مصطفى العمري
إسيقظ صاحبنا ذات صباح بعدما أزاح عنه لحافاً كان قد لفه أهله به لكي يقوه برد الشتاء الضارب في العظم ,
استيقظ الطفل ذو الستة أعوام , على أصوات صراخ النساء وصيحات الرجال وبكاء في انحاء البيت , يتذكر انه جلس هادئاً , هدوء مشوب بخوف غريب , ثم رأى الاهتمام الكبير الذي لاقاه من ذلك الجمهور المحتشد في باحة البيت , إهتدى به احدهم الى غرفة كانت فيه أمه و عماته و أقربائه جميعهم , ثم لاحظ جثمان والده مسجى في المنتصف و البكاء لم ينقطع .
كثير من الحوادث التي غادرت ذاكرة الطفل , لكن هذه الحادثة و تفاصيلها يستطيع ان يعيدها لحظة بلحظة .
المهم وبعد مضي أسابيع من وفاة والده , استيقظ الطفل ليجد ان الحزن لازال عالقاً , بل ساكناً في بيتهم , هرع مسرعاً هذه المرة فوجد أمه و عمته ام وحيدة وام فاضل يبكين بهدوء فيه لوعة , في هذه الاثناء يتذكر صاحبنا , ان اخاه الكبير حسن حاول ان يأخذه الى الغرفة الأخرى لكي يغير له ملابسه , حاول حسن ان يعامل اخوه الصغير بلطف وعناية , لكن صاحبنا باغت اخاه بسؤال بريء , لماذا هذا البكاء اليوم ؟ يتذكر الطفل جواب اخي
ه الكبير له , قال له :ألا تعلم ان اليوم عيد الأضحى ! ولماذا هذا البكاء اذن ؟ لأن أبي مات واليوم عيد الموتى . هكذا يسمون عيد الأضحى في بعض مناطق العراق الى اليوم .
كبر الطفل وامتلأت حياته بأفراح و اتراح لكنه لا يستطيع نسيان ذلك المشهد الذي يتذكره أكثر من ثلاثين سنة . وهذه أول سنة التي فقد صاحبنا اخاه الكبير الذي ألبسه ثياب العيد عندما كان صغيراً .
لكنه حاول ومنذ سنين طويلة ان لا يعكس ذلك الحزن على عائلته وأولاده , فالحياة لا تستحق الحزن الذي يستنزف قوانا و طاقتنا و لذة عيشنا .
عيدكم مبارك .
1323 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع