ظاهرة “ترامب”، ثانية

                                                         

                             أ.د. محمد الدعمي

” لا يجد ترامب ضرراً في الإعلان بان الشرق الأوسط كان أكثر أمنا وسلاماً قبل إسقاط واشنطن لنظام صدام حسين ولسواه من الأنظمة التي استبقها إسقاط الأول، مستثمراً هذه المناسبة للإعلان بأنه لم يكن يؤيد الحرب على العراق (2003) آنذاك، وأن منافسته الديمقراطية السيدة “هيلاري كلينتون” كانت قد ايدت شن الحرب على العراق في الكونجرس.”
ــــــــــــــــــــــــــــ

يؤسس المرشح “دونالد ترامب” حملته الانتخابية الرئاسية الأميركية (التي يتقدم بها على جميع المرشحين، جمهوريين وديمقراطيين، سوية) على المراهنة التي تفيد بأنه لن يكون رئيساً تقليدياً للولايات المتحدة، بدليل إعلانه عن عدم إكتراثه بملاحظة وإتباع ما يسمى بـ”المثالية السياسية”.ومعنى هذا الإعلان المهم هو أنه يعد جمهور الناخبين “باعادة أميركا لعظمتها”، ليس من خلال ملاحظة التقاليد الرئاسية التقليدية، بقدر ما يحاول تحقيق ذلك من خلال “حالة الطوارئ” التي لا تسمح بالانتظار، خاصة بعد ما زعمه من “الخراب” و”التقسيمية” التي تسبب بها الرئيسان اللذان سبقا الى “البيت الأبيض”، بوش الابن وأوباما!
بل يعمد ترامب الى الإقلال من شأن الرئيس أوباما على نحو خاص، لأنه ادعى تكراراً ومراراً بأن أكبر مشكلة تواجه الولايات المتحدة هي “ارتفاع درجة حرارة الأرض”، فيما أن الحقيقة تقول أن أكبر مشكلة تواجه بلاده هي ما أطلق ترامب عليه “الحقد المتأصل والعميق” الذي يكنه المسلمون للولايات المتحدة.
وإذا كان هذا الإعلان قد جاء جواباً على سؤال يشير الى توظيف “شبكة الشباب” الإرهابية الصومالية إعلانات ترامب بمنع المسلمين ذريعة لتأليب المسلمين من دخول أميركا في الولايات المتحدة ضده وضدها، بمعنى أن مستقبلهم في هذه البلاد أضحى “في خطر” وأن عليهم الالتحاق بالشبكات الإرهابية فوراً نظراً لأنهم سيستبعدون من “بلاد العم سام” إن عاجلاً أم آجلاً!
يأتي جدل “ترامب” أعلاه على هامش نقده الصريح لأخطاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط خاصة، لذا لا يجد ترامب ضرراً في الإعلان بان الشرق الأوسط كان أكثر أمنا وسلاماً قبل إسقاط واشنطن لنظام صدام حسين ولسواه من الأنظمة التي استبقها إسقاط الأول، مستثمراً هذه المناسبة للإعلان بأنه لم يكن يؤيد الحرب على العراق (2003) آنذاك، وأن منافسته الديمقراطية السيدة “هيلاري كلينتون” كانت قد ايدت شن الحرب على العراق في الكونجرس.
لذا يستثمر “ترمب” هذه المناسبة لصب اللوم على منافسته الديمقراطية نظراً لموقفها هذا ولـ”فشلها” كوزيرة خارجية وعضوة في فريق أوباما الإداري.
وإذا ما سنحت له فرصة الظفر بالسيدة كلينتون في مقابلته التلفازية مع CBS يوم الأحد الماضي، فانه يرتد الى إعلاناته التي لا تشوبها “المثالية السياسية”، قائلاً بأن محاولة السيدة كلينتون لعب “ورقة المرأة” للفوز في الانتخابات الرئاسية لن تفضي بها الى شيء يذكر، نظراً لأن النساء في أميركا “لا يحبن” هيلاري، خاصة عندما توضع “جنوسيتها” sexism على خلفية تاريخ زوجها “بيل”، ويقصد بذلك الرئيس السابق بيل كلينتون.
وحسب “ترامب” قدم زوج السيدة كلينتون القرائن المؤكدة على السلوكيات غير المتوازنة مع المرأة، خاصة عندما استثمر منصبه، رئيساً، لاستغلال إحدى موظفاته جنسياً، ويقصد بها الشابة “مونيكا ليونسكي” التي شكلت علاقة الرئيس كلينتون بها فضيحة من العيار الثقيل الذي لن يسمح قط بنجاح توظيف السيدة كلينتون “ورقة المرأة” في حملتها الانتخابية.
تأسيساً على ما تقدم “ترامب” في جميع التقديرات الانتخابية، مقارنة بسواه من المرشحين جميعاً، لايملك المرء إلا أن يحاول سبر أغوار كتل الناخبين التي تؤيده وتدعمه، ليس لأنه قد خصص 35 مليون دولار للدعاية لحملته الانتخابية، ولكن لأن أميركا تبحث عن رئيس “لانمطي”، رئيس لا يتتبع خطوات من سبقوه بتعام، بدليل أن التأييد الذي حصده “ترامب” بسبب إعلاناته النزقة المبتناة، كما أفترض، على توظيف خبراء في علم النفس يعاونونه على اكتشاف واستمكان النوازع الأساس التي تتفاعل في دواخل الناخبين الأميركان عندما يصوتون في صناديق الاقتراع بعد أقل من عام من الآن.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

838 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع