حسين رحيم
المسرح مظلم ....صمت ..، فجأة صوت إنفجار ، تظهر بقعة في عمق المسرح ، تكبر تدريجياً مع صوت همهمة ودندنة غير مفهومة ... تكبر البقعة وتكبر معها الموسيقى المبهمة ... حتى تتضح لنجد إنها خارطة العراق من ضوء ..خلال هذه الفترة تتضح هذه الهمهمة لتصبح كلمة ( شانقبا إمورو) تتكرر هذه الكلمة اكثر من مرة .... صوت قرع طبل من بعيد ويزداد اكثر واكثر حتى يخرج شخصاً من يمين عمق المسرح و يحمل طبلاً يقرع عليه ... مع هذا الصوت يصعد تماثيل لمردوخ وآشور بانيبال وحمورابي . ثم يضاء المسرح كله والذي يكون على شكل بوابة قصر آشوري ... الثور المجنح على الجانبين .
صوت:ـ سومر.... بابل ... آشور ... ايها البلد العظيم في الدنيا.... كل الدنيا ... من مشرق الشمس الى مغربها شرائعك المقدسة غطت على سواد الناس ...هذه الشرائع لا يمكن إدراكها لأنها تصدر عن قلبك العميق ، العميق ، لدرجة لن يصله احد ابداً مهما امتلأ حبك في قلبه .... في تلك ألأيام البعيدة .. البعيدة ... من تلك الليالي القديمة .. القديمة , بعد ان ترك كل ما هو ضروري ومفيد من ألأشياء ... وثبت اسم ألأنسان ... من قلب السواد جاء أسمك.... إنبجست وحلت فينا روحك الظمأى للأبدية ..(كل .... كا... مش ) ..يابن ننسونا البقرة الوحشية .
(تتصاعد الموسيقى واصوات ألأنفجارات ....يظهركلكامش وهو يرتدي عدة الحرب ألأشورية وبيده فأس ).
صوت:- كلكامش ...ايها الظاميء الى قرع طبول الحرب ...كلكامش سيد حروب ارض السواد
(كلكامش يضرب بالفأس ويحارب ..صور لحروب عديدة ثم يهدأ وينام .تظهر على الشاشة صور لحروبعديدة .. كلكامش يحلم ..انكيدو يتقدم وخلفه جموع من الحيوانات شكله يثير الفزع ..يستيقظ كلكامش من نومه ويقفز)
صوت كلكامش :- انكيدو ...انكيدو، ياحلمي المبتور... ايتها الفأس العظيمة ..حين اخبرت
امي عنك .... امي ننسونا البقرة الوحشية عرفت إنك ستأتي .. وانك هدية آلآلهة الي لتقاسمني صولات البطولة والمجد ..ياأنيس ايامي الوحشية
يظهر على الشاشة الخلفية كلكامش وانكيدو يقاتلان الثور السماوي
كلكامش يضحك ...ها ها ها ها ها تختلط الضحكة بأغنية تبدأ:ــ
ألأغنية:ــ هاها ها ..ها هاها ...كلكامش ...كلكامش ...سحر القوة
كلكامش ..كلكامش .. مجد ونخوة
كلكامش.. كلكامش ( صوت رجل كبير بالسن) خوف عتيق
كلكامش ..كلكامش ( صوت إمرأة) .........لم يترك ،زوجة لزوجها ولا ابنة لمحارب
كلكامش... كلكامش ( صوت شاب) .............الساخر من عشتاروت
كلكامش ...كلكامش ( صوت طفل ) ........... اعتق عراقي
تدخل الطفلة المتسربلة بالبياض وبيدها الجمجمة المضيئة يتوقف كل شيء ويحدث صمت .تأخذ الفأس من يد كلكامش وتخرج
كلكامش :- انا حزين ... انكيدو ، تعال ، اريدك آلآن .سنذهب الى وادي ألأسود في نينوى هيا ياصديقي .هيا ...
(تدخل الطفلة حاملة الجمجمة المضيئة ، يتوقف كل شيء ،
ثم تخرج ، يعود كل شيء الى حاله.... الشاشة تظهر انكيدو وهو يسقط )
كلكامش:ــ انكيدو ...انكيدو ...مابك .. انت لاتتحرك ..انت هامد ...لا...لا..لالالالا ، لن تذهب
عني ، لن تذهب الى حيث يغطيك الغبار والرماد ، لن تذهب الى مملكة العالم السفلي
ايرش كيكال ...ايرش كيكال ...يامليكة الفناء والعدم والغبار. لن تأخذي صديقي مني
كلكامش: - لم الموت ...لم الموت
صوت :-الموت إستمرار الحياة
كلكامش: -لم يسرق منّا السعادة بغفلة عنا ...لم لا يواجهنا ويستأذن كي نتحضر للفاجعة
صوت :-( يضحك ) هذا هو ...خليط الحياء والجبروت ...صانع اول اول احزان ألأرض
منذ قابيل ... محرر ألأرواح من اغلفتها الفانية
كلكامش:-انا كلكامش صانع الحروب ... وسيد أنتصارات شعب اوروك واريدو ونفر ونينوى
يسرقني الموت ..لآ ...لا .. الخلود .. الخلود . انا قادم اليك ياحكيم الحكماء اتونابشتم .. سأقتل خمبابا الوحش، بيدي هاتين وتعطيني آلآلهة ...عشبة الخلود ...عشبة الخلود سأعود اليكم يا أبناء الرافدين بالخلود ....
(تعود ألأغنية بأكثر من طريقة .ثم يهدأ كل شيء )
( صوت هلاهل )
اصوات :- عاد كلكامش ... عاد كلكامش ومعه عشبة الخلود ...
( يدخل كلكامش وهو يحمل عشبة الخلود وهو فرح ، يسير على صوت قرع الطبل . مارش عسكري .. وتدريجيا يتحول المارش الى دبكة عرقية (جوبي) ، ثم تظهر على الشاشة دبكات كردية وتركمانية ,ومسيحية... فجأة تدخل الطفلة .. ويصمت كل شيء ... تتقدم نحو كلكامش وتأخذ منه عشبة الخلود ثم تعطيه الجمجمة المضيئة وتخرج ..يقف كلكامش مشدوها تعود ألأغنية بشكل مأساوي وحزين)
صوت :- من قصيدة إنشودة المطر للسياب :-اتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إذا إنهمر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع
بلا إنتهاء ، كالدم المراق ، كالجياع
كالحب ،كألأطفال ، كالموتى ـ هوالمطر
اكاد اسمع العراق يذخر الرعود
ويخزن البروق في السهول والجبال
اكاد اسمع النخيل يشرب المطر
واسمع القرى تئن ..والمهاجرين ...آه
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ...
عواصف الخليج والرعود ، منشدين
مطر
مطر
مطر
مطر
وفي العراق جوع
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع
كلكامش :- لقد جردوني من كل شيء..أخذو فأسي وانكيدو وعشبة الخلود.... لماذا ....لماذا ..؟؟؟؟
صوت :- قرك ياكلكامش ان تبقى وحيداً معطلاً كسيف غادرته المعارك والمنازلات فأمسى منفردأً
صدءأً مثلوماً .. كسيفة جرداء في البحرربانها الريح ودفتها العاصفة
كلكامش :- لكن لماذا؟؟ .... أي محنة ساقتها ألأقدار اليّ ......اي مصير بائس ...من تجرأ على ذلك .
( تدخل الطفلة وتقف وسط المسرح)
كلكامش ينظر اليها ويدور حولها.... ثم ينفجر ضاحكاً
كلكامش :- انت....؟؟؟؟
صوت :ـ نعم
كلكامش :-لكن لماذا....لم استبدلت عشبة الخلود بهذه العظمة البائسة ، والتي كافحت من اجلها
حتى وصلت غابة الأرزوهناك قابلت الوحش خمبابا وقتلته .
صوت :- لقد جاءتك من مستقبل بعيد لأرض الرافدين لتعيد اليك الموت الذي زرعته فيها قبل مئة قرن
كلكامش :- طيب واين عشبتي ...عشبة الخلود
صوت :- لقد اعطتهما الى من يستحقهما
كلكامش :-من....من يستحق الخلود غيري ؟؟؟؟؟
صوت :-هناك كثير من يستحقه غيرك ومنهم إثنان عبرا عصرك الى القادم من العصور...شواهد
ولادات المدن واندثارها وقيام الحضارات وافولها ... إنهما دجلة والفرات الخالدين
(يردد الصدى ورائه)
كلكامش:- لكن لماذا ....؟؟؟؟
صوت :- كي تدرأ عن هذه ألأرض المعطاء ....... أم الخير لعنة الأحتلال الذي تعاقبت عليه قرون وقرون .... إحتلال يسلم لأحتلال راية الهزيمة والخنوع .وآخرها
( صور للأحتلال ألأمريكي على العراق) ....
انظر ياكلكامش ...انظر...واستيقظ من رقادك الطويل ...استيقظ من نشوة إنتصاراتك
بنات ملحمتك ... استيقظ وعلِ من اسوارك واخفض من صروحك فقد آن آلآوان
فالأفاعي مازالت تنتظر .... والضباع في مركنها تتحين الفرص
كلكامش :- لكن من أنت يا صغيرتي
صوت نسائي قوي :- انا إبنة العراق
كلكامش يحمل الطفلة ويسير ..موسيقى اناشيد وطنية
( ستار)
1173 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع