا , وغني عن الذكر إن الرئيس الموقت الجديد الملا خضير كندي الجنسية ومسؤول إحدى حسينيات مونتريال وسبق له تولي مسؤولية وزارة التربية بإعتباره معلماً سابقاً وكانت أبرز إنجازاته التاريخية طبع الكتب الدراسية العراقية في مطابع إيران بدلا من مطابع العراق! إضافة إلى انجازته الكبرى و التاريخية في تخريب المدارس العراقية بالمشاريع الفاسدة لأبنية هيكلية لم تكتمل! أما اداؤه في منصب نائب الرئيس فهو كالماء تماما بلا لون ولا طعم ولا رائحة , وممارسته مهمات رئيس العراق بمثابة مهزلة حقيقية في وضع سياسي عراقي حرج ? فكم هو عجيب هذا الزمن العراقي الذي تحول فيه حزب "الدعوة" المفلس المتصرف الأوحد بشؤون العراق! إنها فعلا دنيا غريبة و عجيبة , فالملا خضير بات سيادة الرئيس... و الله حالة... و الله طرطرة.
كاتب عراقي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1063 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع