عبدالله عباس
حكا لي أحد أصدقاء حكاية طريفه مفادها :( أن مجموعة من الأصدقاء لرجل مدمن على الشرب الخمر ينصحونه بضرورة التخلي عن هذه العادة السيئة؛ ولكن دون جدوى؛ فأقترح احد الأصدقاء على الرجل أن يقتصر شرب الخمر فقط على المناسبات...!
فاظهر الرجل المدمن موافقته على ذلك وبعد أن عم المساء قام الرجل وقال هيا لشرب الخمر...فقال له أصدقاءه ألم نتفق أن لاتشرب إلا في المناسبات...؟ قال نعم نشرب بمناسبة هذا القرار...!) ونحن وفي أحد مواضيعنا المتواضعة وجهنا هذا السؤال البسيط حيث قلنا:
(...وبالمناسبة وعلى سبيل المثال وليس حصرا ؛هل انتصار المقاومة الفلسطينية تهديد حيوي وخطر على المصالح الأمريكية في عمق الأراضي الأمريكية...؟ ومع ذلك نراها تحاربها وبنفس الحماس الذي تحارب الطالبان في أفغانستان مع الفارق في الأسلوب ...! ) فعندما نقراء كلام أستاذ التأريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن أندريه جيهبيسيفيتش في صحيفة نيورك تايمز وهو يوجه السؤال :أليست هناك بدائل أخرى لإرسال جيوشنا كما تختنق على الرمال الساخنة في العراق وأفغانستان...؟ أن هذا الرجل ؛ لايوجه سؤاله لصالح (مظلومين في العراق وأفغانستان) إنما السؤال دافع ؛ للبحث عن طريقة لاستمرار و ضمان الهيمنة الأمريكية بدون ضحايا يصل إلى حد إثارة الرأي العام الأمريكي.... لذا يتهم المسئولون في واشنطن بالافتقار للخيال....!والرجل لايطلب من الإدارة الحالية أن تكون حمل وديع ويتراجع عن ما قامت بها الإدارة السابقة ؛ لذا يدعو إلى ألأخذ بمبداء التوجه إلى الحروب الضرورة وتكون هي الأساس من الآن فصاعدا وعندما تكون الولايات المتحدة تشعر أن مصالحها الحيوية معرضة للخطر حقا...؛ منذ ظهور الولايات المتحدة كقوة عظمى تبحث عن مناطق تعتقد إنها صالحة للنهب ومطلوب الهيمنة عليها يبحث على العدو فيها ليكون مبررا إليها ؛ فبعد سقوط الشيوعية وجدت ضالتها في الإسلام الثوري ومن حسن حضها إنها انطلقت في مناطق تطمع أمريكا السيطرة والهيمنة عليها...
ورغم إعتبار أفغانستان خامس أفقر بلد في العالم حيث يعيش 42 % من السكان بأقل من 14 دولاراً في الشهر و تعيش اغلبيه الشعب الأفغاني في القري والجبال والصحاري المحيطه بها بينما تعيش القلة فقط في المدن الرئيسية وتسود حاله من التدهور الحاد في الظروف المعيشية والخدمات الاوليه حتي في المدن الرئيسية ويعيش معظم الشعب علي حد الكفاف وتحيق أخطار المجاعة علي المناطق الفقيرة بشكل دائم و يعانى أكثر من 70% من الأفغان من سوء التغذية مع ذلك قامت أمريكا بإلإحتلال هذا البلد .
أن أمريكا بلجوئها إلى الحرب ضد أفغانستان وبعد ذلك غزو العراق ؛أكدت للعالم أن من ثوابت السياسة في أمريكا خصوصا وبعض الدول الغريبة عموما – وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي لكل ما تقوم بها أمريكا على ساحة البحث عن المصالح والمواقع للهيمنة هي العمل بمنطق القوة بضد من منطق الحقوق الشرعية والقانونية .
فتصوروا عندما يرى هنري كسنجر أحد ألناشطين السياسيين الأمريكيين خطط لكيفية تنفيذ الكثير من الثوابت السياسية الأمريكية في الخارج ‘ أن السياسة الخارجية الأمريكية تؤكد على الدور الأخلاقي والقيمي كدور أساس في تكوين التقاليد القومية كالعدالة والكرامة والإنسانية والمساومات والتي سوف تنعكس بدورها على السياسة الخارجية الأمريكية لتأخذ أبعاد كونية خلال انتشارها في إطار العلاقات الدولية.....! وليسأل كل ذي بصيرة أين الوجه (الأخلاقي والقيمي كدور أساس في تكوين العدالة والكرامة والإنسانية والمساوات منعكسة على العمليات العدوانية المدمرة في أفغانستان والعراق..؟)
من المعروف أن الهيمنة الأمريكية علي العالم قد بدأت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 – وذلك عقب ثلاثة قرون من السيطرة الأوروبية علي الأوضاع الدولية، تخللتها حربان عالميتان أنهكتا قوى القارة العجوز ‘وجدير بالإنتباه ‘ عندما استلمت أمريكا قيادة الموقف الغربي ‘لمتصبح عدواً لقوى المتنفذة لقارة العجوز نظراً لتطابق الرؤية في الموقف والتصرف تجاه أهداف الهيمنة على مقدرات العالم شرقاً..!والأن عند متابعة مايحدث حولنا ‘ نرى بدايات تحول أمال إنتفاضات التي اندلعت بفعل تحرك إرادة الشعوب في منطقتنا ‘ إلى نوع من حركات تسير نحوة المجهول و إستمرار فوضى تفقد وضوح الرؤيا والهدف وهذا واضح عند نظره دقيقة لـ( وضع الخليج ) و (تعليق تفاهم فلسطيني – فلسطيني) و (فوضى وصراع في مصر ) ( فوضي السياسية في العراق ) و ( إطالة سفك الدماء في سوريا ) كل ذلك مع الأسف فتح المجال أمام ( المهزومين الغربين ) نتيجة تصرفاتهم السيئة في المراحل السابقة لإعادة النظر بالموقف والتصرف و توجهات تجاه مايحدث ليستطيعولملمة القواهم التأمرية والعدوانية تحت مختلف الشعارات وهم مسيطرون على مصدر قرار مايسمى بالشرعية الدولية وهكذا ومع أن (عصبة الغرب) بين مرحلة وأخرى تقوم بتغيير الاسلوب وحتى نوعية الكلام ( نبرتاً و صوتاً ) وحسب الوجهة والمكان التي يوجهون اليها الكلام دون وجود أي دليل على ان هناك تغيير عملي في ثوابت التعامل والاهداف في التعامل مع (أهل الشرق) ‘ وبالرغم من هذا الوضوح في المشهد منذ عشرينيات القرن الماضي ‘ عند مراجعة الاحداث نرى صور خطيرة رسمتها عصبة الغرب لتبقى ظاهرة تؤكد إدامة ( لعبة ألاسلوب المتغير ) ضمانة لفقدان ذاكرة أجيال طريقاً للحفاظ على تلك الثوابت التي دفعت أول ( قافلة غربية ) للتوجه نحو هذه المنطقة ‘ وأخطر الصورَ من تلك الصور خلق أرضية لنمو نخبة ( غربيي الهوى) متكونه من قوتين مؤثرتين الأولى متنفذة بيدها ( حل وربط) الرعية و الثانية هم الذين يسمون أنفسهم بالمنورين و أحياناً مفكرين لهم قدرة منظمة في التحرك داخل منظومة ‘ وهذه النخبة شرقية الشكل ولكن غربية الهدف ‘ وهم يغيرون باسلوب أكثر حماساً من عصبة الغرب نفسها ‘ ويقف مايسمى بــ( المحللين ) في المقدمة ضمن كل مرحلة من المراحل التي مر عليها تواجد الغرب المهيمن على الشرق !!
هناكَ مثل شعبي كوردي يقول : (قال طٌبر – فأس - : لو لم يصنعوا مقبضي من شجر ‘ لكان من المستحيل ان أستطيع قطع الشجر) تابعو ما افرزتها قريحة هؤولاء المحللين منذ إندلاع إنتفاضات شعوب المنطقة على سبيل المثال ‘ فكانو هم قبل الغرب ( لايفرق شيء فهم غربيي الهوى) عزفوا على وتر : خطورة إندلاع حروب اهلية في تلك البلدان ‘ فسمعنا وقرأنا من تحليلات هؤولاء تفاصيل عن خطر وجود الاقليات بين شعوب المنطقة ‘ ما كانوا وعلى مدى سنوات طويلة سمع أحد أو قراء لهم أحد يتحدث عن تنوع الإنتماء ضمن وطنة وليس المنطقة كلها .. تحذير من أن الديمقراطية تؤدي إلى الفوضى ‘ بعضهم يقوم بفتح ملفات ‘ كان قبل ذلك من أشد المتحمسين لعدم فتحها خوفاً على الوحدة الوطنية ‘ كانو يكتبون عن ضرورة نسيان سلبيات الماضي واليوم يفتحون صفحات الماضي الدموي بين مكونات اهل المنطقة دون إشارة ولوعابرة إلى دور الغرب الذي أشعل الصراعات الدموية وبعد ذلك صنع تجزئة خطيرة وثبت إرادات خالية من كل مستلزمات البناء حتى على طريقة نموذجهم الغربي ‘ يؤشرون بشكل منظم إلى كل خطوط التقاطع هنا عديدة جدا، فالدول الخليجية العربية ضد إيران، والإسلاميون الديمقراطيون ضد الاستبداد العلماني، والسنة ضد الشيعة. ،مع التحذير وبطريقة خبيثة من ظهور توجه الدول الغربية الكبرى نحوة بناء تحالف مع الاسلاميين بعد فوزهم في انتخابات بعض دول المنطقة وثابتا للإسلاميين أن الغرب يراهن على الإسلام السياسي ورمى جانبا جميع شركائه وحلفائه السابقين.... من يقراء التأريخ بدقة وموضوعية يفهم بوضوح معنى هذا الكم الهائل من الاخبار والتقارير و طرح سيناريوهات ويرى ان كلها تسير بإتجاه التشكيك بما تؤدي اليه نتائج مايحصل من تغييرات في هذا الوقت العصيب الذي تمربه المنطقة وشعوبها ‘ يفهم أن هذه النخبة تسهل الطريق أمام البقاء على ثوابت الغرب مع أي تغيير ممكن ان يحصل في البناء الجديد ‘ لان هذه النخبة تعرف جيداً ان عصبة الغرب وضمن تلك الثوابت لاتولي أهمية كبيرة لمبادئ أنظمة الحكم أو نوعية النخبة الحاكمة وهويتها الطبقية ‘ ما يشغلها فقط سياسات تلك الأنظمة تجاه مصالح الغرب وأمريكا هي في مقدمة هذه العصبة قطعاً .
لا أحد يشك في مشروعية إنتفاضات الشعوب المنطقة ‘ وكل يعرف أسباب إنفجار الغضب القاعدة الجماهيرالشعبية في البلدان التي بدأت فيها الإنتفاضات ‘ ولكن تعالو جزاكم الله خيراً أرونا نتيجة واحده تبشرنا بالخير في تحقيق الحقيقي لمصالح الناس المنتفظة ‘ بداً بالضمان الحياة الحرة والشريفة من خلال معالجة البطالة إلى تشريع قوانين تضمن الحرية الحقيقية المسؤولة وتصون المجتمع وتتطور الإقتصاد وتعمق العلاقات بين فيئات الشعوب المنتفظة ... ونماذج أمامكم وأمام الرأى العام العالمي كذلك ! أن إتجاه سير الأحداث مع الأسف لايبشر بالخير الذي كان ترجوه الجماهير المنتفظة ولايزال صوت المرتفع ..صوت من يصارع على المكاسب فئوية ضيقة وتسابق كل فئة لعرض أمام ( خارج إرادة الوطنية ) بأنها تستحق الحكم أكثر من الأخر ...!وعلى حساب من انتفض ومن ضحى ... و خلف ضباب هذه المشهد ابحثوا عن ( غربيي هوا )... قوة إحتياطية للحفاظ على ضمان ثوابت نهج الهيمنة .. وابحثوا ..سترونهم بكل الوان..
مضمون كل ماتقدم ‘ كلام شرحه لي رجل معمر شبه أمي وهو يقراء مايحصل بعين المواطنة المنتمي للمنطقة ‘ مع ذلك يصر بعض ( كبار العقلاء ) تمسك بصداقة وتعاون مع الغرب الإستعماري عموماً والإدارة الأمريكية خصوصاً وفي كلتا الحالتين ( غزاة ) كانوا ام ( مهزومين ) ‘ جمهوريين كانوا ام ديمقراطيين !ويعتبرون هذا الموقف طريقاً لضمان الأمن والإستقرارللجميع ....الله أكبر يازمان !!
922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع