سيف الدين الألوسي
اليوم جولة صباحية مع أخوية المهندس الاستشاري أحمد صاحب زيني في شارع المتنبي والحيدرخانة والقشلة ,, يمكن عشرة بالمية من سكان بغداد مجتمعين , مما يدل على سمو الثقافة والمثقفين في هذه المدينة المستأصلة بالعلوم والثقافة ...
أشتريت دوواين أحمد مطر وكتاب الاستشراق لادوارد سعيد ودليل المملكة العراقية ونصف درزن سداير ( لي وللاولاد والنسبان ) , لا يوجد كتاب في الكون غير موجود في المتنبي وحتى باللغات الاجنبية , مسرحيات شكسبير كلها باللغة الانكليزية !! مظاهرات ضد الفساد , مظاهرات أخرى ضد تقييد الحريات ولافتات وتوزيع لمنشورات توزعها شابات تنادي بالتبرع للنازحين والمرضى والمعوقين, أناس يتكلمون ويبدون الرأي وكل واحد منهم ماخذ زاوية وأحدهم قرب تمثال المتنبي , رسامين شباب يرسمون البورتريت بالفحم وقلم الرصاص ويعرضون أعمالهم في أروقة القشلة الجميلة,, فرق موسيقية غربية وشرقية تعزف وحولها العديد من المتفرجين والمستمعين, عازفين منفردين ومطربين يغنون أجمل الاغاني , باعة للشلغم واللبلبي والرمان المفرط والسميط الاصلي والبادم والتكة الزينة والجاي الاصلي والقهوة بكل أنواعها ... جو خريفي أروع ما يكون كان ماطرا في الصباح ,, شياب وبريكية وشابات وعجايز وشياب مثلي متقاعدين!!!! توزيع صحف بالمجان وخصوصا الصحف اليسارية والليبرالية والديمقراطية , كثير من الاجانب , أولياء أمور وأطفال فرحين بهذا الكرنفال الجميل ,, لم أتوقع هذا العدد الكبير من البشر المتعطش للحرية الملتزمة المتطورة وضمن النظام والأدب ,, المكتبات زحفت الى شارع الرشيد في الحيدرخانة وجامعها الجميل تحت الصيانة, محلات الحلاقة وبيعها عدد الحلاقة وكراسيها والباروكات بمختلف الالوان والاشكال (( محل سمير غانم خالي )) ,, شربت حجي زبالة الاصلي ,, متشردين عدةولكن مثقفين غدرهم الزمان,, حركة دؤوبة للناس وتزاحم على شراء الكتب وشعراء وباحثين وأدباء وكتاب وفنانين وطلبة للفنون والعلوم ,,عددت أكثر من عشرة قنوات تلفزيونية تعمل لقاءات مع الناس والمثقفين وتسألهم عن الاوضاع السياسية وكل يغني على ليلاه ,, مقاهي متعددة للمثقفين ومنها داخل القيصرية (( المخابز العسكرية سابقا )) ومنها في ساحة القشلة , ومنها المقهى العريق الشابندر المزدحم جدا بالزبائن ,, رائحة الكص الاصلي تعثول !! فوضى سكانية بغدادية وما أجملها من فوضى بها كل الخير والبركة ,, شهادة للتأريخ بأن المتنبي وساحة القشلة وبمنتدياتها الثقافية ومنها منتدى المدى الثقافي والمتحف البغدادي الجديد في القشلة , أصبحت مثل هايد بارك كورنرفي لندن أو ساحة يونين في سان فرانسيسكو ولكن بنسخة بغدادية عراقية لها نكهة لا توجد لها مثيل في كل أنحاء الكون ... هذه بغداد التي نعرفها ويقينا أنها عائدة الى زمانها الذهبي رغم أنف كل الأعداء .. عشت يا بغداد دوما .
1361 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع