جــودت هوشيار
ليس المقصود بهذا العنوان ، الوزراء العراقيون ، الذين يحملون الجنسيات الأجنبية ، بل وزراء أجانب تكنوقراط ، يمكن أن يصلحوا حال البلد في مجالات الطاقة والأقتصاد والصحة والخدمات ومجالات أخرى .
وزراؤنا الذين يحملون الجنسيات الأجنبية عاش معظمهم في الدول الغربية لسنوات طويلة ، وتلقوا المعونات الأجتماعية من رواتب وسكن وضمان صحي وعاشوا على حساب دافعي الضرائب الغربيين ( الكفار ) ، وعادوا الى البلاد ، كما ذهبوا ، دون تصقلهم الحضارة الغربية أو ينهلوا من ثقافات الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها ، عادوا بعد أن مهد لهم الأجتياح الأميركي فرصة ذهبية للأثراء على حساب المال العام وشقاء المواطن العادي .
أما الوزراء التكنوقراط الأجانب ، فأنهم لا يرتبطون بالأحزاب السياسية المتصارعة على السلطة والمال والنفوذ. وليس لهم أقارب أو مقربين لتعيينهم في الوزرارات ولا يرتبطون بعلاقت عمل مع مقاولين او رجال اعمال محليين ، وهم سيؤدون واجباتهم ويتخذون القرارات الصحيحة بصرف النظر عن المصالح الحزبية والشخصية .
وحال أوكرانيا اليوم لا تختلف كثيراً عن حال العراق ، فأن مساحات واسعة من أراضيها ( شبه جزيرة القرم ، والمناطق الشرقية من البلاد ) محتلة ، والفساد المستشري ، يستنزف ميزانية الدولة ، وينخر ويدمر كل مفاصل الحياة .
هذه الأعتبارات هي التي دفعت الرئيس الأوكراني بيتر يوروشينكو الى استحصال موافقة البرلمان لتعديل التشريعات ذات العلاقة والتي تسمح بأشغال المناصب الوزرارية من قبل خبراء تكنوقراط أجانب ، وفعلاً تم تعديل تلك التشريعات ومنح الجنسية الأوكرانية للوزراء الأجانب في التشكيلة الحكومية الأخيرة في أوكرانيا ، حيث أنيطت حقيبة وزارة المالية الى المواطنة الأميركية ( ناتاليا يلريسكو ، التي عملت سابقاً خبيرة مالية في وزارة الخارجية الأميركية ، وحقيبة وزارة الأقتصاد الى رجل الأعمال اللتواني آيفاراس ابراموفيج ، ووزارة الصحة الى المواطن الجورجي الكساندر كفيتا شفيلي ، وزير العمل والصحة السابق في جمهورية جورجيا . . وجرى الأمر ذاته على مستوى وكيل الوزير في عدة وزارات ، وكذلك تم تعيين تكنوقراط أجنبي لرئاسة ( مكتب مكافحة الفساد ) . وقد برر الرئيس يوريشينكو هذا التعيين الأخير أمام البرلمان الأوكراني قائلاً : " لا توجد للمرمشح أي علاقات مع النخبة السياسية الأوكرانية ، فهو ليس صهراً أو نسيباً أو أخاً لأحد في اوكرانيا ، ويقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية في البلاد ، ويضمن العمل الفعال للمكتب . "
العراق بمسيس الحاجة الى وزراء تكنوقراط أجانب ،لأصلاح ما خربه وزراء المحاصصة ، خبراء لهم رؤية اقتصادية مدروسة وواضحة للنهوض بالأقتصاد العراقي ، واعادة بناء وتطوير البنى التحتية و توفير الخدمات العامة . وزراء لا يرتبطون بمافيات المقاولات والعقود ، وليس لهم أقارب لتعيينهم في وزاراتهم .
ولكن ثمة عدة عقبات تقف حائلاً للأقتداء بالتجربة الأوكرانية :
فالجارة العزيزة ايران الأسلامية ستعترض حتما على الأستعانة بالكفار لتمشية أمور بلد اسلامي كالعراق ، كما اعترضت على السفير السعودى المعين في العراق .
كا أن اعطاء عدة حقائب وزارية للأجانب سيكون على حساب القوى السياسية المشاركة في حكومة حزب الدعوة الحالية . لا شك ان صراعا مريراً سينشب بين تلك القوى . ليس ثمة في عراق المحاصصة كتلة سياسية يمكن أن تضحي بحقيبة – اكاد أقول بقرة حلوب - وزارية من حصتها خدمة للصالح العام . ، ولو افترضنا جدلاً ان الجارة العزيزة ستغض النظر عن الأستعانة بتكنوقراط (كفار) لأدارة بعض الوزارات في منطقة نفوذها ومجالها الحيوي ، وقامت الأحزاب السياسية بتغليب المصلحة العامة على مصالحها الحزبية والفئوية والمذهبية ولو مرة واحدة في حياتها ، ومع ذلك فأن ثمة عقبة كأداء أخرى تقف في وجه تحقيق هذا الحلم وهي : هل يوجد تكنوقراط أجنبي كفؤ ورفيع المستوى يقبل العمل في العراق في ظل الأمن المفقود و تسلط الميليشيات على الحكم و الملف الأمني .؟
أقول هذا الكلام عن تجربة ، فقد وجهت الدعوة (المترجمة الى اللغة الأنجليزية من قبل مكتب ترجمة مرخص قانوناً والمصدقة من كاتب العدل ) الى كاتب روسي صديق لزيارة أقليم كردستان. وجرت الأمور بسلاسة ، وقبيل مغادرته لموسكو توجه لحجز مقعد على احدي الطائرات المتوجهة الى أربيل عبر تركيا ، ولكن موظف المبيعات في شركة الطيران المعنية ، رفع حاجبيه دهشةً واستغراباً ، ً وقال : هل تمزح ؟ مجنون من يسافر الى العراق هذه الأيام . قال الصديق : ولكنني اسافر الى اقليم كردستان وهي منطقة آمنة . فما كان من موظف المبيعات الا أن قاطعه قائلاً : اليس الأقليم جزءاً من العراق ؟ أنت حر . لأ انصحك بالذهاب الى العراق والمخاطرة بحياتك ، ان لم تكن مضطراً الى ذلك .وعدل صديقي عن السفر واعتذر عن قبول الدعوة : قائلاً ، فكرت في مكتب الطيران ، بعائلتي الصغيرة ، زوجتي و ابنتي .
ما يشاهده المواطن الأجنبي يومياً على شاشات الفضائيات ما يجري في العراق من مآسي انسانية وحوادث دامية ، لا يترك مجالاً للشك أن السفر الى العراق محفوف بالمخاطر .
اذن حتى لو وافق التكنوقراط الأجانب على اشغال مناصب وزارية في العراق : يبقي الؤال : من يضمن أمنهم في عاصمة الرشيد التي تحولت الى عاصمة للميليشلت تصول فيها وتجول ، وتفعل ما تشاء دون حسيب أو رقيب .
3341 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع