عباس العلوي
الاعلام الحزبي !
كان الاعلام الحزبي قبيل السقوط فقيرا بائسا مقفلا على نفسه وبأستثناء الاحزاب الكردية التي اخذت لها وضعا خاصا / كانت جريدة بغداد <علاوي > والمؤتمر < الجلبي > ونداء الرافدين < المجلس الاعلى > من اكثر صحف المعارضة تداولا ً في ذلك الوقت وما عداها كل ما صدر من هذا الحزب او ذاك لايزيد عن اصدارات مؤدلجه تشبه المنشورالسري !
لكن الحال اختلف بعد عام 2003 عندما تحكم حمير الاحزاب في السلطة / تغيّر كل شيء في سماء دولة البطيخ / فمن كان امس < لحافه من جلد شاة ونعلاه من جلد البعير > / اطلق اليوم صحفه الملونة والاذاعات والفضائيات بمال ملطوش ليس لخدمة المشروع التنويري التنموي النهضوي في بلد مازال يأن من وطأة الارهاب والتخلف المخيف انما لتكريس سلطة الحزب في ابتلاع الدولة بالحرمنه والطائفية السياسية وأخرى من مشاريع تقسيم العراق التي نراها اليوم!
وفي وقفة واقعية على احداثيات هذا النوع من الفضائيات نجده مُقفل على ذاته نهجا وعقلا وفكرا ومن الصعوبة بمكان ان يتقبل الرأي الآخر بطريقة حضارية حرة دون انتقاص او تجريح / وبلا مقدمات ينحدر بك المشهد التلفزيوني حينما لاتحصد من حوارالطرشان غير النفخ في بوق مشروخ او تصفية حساب طاحن مع هذا الحزب او ذاك / واذا كانت اكاديميات الاعلام تشدد على الثقافة العامة والعربية الفصحى والصوت الجهوري وأدب الحوار وصدقية الخبر وكاريزما المراسل اوالمذيع التلفزيزني / تجد في هذه الدكاكين من هو دخيل على المهنة تنقصه المعرفة اللازمة والدراية المطلوبة / ففي احدى المرات احصيت في نشرة اخبار واحدة لم تتجاوز 35 دقيقة 14خطأً نحويا ولفظيا / اجبرني فيها المذيع على قراءة سورة الفاتحة على روح سيبويه والزجاج وابي علي الفارسي !
اقبح عناوين الآعلام الحزبي في زمن الانحطاط هو استغفال عقل المشاهد بطريقة مبتذلة رخيصة تجلت بالتغطية المتعمدة على فضائح إمّعاتها الاخلاقية وفي لطش المقسوم وتمزيق نسيج المجتمع فضلا عن تجميل صورة مالك الفضائية ولافرق هنا ان كان هذا الطاعون رئيس حزب اوقائد فصيل مسلح او رجل دين او حرامي آخر مكشوف واظهاره على غير حقيقته بتكريس اغلب الوقت لمقابلاته او تخريفاته الطويلة المّملة / وبالتأكيد هذا التصرف المشين ليس بجديد علينا حينما يُذكرنا < بطربكَات > القائد الضرورة السابق !
حكومتنه المجيده والثلث تنعام --- خليتوا الشعب يترحم الصدام
ماشافت مثلكم امة الاسلام --- وماصار بشكلكم ياحرامية
وسيناريو الدجل الحزبي دائما ً ما يبلغ ذروته في المناسبات الدينية او الازمات بطريقة < صورني وانا ماأدري > بقصد كسب مشاعر السذج من الناس ويتكرر في ايام الانتخابات حينما نرى حمير الاحزاب امام عدسة الكاميرا والمواقع الخبرية التابعة لهم / يضربون على طبل الطائفية الأجوف والتنمية الانفجارية المزعومة ومزامير الدجل الاخرى/ رحمك الله يا رحيم المالكي حينما قلت :
تجّار الحكومة والشعب حمّال
ياهو اليجي باجر ويغيّر الحال
من هاي السوالف حملينه اجمال
اذا ينعدل وضعي ينعدل ذيله
ولعل الذاكرة العراقية مازالت تختزن المشهد المخزي لبهاء الاعرجي عندما ترك عمله وذهب مع مجموعة من مصوري الفضائيات الى واحدة من محاور القتال وسحب حبل المدفع ليطلق القذيفة على الطريقة الصدامية ايام الحرب الايرانية / لم يكن هدف من جاء على اكتاف مقتدى الصدر لمنصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقه وطنيا شريفا ًبقدر ما كان اعلاميا زائفا !
ومن خلال تجربتنا الجميلة مع ديمقراطيتنا المضروبة بحذاء المحاصصة / لم يكتف رئيس وزراء العراق في حزب < زهور حسين > بفضائية حزبه في طربكَاته اليومية أو منجزاته الكبيرة التي لايعرفها غير الجن أو البقاء في سدة الحكم اطول مدة ممكنة بعد ان تكرر مشهد الاستحواذ القسري على شبكة الاعلام العراقي الممولة من المال العام بتهديد رئيسها بالعزل او الاقالة في اي لحظة يخالف فيها < فرمانات > المستشار الاعلامي التابع له !
بشكل عام لم يخدم الاعلام الحزبي البلد المنكوب بل ساهم في تمزيقه وافلاسه وضياع موارده الماليه وعقوله البشرية وكان شريكا فاعلا مع مايسمى اليوم زيفا بالاعلام المستقل الذي يقوده فخري كريم وسعد البزاز وعون الخشلوك في خراب العراق وإحراج حكومة بغــداد عربيا ودوليا في ملفات التهميش و الفساد وغيرها من القضايا / البعض مازال يتفنن في صنع الخبر الكاذب ويرقص على سمفونية الارهاب و انغام الفتنة الطائفية بقصد عودة البعث الى الحكم مرة اخرى/ لابد لي هنا والمقال شارف على نهايته ان ادعو بدعاء عبد الرحمن العشماوي الشاعر المبدع :
لجَأنا إلى المَوْلى الكريم وحسْبُنا بهِ راعِياً نهفو إليهِ مدَى العُمرِ
رجَوْناكَ يا ربَّ العبادِ فإنَّنا نُشاهِدُ طُغياناً على الأرضِ يستشري
ونسمَعُ أبواقاً تُزيِّنُ باطِلاً أكاذيبُها في كلِّ ناحيَةٍ تسري
رَجَوْناكَ يارحمنُ فاشرحْ صدورنا وقرّبْ إلينا ما رَجَوْناه من نَصْرِ
اكتفي بهذا القدر وما ذكرته كان يشبه العناوين البارزة < للأعلام الحزبي > تجنبا للأطالة على امل الخوض بالتفاصيل في فرصة أخرى !
وللحديث بقية
السويد في : 6 / 2 / 2016
931 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع