جــودت هوشيار
حملة الأفتراءات وتشويه الحقائق وفبركة الأكاذيب ضد الشعب الكردي في ظل حكومات حزب الدعوة الثلاث، .ليست جديدة وأن تعددت أسبابها . ويلوح لي أن وراء ذلك ، عقدة نفسية مستحكمة لدى أولي الأمر في بغداد ، تكمن في توجسهم من نهضة أقليم كردستان ، هذه النهضة التي تكشف عن سؤ إدارتهم للبلاد والعباد ، وفشلهم في تحقيق أي إنجاز ملموس واستغلال السلطة لتحقيق مآرب خاصة . فهم لا يريدون أن يقارن المواطن العراقي بين الأوضاع العامة المتردية في العراق العربي وبين أقليم كردستان الناهض ، وطن التسامح والتعايش السلمي بين أبنائه بصرف النظر عن إنتماءاتهم الدينية والأثنية والقومية .
مختار العصر الذي توّج ( انجازاته ) بتسليم الموصل الى تنظيم داعش لقمة سائغة مع أسلحة أربع فرق عسكرية من دبابات ومدرعات وصواريخ و مدافع وأنواع أخرى من الأسلحة الحديثة ، لم يكن أمامه من وسيلة لأخفاء جريمته الكبرى سوى الترويج لنظرية المؤامرة ، في حين أن العديد من كبار قادة الجيش العراقي أكدوا أن أمر الأنسحاب من الموصل صدر من القائد العام للقوات المسلحة . واليوم وبعد الأنتصارات الباهرة لقوات البشمركة وخاصة في الأقتحام البطولى لمدينة شنكال ( سنجار بالعربية ) وتطهيرها من أرهابيي داعش . جن جنون مختار العصر ، وجند مرتزقته وأبواقه الأعلامية لتشويه الأنتصار الكردي بمزاعم مضحكة . وكان ذلك متوقعاً من شخص حاقد نسى فضل الكرد عليه حينما كان لاجئاً في أربيل في أواسط التسعينات من القرن الفائت ، حيث درس في جامعة صلاح الدين وأمّن له الكرد كل احتياجاته ، وقدموا له يد العون .
الحملة الأعلامية المتواصلة ضد الكرد تشتد مع كل إنجاز أو إنتصار جديد يحققونه ، هكذا كان الأمر في عهد ( مختار العصر ) الميمون وهكذا هو اليوم في عهد العبادي ، الذي تتقاذفه أمواج الصراعات الداخلية في حزب الدعوة وفي التحالف الوطني ، وتعدد الولاءات في الجيش والحشد الشعبي ونزاعه المستمر مع المكون السني الذي يعاني أبنائه من التغيير الديموغرافي ومنع النازحين من العودة الى ديارهم ومن عمليات حرق منازلهم ومحلاتهم و مساجدهم وخطف وقتل أبنائهم وزج الآلاف منهم في السجون والمعتقلات لأسباب واهية . وزارة العدل العراقية تتباهي كل شهر ، بأنها أطلقت سراح عدة آلاف معتقل لعدم ثيوت التهم الموجهة اليهم . ولكن بعد ماذا ؟ . بعد ابتزازهم ماليا وتعذيبهم وفصلهم من وظائفهم وحرمانهم من مصادر رزقهم ، وبعبارة مختصرة ، تدمير حياتهم .
لم نكن نود الكتابة عن حكم قرقوشي أسود ولى وأنقضى ، ولا عن مختار العصر ، لولا قناعتنا بأن العقدة النفسية التي يعاني منها أولى الأمر في بغداد ، ما زالت مستحكمة ومتحكمة ، وتتبدى في تصريحات سياسي الصدفة في بغداد .
لقد كنا نأمل خيراً حين تولى العبادي السلطة في بغداد ، ولكن سرعان ما تبدد هذا الوهم ، بعد تنصل العابدي من اتفاق تشكيل الحكومة ، وتبين أنه يسير على خطى زعيمه في حزب الدعوة ولا يختلف عنه من حيث الجوهر . ففي تصريح له يثير السخرية والشفقة في آن واحد ، زعم أن قواته أسهمت في تحرير شنكال ( سنجار) . ولا أدري كيف قطعت جحافل جيش العبادي أكثر من 500 كم وعبرت خلال اراض يحتلها تنظيم داعش ليصل الى شنكال ومن ثم يسهم في طرد داعش من المدينة ، هل عبرت عن طريق الموصل المحتلة ، أم سلكت طريق أربيل أو كركوك ، ولا طريق غيرها للوصول الى شنكال . وليس من قبيل المصادفة أن بعض الصحف الكردية نقلت تصريح العبادي تحت عنوان ( مزحة العبادي )
مواقع التواصل الأجتماعي أصبحت هذه الأيام مع الأسف الشديد ميداناً يصول ويجول فيه جيش من المرتزقة بتعليقاتهم القذرة وأكاذيبهم المفبركة ، وهؤلاء لا يختلفون عن أبواق المالكي في اختلاق الأكاذيب . ويقال أن المالكي كان يدفع مكافئات الى حوالي ستة آلاف مرتزق للدعاية له ولحكومته العاجزة وانجازاته الموهومة وللتهجم على الكرد والأفتراء عليهم وفبركة الأكاذيب ضدهم . ويبدو ان خليفة المالكي ما يزال مستمراً في دفع مكافآتهم من ميزانية الدولة .، حيث وصل الأسفاف عندهم الى حد القول ان الجنود الأميركان هم الذين حرروا شنكال ، للتغطية على حملة الرمادي المتعثرة ، نتيجة لتعدد الولاءات في قيادات الجيش العراقي والحشد الشعبي . ولم تقتصر افتراءات هؤلاء على الكرد في أقليم كردستان بل شمل أيضاً اخوتنا الكرد في سوريا ، حيث يزعم هولاء الرعاع أن القوات البرية الأميركية هي التي قاتلت في كوباني وطردت داعش منها ، وليس الكرد !
لقد نسى هؤلاء الحاقدون أن الشعب الكردي وقواته المسلحة الباسلة يخوضان معارك ضارية ضد العدو الداعشي وكان الأجدر بحكام بغداد تقديم التهاني الى الشعب الكردي وقيادته على هذا النصر المؤزر في شتكال ، ولكن العقدة النفسية المزمنة ، ما زالت هي التي تتحكم في أعمالهم وأقوالهم .
وكان من واجب الأخوة التي يتشدق بها ساسة بغداد ، مساعدة كردستان في تحمل عبْ إيواء واعاشة حوالي مليون ونصف المليون نازح عربي ، والأسهام في تلبية احتياجاتهم الصحية والتعليمية .ولكنهم تركوا كردستان وحدها لتواجه ما ينجم عن هذا النزوح الكثيف من مصاعب ومتاعب لا تحصي وفي مقدمتها الضغط الشديد على الخدمات العامة . ولكن من السذاجة توقع الخير ممن هجّر وشرّد الملايين من الرجال والنساء والأطفال ، بعد أن سلطت عليهم أرهاب داعش . وها هم اليوم يعانون من الجوع والمرض ومن البرد شتاءاً والحر صيفاً عند جسر بزيبز وفي مواقع أخرى في العراق السعيد في ظل الحكم الدعوي .
ان الهجوم الوقح على الكرد رغم كل ما قدموه للعراق من تضحيات سخية سواء في محاربة داعش أو احتضان النازحين العراقيين إنما يستهدف ، كما يبدو دق اسفين في الأخوة العربية الكردية . ولكن لماذا نستغرب من سلوكهم هذا إذا كانوا يعاملون أخوتتهم العرب معاملة الأعداء ويذيقونهم مر العذاب يومياً .
وختاما لابد أن نقول أن تمادي الحاقدين على الشعب الكردي في غيهم ، لا يقابله أي جهد إعلامي كردستاني باللغة العربية ، لتبيان الحقائق للشعب العراقي والشعوب العربية . ورغم ذلك لا يمر يوم دون أن تتحدث وسائل الأعلام العالمية التي تتصف بالموضوعية والمهنية عن بطولات قوات البشمركة المقدامة ، وأنها القوة الأساسية التي تحارب داعش على أرض المعركة وتبدي أعجابها الشديد بالروح القتالية العالية لفرسان العصر الحديث .
2170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع