قررت الامانة العامة لمجلس الوزراء قبل ايام إلغاء العمل بنظام البطاقة التموينية والتي كانت توفر كميات معينة من مواد الاعاشة للمواطنين بشكل شهري منتظم ، وهي استبدالها ببدل النقدي تدفع بموجبه كل مواطن عراقي مبلغا قدره 15 الف دينار شهريا ما يعادل (12 دولار) امريكي كبديل للحصة التموينية الشهرية للمواطنين بشكل مباشر ، .
بحجة وتبريرات واهية بأن الفساد مستشري في وزارة التجارة وانها لا تستطيع أبدا القضاء عليه ( كأن الفساد منتشر فقط في وزراة التجارة ) ، ورغم ذلك الجميع يعرف الغاء البطاقة التموينية سوف يؤدي الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية في الاسواق وما يلحقه من إستغلال بشع . هذا القرار ليس الا ارضاءا للبعض من الحراميين والتجار المتنفذين الذين يريدون أن يحتكروا السوق لوحدهم كي يمصوا ما تبقى من دم العراقيين الفقراء .
إن الإستغراب من قرار مجلس الوزراء بخصوص مشروع إستبدال البطاقة التموينية ببدل نقدي" ، وتعتمد غالبية العراقيين عليها في حياتهم اليومية منذ بدء العقوبات الدولية على العراق في العام 1991 بعد غزوه الكويت ، لكن المثير للدهشة كيف يفكر مجلس الوزراء ان 15 الف دينار تكفي لسد رمق الفرد العراقي ، وهذا المبلغ حيث لا يساوي بشيء اذا قورن بظروف المعيشة المرتفعة في العراق والتي تزيد يوما بعد يوم .
كل هذه المؤشرات تدل بان مجلس الوزراء يصدر القرار بدون دراسة ، كان عليه ان يحسب الف حساب قبل ان يفكر في اصدار هكذا القرارات المجحفة التي تمس الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفرد العراقي . وكان عليه يحارب الفساد المستشري في هياكل الدولة ومؤسساتها والحفاظ على ممتلكات الدولة ، وتوفر الامن والأستقرار للعراقيين وتقديم الخدمات الحياتية والإنسانية لهم ، قبل إستبدال البطاقة التموينية ببدل النقدي ، والأجدى به ان يعالج كل هذه المشاكل وعدم تفشي الفقر والبطالة والأمية والجوع والأمراض ، لان مثل هذا القرار بخصوص مشروع إستبدال البطاقة التموينية ببدل نقدي يحتاج الى برامج ودراسة علمية من إناس متخصصين وقادرين على وضع العلاج الناجح له ، لان اي أزمة لا تحل بتفريخ الأزمات ، ومحاسبة المفسدين الذين يعيثون فسادا بواردات الدولة ويتنعمون بخيراتها ، واستجابة لشكاوى المواطنين المتضررين .
هناك جملة تساؤلات حول قرار الحكومة باستبدال البطاقة بمبالغ نقدية : هل للمصارف القدرة على القيام بهذه العملية ؟ وهل الحكومة قادرة على ضبط أسعار المواد الغذائية الأساسية في السوق وكبح جماح التجار والحد من جشعهم وتحكمهم في قوت المواطنين ؟ وهل التجار قادرون على تلبية حاجة السوق ؟
على المساكين بالسلطة أن يُصلحوا الأمر بابتعادهم عن مسؤولي السوء ، وسماسرة الصفقات الناهبة لثروات الشعب ، وأن يتبنى طريقة حياة متناسبة مع واقع شعبه ، الذي يكاد الجوع يأكل نصفه ، وأن لا يضع مصالحه الضيقة ومطامحه الأنانية فوق أسس الديمقراطية ومبادئ الدستور ، لان الواقع المرير , وتجربة الاعوام الماضية تسير عكس تيار الاصلاح والبناء , فلا القانون ولا تطبيق العدالة والحق ولا انصاف المظلوم ، الانزلاق الخطير بالعملية السياسية نحو المجهول .
939 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع