مرتكزات القوة الايرانية في المنطقة العربية الجزء التاسع :

                                               

مرتكزات القوة الايرانية في المنطقة العربية الجزء التاسع

10. مرتكز البرنامج النووي.

يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني الى العام 1960، حيث أنشأ شاه إيران "مُحَمَّد رضا بهلوي" منظمة الطاقة النووية الإيرانية ومركز طهران للبحوث النووية. إلا أن هذا المركز لم يأخذ الدور البحثي المطلوب إلا عام 1967 عندما أُلحقَ بجامعة طهران وأشرفت عليه منظمة الطاقة النووية الإيرانية. وبمجرد أن بدأ المركز بحوثه النووية  في جامعة طهران , أهدت الولايات المتحدة الأمريكية للمركز مفاعلاً صغيرًا بقدرة 5 ميغاواط لأغراض البحث. وكان لهذا المفاعل التدريبي قدرة على إنتاج 600 غرام من البلوتونيوم سنويًا من وقوده النووي.
كان طموح شاه إيران بناء 23 مفاعلاً نوويًا لإنتاج الطاقة الكهربائية، وبمدة قصيرة جدا بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن العقد الذي أبرمته ايران مَعَ( الشركة الألمانية كرافت ورك) عام 1975 قَدْ سبب إزعاجًا كبيرًا للولايات المتحدة الأمريكية. وكان فحوى العقد هو بناء مفاعل نووي في منطقة ( بوشهر) بقدرة 1200 ميغاواط تنفذه (شركة سيمنز الألمانية). ولإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية؛ قام الشاه بتوقيع عقد مَعَ ( معهد ماسيوشست التكنولوجي)  لتدريب 800 مهندس وفني. كما تعاقد الشاه عام 1974 مَعَ الحكومة الفرنسية لبناء مفاعلين نوويين قدرة كلا منهما 950 ميغاواط. إلا أن هذين المفاعلين لم يريا النور نتيجة قيام الثورة الإيرانية وسقوط نظام الشاه.
خلال الحرب العراقية -الإيرانية,قصفت الطائرات العراقية مفاعل (بوشهر-1 ) ست مرات، في 13 اذار 1984، شباط 1985، 11 اذار 1985، 17 تموز 1986، 2 و13 تشرين ثاني 1987. وخلال هذا القصف المركز والمستمر دُمر مفاعل (بوشهر-1 ) بالكامل وسويَّ بالأرض تَمامًا .
كان من أول أولويات ايران بعد انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية البحث عن العقود السابقة مَعَ الدول الأوربية لبناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية.
فاتحت الحكومة الايرانية برئاسة رفسنجاني في نيسان عام 1990 ( شركة كرافت وركك) لإكمال عملها في مشروع بوشهر الثلاثي، الذي نفذت منه مشروعين أحدهما بواقع 90% والآخر بـ: 50% وكلاهما دمرته القوة الجوية العراقية  . إلا أن الشركة رفضت التجاوب تحت ضغط أمريكي فطلبت حكومة رفسنجاني من الحكومة الألمانية التدخّل في حَلّ المشكلة؛ لأن الشركة قَدْ استلمت مبالغ بناء المشروع الثلاثي في بوشهر بالكامل دون أن تنجز مشروعها.
 استغلت ايران انهيار الاتحاد السوفيتي وحاجة روسيا للخلاص من أزمتها الاقتصادية فوقعت عقدًا مَعَ الحكومة الروسية في موسكو في الأول من اذار 1990 لإكمال مشروع مفاعل بوشهر النووي وبناء مفاعلين اخريين .
تعاقدت إيران عام 1993 مَعَ( شركة إنسلودو الإيطالية) التي تعمل مَعَ مجموعة شركات الألمانية لتزويدها بست مجسات نووية فصادرتها الحكومة الإيطالية. كما تعاقدت عام 1993 مَع( شركة سكودا بلزن الجيكية) لتزويدها بأجهزة لبناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية وألغي في صيف عام 1994 وبضغط  من أمريكا أَيضًا.
أن سبب منع إيران من الحصول على الطاقة كهربائية من مشروع نووي سلمي بالوقود النووي حيث يولد عند تفاعله كمية من البلوتونيوم ويعني ذلك أن الكمية المتولدة من البلوتونيوم يمكن لها أن تطور السلاح النووي .
خلال شهر اذار من عام 1995، وقعت ايران عقدًا مَعَ روسيا لتنفيذ مشروع( بوشهر ) تحت إشراف وكالة الطاقة النووية الدولية. وكان العقد ينص على إنشاء عدة مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية لها القابلية على إنتاج 180 كيلوغرامًا من البلتونيوم في السنة من الوقود النووي المستنفذ. كما كان العقد ينص على ضرورة إنجاز روسيا عملها في أول مفاعل نووي في بوشهر لتوليد 30-50 ميغاواط خلال أربع سنوات، وأن تدرب خمسة عشر خبيرًا نوويًا إيرانيًا في السنة. بالإضافة إِلى بناء وحدة لإنتاج الغاز النووي القاذف لتخصيب اليورانيوم.
طلبت روسيا من ايران استعادة الوقود النووي المستنفد في بوشهر إِلى روسيا. إلا أن إيران تمكنت في عام 1998 من إقناع روسيا بضرورة ترك البلوتونيوم لها وقررت أن تعوض روسيا ماليًا لقاء عدم نقل النفايات النووية لخزنها في روسيا.
بعد أن عجزت الولايات المتحدة الأمريكية، وبضغط من إسرائيل، على منع إنجاز مفاعلات بوشهر، راح الاثنان يصرحان بخطورة البرنامج النووي الإيراني، وكيفية استعمال البرنامج النووي الايراني للأغراض الحربية.
اصبح لدى ايران اربعة مواقع نووية رئيسية بالاضافة الى عشرات المواقع الثانوية, فالمواقع الرئيسية هي, بوشهر , نتز, اراك واصفهان.
نتيجة لعدم التعاون والشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة النووية عمد الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية على تطبيق عقوبات اقتصادية بحق ايران, اثرت بشكل مباشر على الواقع الاقتصادي للشعب الايراني حيث يأمل الغرب نجاح سلسلة العقوبات في تراجع ايران عن مشروعها النووي.
تسعى اسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية للمنشات النووية الايرانية حيث تشير المصادر أن اسرائيل قد اكملت تدريباتها على هذه العملية وتم استلام الاعتدة الثقيلة الخاصة بمعالجة الاهداف الكونكريتية المبنية تحت الارض.
تحاول اسرائيل اشراك الولايات المتحدة بهذه العملية بالرغم من تريث الولايات المتحدة في هذا الامر  بسبب اعتمادها على العقوبات الاقتصادية وتخوفها من اتساع رقعة المواجهة لتشمل كافة المنطقة , لقناعة اسرائيل بانها لاتستطيع تدمير البرنامج النووي الايراني بكافة مراكزه دون عون امريكي.
تتهم ايران الغرب واسرائيل بتنفيذ عدة عمليات اغتيال بحق علماء الذرة الايرانيين.
بالمقابل أعربت الدول العربية عن قلقها من هذه المشاريع التي من شانها ان تزيد من حدة التوتر في المنطقة , وتشكل عامل ابتزاز لهم اذا ما انجز البرنامج.
سواء انجز البرنامج النووي الايراني او تأخر الوقت في انجازه, يبقى هذا المرتكز من اهم المرتكزات الايرانية التي تمارس من خلاله سياسة التخويف والابتزاز في هذه المرحلة وسياسة الردع النووي اذا ما انجز المشروع.

الخاتمة

تم استعراض مرتكزات القوة الايرانية في المنطقة العربية من وجهة نظر الباحث حيث بلغت عشرة مرتكزات.
حيث يأمل الباحث ان يسعى  بعض الاخوة الباحثين  في  اغناء هذاالموضوع  بأضافة مرتكزات  اخرى تطور من هذه  الدراسة التي تعد من الدراسات المهمة التي تتعلق بالعلاقات العربية - الايرانية .
حاولت ان اعطي تقيما لسياسة ايران في خلق مرتكزات لتدعيم قوتها في المنطقة والعالم  بالرغم مما قد يثير هذا التقييم الكثير من التسؤلات والنقد من المعارضين لايران ومشروعها في المنطقة ومهما اختلفت دوافعهم سواء كانت طائفية او وطنية او قومية , ان ما تقوم به ايران من نجاح في حماية مصالحها وتنفيذا لسياساتها , يدعونا للتأمل به ودراسته وتحليله للخروج بسياسات عمل ناجحة تمكن الدول العربية من تحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة وان تكون عامل تاثير وحسم وليس عاملا تابعا لاقيمة له لايحسب له حساب  في موازين العلاقات  السياسية,  اتمنى من كافة الدول العربية ان تقلد السياسة و المنهج الايراني ولو بنسبة  ضئيلة ليتمكنوا من تحقيق اهدافهم.
أن من حق إيران عقد تحالفاتها وتقديم دعمها ومساندتها لمن تراه ينسجم قليلاً أو كثيراً مع سياساتها الإقليمية  ويخدم مصالحها الحيوية. مشروعها القومي و
وهذا لايعني إننا نوافق على كل السياسات الإيرانية في المنطقة أو لانسجل ملاحظاتنا السلبية على سلوكيات وبرامج الحكومة الإيرانية والتي من شانها ان تسعر حالة العداء من قبل الشعب العربي وبعض الحكومات العربية.
إذا كانت السياسة فن الممكن ، ففي جوهر هذه السياسة ، يكمن فن دراسة المتغيرات وما يصاحبها من احداث ، وفن إدارة العلاقات وفن عقد الاحلاف والتحالفات وهذا ما لا يعرفة القادة العرب .
الدكتور وليد الراوي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

844 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع