يعتبر تيسر الحاضنة الشعبية شرط اساسي لنجاح مسعى الشعوب في الثورة او المقاومة المسلحة. وتتفق هذه الثورات و المقاومة بالرغم من خصوصية كل تجربة على نتيجة واحدة هي نمو وتطور الحراك الثوري والمقاومة مع وجود وسلامة وديمومة الحاضنة الشعبية.
تسعى اطراف الصراع كافة لكسب الحاضنة الشعبية الى جانبها سواء كانت قوى احتلال اجنبي اوأجهزة حكومية او رجال الثورة والمقاومة المسلحة , فالذي يستطيع كسب الحاضنة الشعبية يضمن له الفوز.
ان احتلال العراق وسلوك القوات الامريكية فيه عبر الاساءة الى الشعب العراقي من خلال مجموعة من السلوكيات التي قام بها افراد الجيش في التعمد بأهانة النساء والرجال والشيوخ, ادى الى سهولة قيام المقاومة المسلحة في كسب الحاضنة الشعبية خصوصا في الاعوام 2005,2004,2003, ولغاية عام 2006.
ثم سرعان ما استهدف تنظيم القاعدة هذه الحاضنة عبر تنفيذ عمليات ضد بعض من رموزها تحت مختلف الذرائع, فتارة بتهمة التعاون مع قوات الاحتلال وتارة اخرى بتهمة التعاون مع الحكومة ومرة لكونهم من طائفة معينة واخرى لكونهم على الحياد , هذا السلوك في استهداف الحاضنات الشعبية ادى الى ظهور مشروع الصحوات الذي تطور المشروع ليستهدف كافة قوى المقاومة المسلحة بالاضافة الى تنظيم القاعدة مما أثر على عمل المقاومة.
ويعود سبب تدهور هذه العلاقة الى مايلي:
1. عدم ادراك خصوصية وتقاليد مدن ومناطق العراق فلكل منهما خصوصيتها وقد تختلف بنسب معينة من منطقة الى اخرى نتيجة اعتبارات اجتماعية او دينية او تاريخية,لذا كان الاجدر عدم التسرع والمجازفة بتعميم السلوك على الجميع.
2. عزف الجماعات المسلحة وخصوصا تنظيم القاعدة على الوتر الطائفي من خلال تكفير واستهداف الشيعة بشكل عام مما اثر على فقدان الحاضنة الشعبية في مناطق واسعة من العراق.
3.استهداف شيوخ وقبائل وعشائر العراق واتهامهم بالعمالة لقوات الاحتلال متناسين ما لهؤلاء من دور وتاثير اجتماعي يمكنه من حشد عشائرهم ضد قوات الاحتلال وليس العكس.
4. استخدام القوة المفرطة من قبل تنظيم القاعدة ضد بعض رموز الحاضنة الشعبية في مناطقهم ,وغالبا ما تاتي هذه الافعال نتيجة وشاية او اخبار كاذبة او حسد مما يؤدي الى انزال ابشع انواع العقوبات بحق ناس ابرياء.
5. هيمنة قيادات متشددة على مفاصل تنظيم القاعدة في العراق وكانت غالبيتها من العناصر الاجنبية التي استسهلت في استباحت الدماء مما ادى الى قتل الكثيرين من رموز الحاضنة الشعبية.
يحاول النظام السوري ان يلعب نفس الدور الذي لعبته قوات الاحتلال وتنظيم القاعدة والميليشيات الطائفية في استهداف الحاضنة الشعبية في العراق , ويرمي من ذلك الى تحقيق نفور وابتعاد بين الحاضنة الشعبية وثوار سوريا.
وعلى الثوار السوريون وبمختلف تياراتهم ان يبتعدوا عن كل أمر قد يسبب نفور الحاضنة الشعبية السورية, وان لايعطوا النظام السوري الفرصة في اتهامهم باستهداف وضرب الحاضنة الشعبية من خلال استخدام الشعارات الطائفية او القيام بالحشد الطائفي, وان يستفادوا من تجربة العراق خصوصا ما يتعلق في العلاقة بين الشعب العراقي والمقاومة المسلحة وما آلت اليه .
عمل النظام السوري على القيام ببعض الاعمال لتحقيق النفور بين الثوار والشعب السوري:
1. اتهام قوى الثورة السورية بالارهاب.
2. استهداف مناطق معينة ذات طبيعة دينية او عرقية بعمليات من جنس عمليات قوى الارهاب لاتهام الثوار بذلك.
3.محاولة شق صفوف الثوار عبر تقديم الاموال والوعود او ارسال جماعات مندسة.
4. التعامل مع بعض شيوخ العشائر ومحاولة كسبهم ماديا.
5. استمرار النظام في العزف على الوتر الطائفي والديني والعرقي لتقسسيم المجتمع السوري واضعاف حاضنة الثورة السورية.
في مقارنة بسيطة بين الحاضنة الشعبية في العراق و سوريا نلاحظ مايلي:
سوريا العراق ت
الحاضنة الشعبية هي من أوجد وهيئ الثوار وأمنت سبل الدعم الى الجماعات المعارضة فرضت الجماعات المسلحة نفسها على الحاضنة الشعبية
1
لم تستهدف الجماعات المسلحة الشخصيات العشائرية المؤثرة في الشعب السوري استهدفت الجماعات المسلحة الشخصيات العشائرية التي تعاونت مع قوات الاحتلال او الحكومة بل تطور الامر الى استهداف من كان منهم على الحياد.
2
الحاضنة الشعبية هدفا للنظام السوري عبر تنفيذ عمليات مسلحة ضدهم اصبحت الحاضنة الشعبية هدفا للجماعات المسلحة وخصوصا تنظيم القاعدة 3
الحاضنة الشعبية هي امل الثورة وضمانها دعمت القوات الامريكية والحكومة العراقية الحاضنة الشعبية في صراعها مع الجماعات المسلحة
4
ساهمت الحاضنة الشعبية في تامين الاسناد والدعم لقوى المعارضة المسلحة. ساهمت الحضانة الشعبية بلانقضاض على تنظيم القاعدة وبعض الجماعات المسلحة وساهمت في انبثاق مشروع الصحوات
5
يسعى النظام السوري الى تفتيت الحاضنة الشعبية السورية عبر اثارة الصراعات الطائفية والعرقية سعت قوى الاحتلال وبعض الاحزاب الطائفية وتنظيم القاعدة على تفتيت الحاضنة الشعبية العراقية بعد ان حققت غاياتها 6
فالحاضنة الشعبية هي الشعب بكل اقسامه الدينية والعرقية وعلى الثوار ان يكونوا في خدمة الحاضنة الشعبية وليس العكس ,وان يستجيبوا لرغبات الشعب وتطلعاته في الحرية واختيار نوع نظام الحكم بعد رحيل نظام بشار الاسد ,وان لايفرضوا على الشعب برامجهم واجنداتهم التي قد تعزز من انقسام الشعب السوري.
الدكتوروليد الراوي
971 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع