ملخص ندوة يوم الاثنين المصادف 5 تشرين الثاني 2012 في ديوان الكبيسي
المحكمة الاتحادية دستوريتها وهويتها وأبعاد أزمتها
المحاضر
الأستاذ الدكتور رحيم الكبيسي
التعقيب
الأستاذ حسين الفلوجي
أدار الندوة
الدكتور أيوب ياسين
التوثيق
د. عمر الكبيسي
حضر الندوة عدد جيد من الاكاديمين والاعلاميين والساسة وبعد تقديم المحاضر كسياسي قومي له مسيرة طويلة مليئة بالاحداث والمفارقات لم تمنعه من مواصلة الدراسة الاكاديمية ليحصل على الدكتوراه في القانون من فرنسا ويصل على لقب الاستاذية ويدرس القانون في جامعات عربية عديدة . بدا المحاضر حديثه عن دستورية وهوية المحاكم الاتحادية ضاربا الامثلة العديدة لدول ودساتير متعددة لدول غربية وشرقية عن طبيعة عمل وتشكيل هذه المحاكم وامثلة عديدة لفض قضايا دستورية استوجب الخلاف في تفسير النص الدستوري او القانوني ان تكون هذه المحاكم هي صاحبة الفصل الملزم بحل الخلافات حولها كما حدث في مصر حديثا وفي فرنسا . وفيما يلى هو خلاصة من حديث المحاضر :
لضمان علوية الدستور واحترام قواعده ،لا بد من ايجاد الية قانونية تكون الغاية منها التحقق من مدى مطابقة القوانين العادية للدستور ،وذلك لعدم إصدارها اذا كانت لم تصدر بعد او لإلغاء ها او الامتناع عن تطبيقها اذا كان قد تم إصدارها ..والرقابة على دستورية القوانين تعتبر ضمانة لاحترام الحقوق والحريات التي يجب ان يتمتع الافراد في الدولة ..وتحقيقا لهذا الامر فان الدول تتباين في ايجاد الآلية التي من خلالها يتحقق سمو القواعد الدستورية ، فمنها ما يأخذ بالرقابة السياسية ومنها ما يأخذ بالرقابة القضائية بغض النظر عن الأسلوب المتبع هنا وهناك .. والمقصود بالرقابة القضائية قيام القضاء بالتحقق من مدى مطابقة القوانين لأحكام الدستور ،والهيئة التي تقوم بهذا العمل هي محكمة قضائية وهي الاكثر شيوعا في اغلب دول العالم التي تعتمد الدساتير الجامدة عنوانا لانظمتها السياسية ...وهذه الرقابة تتميز بانها قانونية يقوم بها قضاة يتمتعون بكفاءة قانونية وحيدة واستقلال في مواجهة بقية السلطات ،كما ان القضاء يحوز في الغالب ثقة الافراد وهو الموكول اليه مهمة إرجاع الحقوق الى أصحابها والدفاع عن حريات الافراد من العبث بها من السلطات الاخرى ...واذا كان الامر كذلك في دول العالم فان المسءلة المطروحة للنقاش تكمن في مدى تواجد هذا النظام القضائي في العراق وفيما اذا كانت القواعد الدستورية تجد احترامها من خلال الآلية المطروحة ...المحكمة الاتحادية التي شكلت في العراق بعد الاحتلال كانت تطبيقا لنص المادة٤٤من قانون إدارة الدولة الذي اصدره بريمر وهو بمثابة دستور للدولة العراقية المحتلة ،وهذه المحكمة لا زالت تمارس أعمالها لحد الان لحين صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا بالتطبيق لنص المادة ٩٢ من الدستور الذي صدر سنة ٢٠٠٥ الجدل القائم في أوساط مجلس النواب حول عضوية هذه المحكمة يكمن في المحاصصة الطائفية والحزبية التي سار عليها العراق في كل التعيينات وهذه المحاصصة كانت ولا زالت على حساب الكفاءة والنزاهة وستكون لاخطر جهاز في الدولة وهو المحكمة الاتحادية..وهذه المحاولات تسعى الى تجريد القضاء الدستوري من صفته الوظيفية وحياديته وتحويله الى مجمع فقهي لتشخيص مصلحة النظام كما هو الحال في ايران ..والجدل يكمن كذلك في نوعية الاعضاء واعدادهم وصلاحيات رجال الدين في الاعتراض على أحكام المحكمة الاتحادية ...صحيح ان تشكيل المحاكم الدستورية في العالم يراعى فيه احيانا الجانب السياسي بحيث يكون لأعضائها او لبعضهم تأثيرا سياسيا لأنهم يتمتعون بقوة سياسية او يمثلون قوى سياسية ،الامر الذي يمنح المحكمة هيبة ،ويجعل أحكامها اكثر قبولا من القابضين على السلطة ..الا ان هذه العناصر السياسية تمتاز بالكفاءة والقدرة والاهتمام بالدفاع عن الحقوق والحريات العامة مما لا يتوافر بنظام يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية البغيضة ولهذا لا نعتقد ان الخروج من عنق الزجاجة سيكون سهلا ،بالرغم من ان مشروع القانون المتعلق بالمحكمة الاتحادية لا غبار عليه من الناحية الأكاديمية البحتة ،الا ان العبرة بحقائق الامور لا بأشكالها ..
المعقب البرلماني السابق والقانوني وعضو لجنة كتابة الدستور ممثلا عن التوافق شكر المحاضر على حديثه البناء المتميز بالاكاديمية والقانونية وقال تعقيبا على ذلك :
على افتراض شرعية الدستور والدولة الحالية ، ينبغي التأكيد ان القابض على السلطة هو الذي يتولى وضع القواعد الاساسية للدستور وما حدث هو أن الاحتلال الأمريكي والتحالف الشيعي والكردي هو من هيمن على كتابة الدستور الحالي والموجودون في السلطة هم من اسس ورسخ المحاصصة في كل نتاجات السلطة والمحكمة الاتحادية وتشكيلها على قاعدة 9+2+2 تعكس حالة المحاصصة المعمول بها .
اراد المشرع من خلال إشراك الفقهاء في المحكمة الدستورية حتى اذا عرض نص قانوني يتعارض مع النص الفقهي يكون لهم دور في حسم التفسيرات المحتملة .ولئن النظام في العراق برلماني يخضع تشكيل المحكمة الاتحادية للتصويت البرلماني كي تحصل هذه المحكمة على تفويض كامل لصلاحياتها المنصوصة .
الخلل هو خضوع تشكيل المحكمة لضوابط المحاصصة ، والموافقة على الدستور بررت بوجوب تعديله وفق المادة 142 المنصوص عليها في الدستور والتي تعتبر الدستور معلق ومقيد بالتعديل الذي لم يحدث وهو أكبر خلل اقترفه محلس النواب وبالتالي ينسحب هذا على طبيعة تشكيل المحكمة الاتحادية وكيف يمكن ان تبت بنصوص دستور معلق ومقيد .
العديد من الحاضرين أكد ان المحكمة الاتحادية لا يراد لها ان تكون مستقلة وتفسيرات النصوص يراد لها منذ البداية ان تتلائم مع ارادة السلطة وإذا الغرض هو تفسير مستقل وقضائي فأن مثل هذه المحكمة لا يراد لها ان تكون او تقوم .
أحد الحضور عقب على المحاضر بقوله ان الدستور هو صيرورة اجتماعية وتراكم حضاري يعكس حاجة المجتمع لتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع في إطار استشراف مستقبلي لتلك الحاجات وحل الأزمات المتوقع حدوثها .لذا فالبيئة التي يتمخض عنها الدستور والقوانين المنظكة مهمة جدا بتصميم هيكيلته وتماسكه ونفاذه والصيغة التي ولد بها الدستور في العراق كان بسبب تمازج عدة اطراف منها المحتل اولا ومن ثم الكتل السياسية ذات الهوية العرقية والطائفية وبمدى معيارية تلك المؤسسات في اطار الحاكمية التي يجب سيادتها عبر هرم الدولة والمجتمع . المحكمة الدستورية هي واحدة من تلك المؤسسات التي تغيب عنها الحاكمية .
احد الحاضرين استفسر عن العلاقة بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الإتحادية فيما ذكر الاخر ان مجرد النص بوجوب حضور جميع الأعضاء يعني تعطيلها وان مجرد منح حق الفيتو لقسم الاعضاء ينفي كونها محكمة .
أجاب المحاضر مؤكدا ان الخلل يكمن في المحاصصة وفي منح حق الفيتو للفقيه مؤكدا ان جميع المحاكم الإتحادية لا تستوجب الاجماع حتى في محكمة العدل الدولية ولجميع الاعضاء لهم نفس القوة في التصويت والإقرار بالأغلبية . وضرب مثلا حول تشكيلة المحكمة الاتحادية الفرنسية التي تتكون من تسعة أعضاء قضاة ويضاف اليهم اعضاء سياسيين عادة رؤساء جمهورية سابقين وان هولاء الأعضاء يشغلون هذه العضوية ما داموا أحياء .
وإن مجلس القضاء قراراته إدارية تهم تنظيم القضاء إداريا بينما قرارات المحكمة تخص النصوص الدستورية وما يترتب على تفسيرها من خلافات .
آخر التعقيبات كان من نصيبي وهنا أثرت ان قضية مقارنة التشكيل بمعايير دول اخرى غير منصفة بسبب ان العلاقة بين الدين والدولة في هذه الدول محسومة بينما في العراق هناك حالة تشابك في هذه العلاقة والدستور يحمل تناقضات واضحة في قضية التشريع بوجود نص بعدم جواز تشريع اي قانون يتعارض مع الديمقراطية وفي نص آخر يتعارض مع الشريعة الاسلامية . علما بأن القضاء ودراسة القانون في العراق بنيت على اسس متينة فقهية منذ بداياته على يد السنهوري امتداد الى زيدان والحكيم والكبيسي وغيرهم من المتفقهين ولا يحسب القاضي العراقي مجرد خبير قانوني فقط بل من المؤكد ان القاضي العراقي له خبرة ودراية في فقهية القرار القضائي وانهم شغلوا منصب قضاة شرعيين ولهذا فإن مجرد التفكير بإعطاء حق الفيتو للفقيه ، يعد بحد ذاته اختراق كبير لطبيعة اي دستور مدني عصري وليس لدستور مليئ بالألغام والتناقضات كالدستور الحالي الذي يعترف الجميع بهفواته والغامه وهو المكتوب بنصوص لا تسمح حتى بتغييريه حين تم وضع شرط رفض المحافظات الثلاث ولئن القضاء العراقي باستثناء القضاء الجنائي المقتبس من القانون الفرنسي والمصري يتوافق مع الشريعة واحكامها . الخطورة تكمن في التفصيلات المذهبية التي يوجد عليها خلافات وتفسيرات حتى داخل المذهب نفسه على أن من حق المحكمة الاتحادية ان يكون لها استشاريين ليس فقط شرعيين وإنما قد يكونوا اقتصاديين او مهنيين او سياسيين بالإمكان العودة الى آرائهم لكنهم ليسوا أعضاء وليس لهم حق التصويت على اتخاذ القرارات .
ملاحظة مهمة:
بعد انتهاء الندوة تم الحديث عن ضرورة تطوير طريقة نقل احداث الندوة بشكل أفضل وان يتم تجنب ذكر اسماء المناقشين لما قد يسببه من إحراجات تخص طبيعة النقاش وحتى يتم حسم موضوع توثيق الندوة نرى ضرورة
أخذ اراء المتلقين حول كفاءة ما تم تلخيصه ونشره ومقترحاتهم بهذا الِشأن لتطوير توثيق الندوات بصيغة أفضل .
869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع