سماحة السيد السيستاني المحترم

                                  

                         إبراهيم الزبيدي

لا ينسى الشعب العراقي أن تزكياتكم وتوجيهاتكم، أيام الحاكم الأمريكي بول بريمر المستمع الجيد لموفديكم، هي التي ابتلته بشلة السياسيين الذين اشتكى (معتمدكم) وما زال يشتكي من فسادهم وأنانيتهم وأخطائهم التي لم تتوقف.

ولا ينسى الشعب العراقي أيضا أنكم بتسليطهم على الوطن حرمتم هذا الشعب الطيب الكريم من حلمه المشروع بإقامة نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على سلطة القانون، ويساوي بين المواطنين، ويجعل اختيار رئيس الدولة ورئيس الوزراء بالاقتراع الشعبي المباشر الحر. وهذا ما جر ما جر من كوارث ومآزق وانكسارات وهزائم لم ولن تتوقف.
وبرغم أن جهالة الحكام وظلمهم وأحقادهم ودموية مليشاياتهم هي التي ساعدت على ولادة هذا النبت الشيطاني القبيح المسمى (داعش)، فإن و(كيلكم) ما زال في خطبه، أيام الجمعة، لا يعترف بهذه الخطيئة، ولا يريد أن يراها بقلبه وضميره وعينيه.
فمن أجل مواجهة (داعش) لا يرى (معتمدكم) سوى النتيجة، وسوى ما هوعرضي وسطحي، ويهمل أساس ظهوره، وأصل جذوره، ولا يسمي الذين صنعوه، وما زالوا يصنعون غيره من عصابات القتل والاغتصاب وتشريد العباد وتخريب البلاد، ليس في العراق وحده، بل في سوريا واليمن والبحرين ولبنان وفلسطين.
وهو لا يعلم، ولا يريد أن يعلم، بأن داعش زراعة متأخرة لم يكن لها وجود، وما كان ليكون، قبل ثورة الشعب السوري ضد قاتل أطفال درعا وحمص وحماة وحلب ودير الزور وإدلب ودمشق، وقالع أظفارهم، وشانق آبائهم، وحارق منازلهم، وجارف مدارسهم بالجرارات، وأخيرا بالبراميل المتفجرة، بمشاركة فاعلة واسعة من مليشيات محسوبة على مرجعيتكم، وأكثر من داعش قتلا وحرقا وذبحا بالسكاكين؟!.
وهو لا يؤمن، فوق ذلك، بأن القاعدة وعصابات الزرقاوي لم تكن موجودة في العراق، وما كان لها أن تجد موقع قدم واحد فيه، لولا الغزو(الأستكباري) الذي دعمه وشارك فيه وقطف ثماره قادة أحزابكم ومليشياتكم، وأصحاب العمائم السود والخضر والبيض، من رعيتكم، يا سماحة السيد الكريم.
وحين يرى (معتمدكم) بعينين مفتوحتين فرق الإرهاب (السني)، وحدها، ولا يرى فرق الإرهاب (الشيعي)، بل يباركها فإنه يصب زيتا مضافا على نار الضغينة المذهبية، ويوحي، دون قصد منه، بأن مرجعيتكم لا تعنيها العدالة، ومنحازة، وتقف مع تجمعات القتلة (الشيعة) ضد تجمعات القتلة (السنة)، وهذا أبغض الحلال.
وعلى امتداد السنين العجاف الماضية لم يسمع أحدٌ من ذوي القتلى والمخطوفين والمهجَّرين العراقيين والسوريين، ضحايا (أبناء مرجعيتكم)، لا من (معتمدكم) ولا من غيره من خدام المرجعية، ولو كلمة مواساة واحدة تداوي قلوبهم المكلومة، وتمسح جراحهم النازفة، ليستعيدوا ثقتهم بعدالتكم وعدالة مرجعيتكم، قبل أن يدعوهم (معتمدكم) لدحر (داعش) وإرهابه ونصرة إرهاب آخر، وإرهابيين آخرين.
ألم يدرك معتمدكم بعد سبب الفشل الحكومي الشامل في كسب قواعد شعبية حقيقية في المحافظات السنية تهب لمقاتلة داعش ودحره كما هزمت القاعدة قبل سنين؟
ومادام (المُعتمد) لا يضع النقاط على الحروف، ولا يدين الإرهاب كله، مهما كان شكله ولونه وهويته ومذهب أصحابه، فلن تجدوا من السنة العراقيين من يقاتل معكم، بنية خالصة، ووطنية صادقة إلا تجار حروب منافقون مزورون يقبضون منكم الثمن ولا يقاتلون، وقد جريتموهم كثيرا وخبرتموهم عن كثب.
وليس معقولا أن يغيب عن سماحتكم أن خرافة ما يسمى بـ (الحرس الوطني) وجيوش المتطوعين ليست سوى أبواب ارتزاق جديدة، ووذرائع اختلاس، وضحك على الذقون.
فلو تفضلتم، يا سماحة السيد، بمعاقبة الأول (السوري) بفتوى تأمر رعاياكم من أفراد المليشيات الشيعية التي تقاتل معه بمغادرة سوريا على الفور، وبإحالة الثاني (العراقي) إلى ساحة القضاء لينال جزاءه العادل، لرأيتم سلاح العراقيين والسوريين، شيعة وسنة، موحدا وراءكم بوجه داعش، وبوجه كل إرهاب آخر غيره، ولوجدتم ملايين الشرفاء هاتفين لكم، لبيك لبيك، ولأعدتم العافية إلى الوطن الجريح، وضمنتم حاضره وغده ومستقبل أجياله القادمة.  
شيء آخر يا سماحة السيد. فكما تعرفون، وأنتم خير العارفين وأكرمُهم وأصدقهم، لا يمكن أن يَهزم داعش وغيرَه من قطعان الوحوش البشرية المنفلتة مواطنٌ مهزومٌ من الداخل، نفسيا وصحيا وماليا وأمنيا واجتماعيا وثقافيا، وهو يرى الحكام الفاسدين وقد عادوا إلى وزاراتهم من جديد، وضاعت هباء جميعُ ضراعاته وتظاهراته ونداءاته، وكل دعواتكم الكريمة إلى التغيير.
فأي تغيير حدث، يا سماحة السيد المحترم؟ لقد ذهب نوري، وحده، ولم يذهب ولده وصهراه وأعوانه. فما زالوا يصولون ويجولون، محملين بما سرقوا، وما اغتصبوا، ومن قتلوا، ومن دفنوا، وعفى الله عما سلف؟  
وها هي الخناجر المسمومة التي تسلطت على الأمة عشر سنين ما زالت تذرع الوطن، وتذبح أهله علنا على مسمع ومرأى من الحكومة، باسم الدفاع عن الوطن، وباسم الحرب على داعش.
وبعد كل الذي جرى، وبرغم كل الذي حصل، هاهو (معتمدكم)، ياسماحة السيد، يكرم حملة هذه الخناجر، ويناديهم بـ (أبنائنا المتطوعين).  
فبماذا تختلف عن داعش والنصرة والقاعدة عن " عصائب أهل الحق، سرايا طليعة الخراساني، كتائب سيد الشهداء، حركة حزب الله النجباء، كتائب حزب الله، سرايا السلام، فيلق الوعد الصادق منظمة بدر – الجناح العسكري، لواء عمار بن ياسر، لواء أسد الله الغالب، لواء اليوم الموعود، سرايا الزهراء، لواء ذو الفقار، لواء كفيل زينب، سرايا أنصار العقيدة، لواء المنتظر، بدر المجاميع الخاصة، لواء أبو الفضل العباس، حركة الجهاد والبناء سرايا الدفاع الشعبي، كتائب درع الشيعة، حزب الله الثائرون، كتائب التيار الرسالي، سرايا عاشوراء، كتائب مالك الاشتر، حركة الابدال، حركة العراق الاسلامية – كتائب الامام علي، جيش المختار، الحشد الشعبي، والحرس الثوري الإيراني" ؟ّ
يقول (معتمدكم) في خطبة صلاة الجمعة الأخيرة:
" نؤكد هنا أن القوات الأمنية بكل تشكيلاتها مع (أبنائنا المتطوعين) هم الذراع الضاربة للشعب ضد الإرهابيين، والمدافع عن العراق في مقابل هجماتهم الشرسة».
إذن فاذهبوا وقاتلوا داعش، وحدكم، بقواتكم الأمنية بكل تشكيلاتها، وبـ (أبنائكم المتطوعين). أما نحن، عراقيين وسوريين، فها هنا قاعدون.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1072 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع