الدكتورة/ نوف علي المطيري
ينظر للمرأة في مجتمعاتنا العربية على أنها خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه، فهي رمز الشرف والعرض - اللذين يحتلان مكانة كبيرة ومهمة - لدى الرجل العربي ويعتبرها أيضا نقطة ضعفه، فالمرأة - في ثقافتنا العربية – لا تمثل العرض والشرف لذاتها فقط، بل لجميع أفراد عائلتها وربما قبيلتها، والرجل العربي صاحب الغيرة والنخوة مستعد أن يدفع حياته ثمنا للدفاع عن عرضه، وكيف لا وهو من أهم الأشياء التي قد ترفع أو تحط من قدره، ويعد من لا يدافع عن شرفه وعرضه - في عرف الرجال - متهاونا ويصبح منبوذا اجتماعيا وقد ينظر له على أنه جبان وبلا كرامة وبلا شرف.
والمجتمع العراقي مجتمع عشائري وتمتد عشائره إلى أغلب دول الخليج وبلاد الشام لذلك هو مثل بقية المجتمعات العربية التي تولي الشرف والعرض أهمية كبرى ولكن هذا الخط الأحمر تعرض للانتهاك وتم تجاوزه. فمنذ خروج القوات الأمريكية من أرض الرافدين وتسليمها للفرس على طبق من ذهب لينشروا الفوضى والدمار في العراق كثرة حالات التعذيب والاغتصاب بين صفوف السجينات داخل السجون والمعتقلات العلنية والسرية التي تشرف عليها حكومة نوري المالكي. فقد لجأ الطائفيون من أعوان المالكي إلى أحقر الأسلحة من أجل الزج بالأبرياء في السجون أو قيادتهم إلى ساحات الإعدام وهو سلاح الاغتصاب وكانوا يهددون المعتقلين بجلب محارمهم واغتصابهم أمامهم إذا لم يعترفوا أو يوقعوا على الاعترافات الجاهزة والتي تملأ من قبل المحققين بعشرات التهم الملفقة. واللجوء أيضاً إلى اغتصاب الحرائر في المنازل أثناء المداهمات الليلية أو أثناء عمليات نقل المعتقلات إلى السجون وكذلك في داخل المعتقلات لانتزاع الاعترافات من السجينات أو من أجل التسلية والترويح عن أنفسهم. ويبدو أنهم تعلموا هذه السلوكيات الشاذة من الغزو الأمريكي ومن الفرس، فاغتصاب النساء ثقافة دخيلة على مجتمعاتنا العربية التي تأبى التعرض للحرائر وانتهاك الأعراض، ورغم إنكار حكومة المالكي – ممثلة في وزارتي الداخلية والدفاع – مرارا وتكرارا للتقارير والأخبار التي تتحدث عن حالات التعذيب والاغتصاب للرجال والنساء داخل السجون والمعتقلات والتي تتم بشكل ممنهج إلا أن شهادات الضحايا من داخل تلك السجون وتقارير المنظمات المعنية بحقوق الإنسان كمنظمة حمورابي العراقية لحقوق الإنسان وما أعلنته لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي قبل فترة من وجود حالات تعذيب وانتهاك لحقوق السجينات اللاتي يواجهن أوضاعا سيئة داخل السجون العراقية أثبتت وبلا أدنى شك صحة تلك المعلومات وأنها ليست أخطاء فردية كما تزعم حكومة المالكي بل ظاهرة ممنهجة في تزايد مع تزايد أعداد المعتقلات واللاتي يتعرض معظمهن للتوقيف لفترات طويلة والسجن - خارج إطار القانون- بدلا من أقاربهن المطلوبين –كالعادة- بتهمة الإرهاب.
ورغم أن ما حدث يمثل فضيحة وانتهاكا لحرمة السجينات اللواتي يمثلن أعراض العراقيين بكافة أطيافهم إلا أن حكومة المالكي مازالت مصممة على تجاهل الانتهاكات الجارية ضد السجينات على يد الضباط والمحققين والسجانين وبدلا من الاعتراف بالأخطاء والقبض على الفاعلين وتقديمهم للعدالة لنيل جزائهم تلجأ إلى الإنكار المستمر لحماية المجرمين من أعوان نوري المالكي بالإضافة إلى تلفيق التهم للمدافعين عن حقوق السجينات، وقد وصل الحال بنواب دولة القانون "جماعة المالكي" قبل أيام إلى الاشتباك بالأيدي مع نواب القائمة العراقية - بقيادة إياد علاوي - بعد توجيه اتهامات للقوات الأمنية بتعذيب واغتصاب السجينات. فكل من يناصر السجينات ويدافع عن حقوقهن سواء من النواب أو الناشطين – من وجهة نظرهم - يدعم الإرهاب ويقوم على حمايته!
لن أستغرب ولن أتعجب لو حدثت مثل هذه الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل المحتل الأمريكي والفارسي، فالشرف والعرض لا يشكلان أهمية بالنسبة لهما. لكن أن تنتهك الأعراض من قبل من يسمون أنفسهم مواطنين عراقيين يعلمون جيدا أن المرأة في ثقافتنا العربية تعتبر خطا أحمر لا يمكن الاقتراب منه سواء في السلم أو الحرب، فهذا أمر مقلق ويدعو للتعجب والحيرة في آن واحد. فأين غيرة العراقيين على محارمهم ونسائهم؟!!
في خضم الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان داخل السجون العراقية والصمت المريب أمام انتهاك حرمة نساء يمثلن أعراض العراقيين جميعا أتساءل بحرقة: هل غابت النخوة عن رجال العراق؟! أين شيوخ القبائل والعشائر وخطباء المساجد والشرفاء أينما كانوا مما يحدث للسجينات من التعذيب والمهانة والتي تبدأ أو تختتم بالاغتصاب؟! أليس فيكم معتصم آخر
د.نوف علي المطيري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
918 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع