صديق المجلة - بغداد
لم يعد خافيا تمدد جمهوريه ايران الاسلاميه في الكثير من دول المنطقة ومن بينها العراق وسوريا ولبنان واليمن.
كما لا يمكن التقليل من حجم وخطورة التحديات التي يشكلها «داعش» و باقي التنظيمات الإرهابية، كــ«النصرة» على سبيل المثال، إنْ لم يكن لكل الدول العربية فللبعض منها، وهذه مسألة باتت محسومة ولا يمكن النقاش فيها لكن ومع الاعتراف بهذه الحقيقة التي غدت تفقأ العيون فإنه يجب إدراك أنْ لا مقارنة إطلاقا بين تهديدات هذا التنظيم الإرهابي لهذه المنطقة وبين تهديدات إيران التي تمس الجوانب الاستراتيجية والتي تستهدف مكانة العرب السنة في المعادلة السياسية الشرق أوسطية.
إن هذا التنظيم الإرهابي الذي تجاوز كل الحدود في جرائمه والذي أساء أكثر ما أساء للدين الإسلامي الحنيف هو مجرد مجموعة صغيرة بالإمكان محاصرتها والقضاء عليها في النهاية إنْ كان في عام أو عامين أو أكثر أو أقل لانه ظاهره تفتقر الى عوامل الديمومه مثل القواعد الثابته والموارد والتاييد وترويج مبادئها التي تتقاطع مع مبادىء الدين الاسلامي الحنيف بالرغم من محاولاتها لتغطية افعالها بغطاء الدين ويخبرنا التاريخ كما هو معروف، ما كان قد حصل مع (الخوارج) ومع (القرامطة) ومع (الحشاشين) ومع (المختار) ومع كل الحركات الطارئة التي ظهرت كالنبات الضاروالشيطاني على مجرى نهر الحضارة العربية والتاريخ الإسلامي وهنا فإن كتاب «بندقية للإيجار» لمؤلفه باتريك سيل قد ألقى أضواء كاشفة على حالة واحدة من هذه الحالات هي حالة صبري البنا (أبو نضال) الذي انتهى مقتولا في بغداد عشية الغزو الأميركي للعراق.
لقد عاث (القرامطة ) في الأرض فسادا في لحظة تراخت فيها قبضة دولة الخلافة الإسلامية، ولعل ما لا يعرفه البعض وخاصة الأجيال الشابة هو أن هؤلاء منعوا المسلمين من أداء فريضة الحج لأكثر من عشرين عاما وأنهم احتلوا مكة المكرمة واختطفوا الحجر الأسود ولم تتم استعادته إلا بعد عقدين من السنوات وأنهم تمادوا كثيرا في استباحة حرمات المسلمين ونهب أموالهم وتدمير ممتلكاتهم لكنهم بالنتيجة لم يستطيعوا الاستمرار وانتهوا نهاية مأساوية بحيث لم يبق لهم أي أثر لا في التاريخ العربي ولا في التاريخ الإسلامي وهذا ينطبق كما هو معروف على (الخوارج ) وعلى (الحشاشين ) الذين اعتبرهم مؤسسهم حسن الصباح خنجر الدولة الفاطمية (الإسماعيلية) الذي لم يتورعوا عن غرسه في خاصرة صلاح الدين الأيوبي لأنه ألغى هذه الدولة، أي الدولة الفاطمية، واستعاد حكم الدولة العباسية في مصر وفي بلاد الشام.
إن المقصود هنا هو أن (داعش ) ظاهرة مصيرها الزوال لا محالة مثلها مثل كل التنظيمات والحركات الإرهابية التي عرفها وشهدها هذا العصر عندنا كعرب وكمسلمين أو عند غيرنا مثل (الألوية الحمراء ) الإيطالية و (المافيا ) الإيطالية التي أصبحت أميركية و(بادر ماينهوف ) الألمانية و مثل الكثير من حركات التطرف في أميركا اللاتينية وفي أفريقيا.. إن هذه مسألة محسومة وهي مسألة وقت قصر او طال، وكل هذا والمعروف أن هذا التنظيم الإرهابي ما كان من الممكن أن ينمو كل هذا النمو وأن يصمد كل هذا الصمود لولا حاضنة العرب السنة التي وفرها له القمع الهمجي الذي تعرض له هؤلاء في عهد بول بريمر وفي عهد نوري المالكي،والمستمر وبحدود معينة إلى الآن، ولولا التسهيلات التي قدمها نظام بشار الأسد منذ بدايات انطلاقة الثورة السورية وحتى هذه اللحظة.
أما بالنسبة لإيران فإن الأمور أكثر تعقيدا وأكثر خطورة فهي أصبحت تهيمن عمليا على أربع دول عربية هي العراق وبالطبع سوريا ولبنان بحدود معينة واليمن، والأخطر، وهذا معلن ومعروف ولا يستطيع أي كان إنكاره، هو أن هذا التمدد الإيراني قد ترتبت عليه تغييرات«ديموغرافية» خطيرة جدا وبحيث أصبح الخيار إما الاستسلام للإرادة الإيرانية والتسليم بالأمر الواقع وإما القبول بالتقسيم المذهبي الذي أصبحت خطوطه العامة واضحة كل الوضوح إنْ في بلاد الرافدين وإنْ في «القطر العربي السوري» وإنْ في اليمن الذي انتزعه الإيرانيون من بين أيدي العرب وهم يتفرجون وبلا حول ولا قوة!!
وهنا اقتبس نص لتصريح ايراني رسمي
(قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن (إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي )، وذلك في إشارة إلى إعادة الامبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة له ) ..
ويقول هادي العامري وبالرغم كونه ايراني المرضع والمنشا والهوى والانتماء ولكنه الان محسوب على العراق والعراقيين :
(هادي العامري: نلتقي مع سليماني... يقدم لنا المشورة والمعلومات ونحترمه كثيرا) ..
وهنا لابد من الاشاره الى ان وزراة الدفاع العراقيه غير معنيه بادارة العمليات العسكريه الان في تكريت وديالى والانبار والشاهد على ذلك اهمال رئيس الوزراء لوزير الدفاع في اخر مؤتمر صحفي وان من يدير العمليات قاسم سليماني وضباط من فيلق القدس والحرس الثوري الايراني وهناك مالايقل عن عشرة الاف عسكري ايراني في العراق عدا لواء مشاة معزز بالمدرعات دخل يوم 8 آذار الى الاراضي العراقيه لتعزيزات في صلاح الدين ..
لقد أصبحت الأموربالنظره الاولى غير قابله للحل فالتغلغل الإيراني في هذه الدول العربية الآنفة الذكر، وعلى أساس طائفي، تجاوز كل الحدود ولذلك ويقينا أن وطننا العربي سيدخل حقبة إنْ ليس فارسية فإيرانية ستطول بمقدار ما استطالت الحقبة الصفوية ( نسبة الى الدوله الصفويه الشيعيه ) إنْ بقينا نتصرف بكل هذا التراخي وبكل هذا الاسترخاء والتجاهل وبكل هذا التردد وإنْ لم تبرز الآن.. الآن وليس غدا طليعة عربية تقبض على إيران من اليد التي تؤلمها وتتدخل في شؤونها الداخلية كما تتدخل في شؤوننا الداخلية وتتعاون من أجل هذه الغاية مع «مجاهدين خلق» ومع كل تشكيلات المعارضة الإيرانية ومع «البلوش» وعرب عربستان وأكراد كرمنشاه.. فالعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ومن ضربك على خدك الأيسر فوجه له ألف ضربة على خده الأيمن.
إنه غير جائز أن يبقى هذا الرامبو .. قاسم سليماني يتنقل بين حلب ودمشق وجبهات القتال في سوريا وبين بغداد وتكريت وديالى وجبهات القتال في العراق، فهذا معناه أن إيران هي صاحبة الحرب وهي صاحبة القرار في هذين البلدين العربيين، وهي في حقيقة الأمر كذلك، وهذا معناه أن العرب العراقيين، سنة وشيعة، وأن العرب السوريين، سنة وعلويين، سيبقون مختطفين من قبل جمهورية الولي الفقيه وأن العرب كلهم سيبقون كالشاة التي تنتظر خنجر الجزار وسيبقون عاجزين ان يوقفوا المد الفارسي ..
يجب أن تنفتح الدول العربية القادرة والمقتدرة وغير المصابة بالذعر من البعبع الإيراني على العرب الشيعة في العراق.. على القبائل العربية العريقة التي هي تعرف معرفة أكيدة أن المطحنة الفارسية سوف لن تتركها بالنتيجة وعلى العرب العلويين في سوريا الذين باتوا يعترفون بأنهم قد قدموا أكثر من أربعين ألف شهيد من أجل الحفاظ على حكم عائلة الأسد وعائلة مخلوف وعلى الفاسدين المتعيشين من هذا النظام الذين يتشبثون به ويريدون بقاءه.. إنه من غير الجائز أن نبقى نتفرج على إخواننا هؤلاء وعلى أبناء شعبنا وإيران تستخدمهم كخناجر مسمومة ضد أمتهم وضد أبناء شعبهم وهي تمعن في استباحة أوطانهم التي هي جزء من الوطن العربي الكبير.
إن هذه هي الحقائق التي غدت واضحه وضوح الشمس في عز النهار وإن لم تكن هناك صحوة عربية وإن لم يكن هناك بروز طليعة عربية تنهي كل المشاكل والإشكالات العالقة مع الدول العربيه فيما بينها ومع الدول الاسلاميه مثل تركيا فإن القادم سيكون أعظم ولذلك فإنه لا بد من التأكد ومن دون أي تردد على أن (داعش ) يشكل خطرا عابرا ومؤقتا أما إيران فإنها تشكل خطرا (استراتيجيا) باقيا ..
إن إيران أخطر من هذا التنظيم الإرهابي بألف مرة ولهذا فإنه لا يجوز التركيز على هذا التنظيم والانشغال به وترك الحبل على الغارب للإيرانيين الذين تجاوزوا كل الحدود والذين باتت تطلعاتهم وأهدافهم واضحة ومعروفة.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
(( اذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ))
صديق المجله / بغداد
938 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع