عهود المالکي

                                               

مرة أخرى، يتم الاعلان عن إتفاق و خطة سلام مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، هذا الاتفاق او خطة السلام تسعى لإسدال الستارة على التوترات و التشنجات و التراشقات الاعلامية المختلفة التي جرت بين نوري المالکي و مسعود البارزاني على خلفية ماأثاره الاکراد عن عدم إلتزام المالکي بإتفاق أربيل الذي أتاح له ولاية ثانية في منصب رئيس الوزراء.

نوري المالکي الذي لمع نجمه بعد تراجع دور سلفه أبراهيم الجعفري و إجباره على ترك کرسي رئاسة الوزراء، سعى منذ بداية ولايته الثانية الى تعزيز موقعه و تقوية نفوذه على الاصعدة الداخلية و الاقليمية و الدولية، لکنه رکز و بصورة خاصة على تقوية علاقاته مع النظام الايراني و الولايات المتحدة الامريکية و حاول في ضوء ذلك رسم سياسات حکومته، وقد کان واضحا منذ البداية أن المالکي قد منح الاولوية لعلاقاته مع النظام الايراني"الذي لعب الدور الاکبر في بقاءه لولاية ثانية" و التي تطورت رويدا رويدا حتى وصلت الى مستوى علاقة استراتيجية، لکن التداخل غير المحدود بينه و بين النظام الايراني قد فرض بصورة او بأخرى خضوعه لمجريات و تقلبات الاوضاع السياسية المتعلقة بالنظام الايراني، وهذا ماقد إنعکس و بصورة جلية في تحديد و تقنين علاقات المالکي مع مختلف الاطياف و الجهات السياسية العراقية و حتى مع أطراف إقليمية کما تستدعي و تتطلب مقتضيات اوضاع و مستجدات المشهد السياسي الايراني.
الاتفاقات التي أبرمها نوري المالکي مع مختلف الاطراف و الاطياف العراقية، کانت في خطها العام إتفاقات مرحلية ذات طابع مؤقت إستخدمها من أجل تقوية مرکزه و توطيد نفوذه و متى ماإستدعت الحاجة و الظروف کان ينقلب عليها کما کان الحال في إتفاقاته المبرمة مع أطياف سنية أو کردية عراقية و کذلك کما کان الحال في إتفاقه مع منظمة الامم المتحدة من أجل حل قضية معسکر أشرف حلا سلميا.
الذي جرى بين نوري المالکي و کل تلك الاطراف التي أبرم الاتفاقات معها، هو أنه قد إنقلب على تلك الاتفاقيات و فرض تفسيرها وفق مصلحته و متطلبات أوضاعه فيما جنح في قسم آخر من عهوده و إتفاقياته الى تحريف و تزييف بنود الاتفاقيات المبرمة و إعطائها صيغة بعيدة کل البعد عن حقيقة و واقع أمرها کما کان الحال بالنسبة لبنود مذکرة التفاهم الخاصة بالحل السلمي لقضية معسکر أشرف و التي جعلها المالکي بصورة تتطابق و تتماشى مع مصلحة و أمن النظام الايراني.
إنقلاب المالکي القوي على الاکراد ليس بسبب المناطق المتنازع عليها کما يريد أن يصور الامر وانما يتعلق اساسا بموقف الاکراد من الاوضاع في سوريا و التي تنتهج طابعا معاديا للنظام السوري، وهو ماأثار حنق و غضب النظام الايراني و دفعه الى ممارسة الضغوط على نوري المالکي من أجل إجبار الاکراد على تغيير موقفهم حيال النظام السوري، لکن تداعيات و مستجدات المشهد السوري و التطورات السريعة الجارية بشأنه أجبرت النظام الايراني على مراجعة موقفه من الاکراد العراقيين و التي يبدو انها ليس لم تستسلم فقط لإبتزازات و استفزازات المالکي وانما أرادت الذهاب أبعد من ذلك بمد جسور العلاقة مع أطراف إقليمية في سبيل تعزيز مواقفها بوجه جبهة المالکي ـ طهران، ومن هنا فإن الاتفاق الاخير الذي کان عرابه جلال الطالباني"المقرب اساسا من النظام الايراني"، هو إتفاق يريد الحفاظ على ماء وجه المالکي و النظام الايراني معا، لذلك فإنه ليس بالامکان أبدا الرکون لهذا الاتفاق و الاعتماد عليه طالما انه مرهون بظروف و أوضاع سياسية متقلبة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1210 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع