في تقارير مثيرة للتساؤل أعلنت بعض المصادر الخبرية بأن دولا إقليمية قد طلبت من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المساعدة في إقناع رئيس النظام السوري بشار أسد بالتخلي عن السلطة ومغادرة سوريا ؟
وطبعا لن نناقش مسألة العروض الدولية والإقليمية بالخروج الآمن لقادة النظام السوري المجرم فتلك قضايا دبلوماسية معروفة بين الدول في مسائل حل الأزمات وقد سبق لأطراف عربية ودولية عديدة إن حاولت إقناع الرئيس العراقي السابق صدام حسين بنفس السيناريو ولكنها فشلت في ذلك وحدث ماحدث في العراق من إحتلال و مآسي ومن ثم إعدام لرئيس النظام وجماعته الذين كانوا ؟..
واليوم يكرر التاريخ نفسه و يستنسخ أحداثه في دمشق ولكن من خلال لاعبين مختلفين وأطر متشابهة ، والمعضلة تكمن في إختيار الطرف المكلف بتنفيذ سيناريو إقناع الأسد بالتخلي عن السلطة وهو الرفيق نوري المالكي المشتبك حاليا في معركة كسر عظم خطيرة مع خصومه السياسيين في العراق ، والموشك على تفجير أزمة وطنية عراقية كبرى مع التحالف الكردستاني! و الذي يهدد خصومه علنا بخيارات خطيرة وغير مسبوقة في حالة تقدمهم بطلب طرح الثقة عنه وعن حكومته الفاشلة !؟
فهل ينجح من فشل في إدارة الصراع الداخلي في العراق بل ووضع البلد بأسره على سكة الندامة وإستعادة ذكريات الحروب الداخلية في نزع فتيل الأزمة السورية خصوصا وأنه حتى هذه اللحظة يمثل أحد الأطراف الإقليمية الداعمة للنظام السوري بسبب مقتضيات و موجبات و تعهدات و إلتزامات حلف ( نوروز ) الذي يضمه مع إيران ودمشق أيضا ؟
ثم أن نوري المالكي بوضعه الحالي و بطبيعته السياسية والإنسانية ليس هو الشخص المناسب ولا المقبول لتنفيذ تلك المهمة المستحيلة ، فالرجل محكوم بعقدة وعقيدة الإلتزام بأوامر و نواهي الولي الإيراني الفقيه!! و تلك حقيقة عراقية ساطعة يعرفها الجميع وأولهم الطرف الأمريكي الذي صادق على رئاسة المالكي للحكومة ؟ والنظام الإيراني لم يبتعد بعد عن محور دعم نظام دمشق لأن ذلك الفعل سيضر ضررا فادحا بالأمن القومي الإيراني وتلك من طبائع الأمور ، إضافة إلى كون نوري المالكي و كل الحكومة العراقية الراهنة لا تمثل في عيون النظام السوري الموشك على الإنهيار و الإضمحلال إلا شلة ومجموعة من المعارضين العراقيين السابقين العاملين في خدمة أجهزة المخابرات السورية!!
وهؤلاء وفقا للنظرة السورية الرسمية لايستطيعون أبدا إصدار الأوامر و توجيه المبادرات فضلا عن طرح البدائل ؟ وكل طرف عربي أو دولي يفكر بأن نوري المالكي يستطيع تفعيل أي ضغط على النظام السوري فهو يعيش في وهم كبير أو لا يمتلك للأسف المعلومات و المعطيات الحقيقية للنظرة السورية الرسمية لأقطاب الحكومة العراقية ؟
ولا أدري حقيقة عن طبيعة السذاجة السياسية التي لا زالت تتحكم بعقول ورؤى بعض صناع السياسة في شرقنا القديم الحافل بالمصائب و االكوارث ؟ ثم أن الطبيعة المافيوزية و المغلقة للنظام السوري لا تسمح أبدا بتبني خيارات التنازل الطوعي عن السلطة و الإنكفاء بعيدا وترك الشعب يقرر مصيره ؟ لأن اولئك الحكام الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق السلطة المطلقة و إمتيازاتها الرهيبة ينظرون للشعب نظرة السادة للعبيد ويعتبرون أنفسهم جنسا خاصا لا يناطحهم في حقهم السلطوي الخالد أحد ، فأمير المؤمنين هذا ( بشار ) و من أبى أو إعترض فبهذا ( السيف و المدفع و الطائرة )!! و أي خروج عن هذا النص أمر غير مسموح به ؟
ثم إن إختيار الطرف المكلف بحمل رسالة التنحي و الإنزواء فيه خطأ منهجي وستراتيجي خطير فليس السيد نوري المالكي من يستطيع أداء تلك المهمة أبدا ، بل أن القادر عليها و المتمكن منها و الضليع في دروبها هو النظام الإيراني فقط لاغير ! ، وطبعا هذا النظام لم يتوصل بعد لتلك الحتمية رغم أنه مؤمن أبعد الإيمان بعدم قدرة ألأسد على البقاء بل أن الإنهيار هو سيد الموقف وهو ما يعلمه الإيرانيون جيدا ويحاولون تلمس طريق البدائل دون جهود واضحة ومتبلورة للعيان حتى اللحظة ،
نوري المالكي أساسا هو مشروع أزمة قائمة ولايمكن أبدا أن يكون الحل لأي أزمة ، لأنه وطيلة ستة أعوام من الحكم المباشر في العراق لم يحقق أي إنجاز سلطوي سوى توسيع مساحة الأزمة العراقية وسوى المباشرة بتفيذ مشروع فاشي لحزب الدعوة الفاشل يتمثل في الهيمنة على السلطة وفي عسكرة المجتمع العراقي و الإلتفاف على الدستور العراقي ومحاولة الخلود بمنصب الرئاسة حتى عودة غودو!! وهو أشبه بأمل إبليس في الجنة!!...
نوري لم ولن يتمكن أبدا من مجرد فتح حديث المغادرة والتنحي مع بشار أسد فكيف يمكنه بعد ذلك قيادة مشروع دولي بهذا الصدد ؟ من يراهن على أي دور لنوري المالكي في حل الأزمة السورية فإنه بلا جدال يراهن على الوهم المطلق... وتلك عاقبة الفاشلين..؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1189 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع