عدنان حسين
سيدة أعمال كردية عراقية معروفة تُختطف في عزّ النهار في البصرة التي لها فيها مشاريع استثمارية كبيرة، ثم بعد أكثر من شهر تظهر في العاصمة بغداد بعد منتصف إحدى الليالي في مشهد دراماتيكي يستحضر الى الذهن مشاهد من أقوى أفلام الأكشن الغربية.
السيدة منكودة الحظ هي سارة حميد نيران التي طالب مختطفوها بفدية قيمتها مليارا دينار (حوالي مليون و700 الف دولار أميركي) لإطلاق سراحها.. السيدة معروفة جيداً للمسؤولين في البصرة، فهي المديرة التنفيذية لشركة تعمل في مجال المقاولات نفذت مشاريع كبيرة ناجحة في المحافظة. وقد أظهر مسؤولو المحافظة الإداريون والأمنيون اهتماماً بالغاً بأمر الاختطاف ووعدوا ببذل كل جهد لإطلاقها في أسرع وقت، وبعد أيام أعلن بعضهم ان الخاطفين معروفون للسلطات المحلية، وهذا ما أعطى الانطباع بان إطلاق السيدة نيران هو مسألة وقت، لكن مرّ أكثر من شهر ولم يظهر أي أثر للسيدة المخطوفة الا بعد منتصف ليلة الأحد/ الاثنين الماضيين.
سيدة الأعمال المخطوفة ظهرت بنفسها وسط مشهد درماتيكي، كما أسلفت، فقد كان ثمة إطلاق كثيف للرصاص واشتباك مسلح بين عناصر من قوات الأمن ومسلحين على علاقة بالخاطفين.
القصة التي أوردتها وكالة فرانس بريس أفادت، نقلاً عن ضابط في الشرطة شهد الاشتباك المسلح، بان السيدة نيران التي تبيّن انها نُقلت من البصرة الى بغداد واحتجزت في منزل بالحي رقم 62 في منطقة الكرادة وسط العاصمة، تمكنت من الفرار عبر فتح النافذة بواسطة ملعقة وتسللت الى المنزل المجاور" ووصلت بعد ذلك، والوقت كان بعد منتصف الليل حيث يسود نظام حظر التجوال في العاصمة، الى نقطة للشرطة الاتحادية قريبة من المنزل، وهي تبكي وتقول انها مخطوفة وقريبة لأحد نواب رئيس الوزراء.
ما حدث لاحقاً ان الشرطيين المناوبين عند نقطة التفتيش نقلا السيدة المخطوفة الى عربة مدرعة لحمايتها، وطلبا مؤازرة من قوات الشرطة لملاحقة خاطفيها، ومع وصول القوة الحكومية جاءت قوة من المسلحين وطلبت من عناصر الشرطة تسليمهما الرهينة أو قتلهم، لكن آمر قوة الشرطة رفض الطلب، فاندلع اشتباك، وأغلق المسلحون الشارع بسيارات دفع رباعي لمنع وصول تعزيزات من الشرطة، الا ان الأخيرة استدعت مدرعات قامت بإزاحة سيارات المسلحين وفتح الطريق. وأدى الاشتباك إلى إصابة أربعة من الشرطة بجروح، وتوقيف اثنين من المسلحين، "تبين انهما من إحدى الميليشيات"، حسبما قال الضابط للوكالة الفرنسية.
نعم، هكذا مضت الأمور تلك الليلة.. كأنما هو فيلم من إخراج أحد أساطين سينما الأكشن.
لا تسألوا كيف اختطفت السيدة نيران في البصرة في عزّ النهار، ولا تسألوا كيف فشلت القوات الأمنية هناك من الوصول الى الخاطفين وتحرير الرهينة برغم اهتمام المسؤولين، ولا تسألوا كيف نُقلت الرهينة من البصرة الى بغداد ولم تكتشف الأمر عشرات نقاط التفتيش على الطريق، ولا تسألوا عن معنى وجدوى وجود نقاط التفتيش هذه، ولا تسألوا كيف دخل المسلحون ورهينتهم الى العاصمة المدججة بنقاط التفتيش.. لا تسألوا لأنه لا يكاد يمرّ يوم من دون أن تشهد بغداد أو غيرها من المدن حادثاً كهذا، بتفاصيل مثيرة أيضاً، وفي الغالب تفيد المعلومات بدور للميليشيات التي تنفي وتتهم "عناصر إجرامية" بالقيام بذلك وادعاء الانتماء لها لتشويه سمعتها.
الواقع ان هناك ميليشيات تقوم بأعمال خطف وقتل من أجل المال أو على الهوية الطائفية.. والواقع ان عصابات إجرامية تقوم بأعمال مماثلة وهي تنشط في ظلال ميليشيات أو تدعي الانتماء لها.
والواقع أيضاً أن الأجهزة المكلفة بأمن الوطن والمواطنين تكون في الغالب ساهية وغافلة أو متواطئة .. كيف؟!.. فتشوا عن شيءاإسمه الفساد المالي والإداري.
الأمن في البلاد لن يتحقق ولن يتعزز بوجود ميليشيات وبانتشار السلاح خارج نطاق الدولة.
الى جانب محاربة داعش وسواه من المنظمات الإرهابية لابدّ من الوقوف في وجه الميليشيات جميعاً، ومن حصر السلاح في يد الدولة، والا لن تكون الدولة.
1428 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع