مشكلة العالم الغربي مع الشرق اقتصادية وليست عقائدية

                                   

                         يوسف علي خان


الغرب اليوم  يعاني من مشكلتين ... مشكلة  اقتصادية خشية أن تتحول الى ازمة كبرى وتؤدي بالنتيجة الى ركود اقتصادي مدمر بسبب الانتاج الواسع الكمي وليس كما كان في الماضي انتاجا حرفيا فرديا محدودا بما ينتجه المرء على نطاق ضيق يمكن ان تستوعبه الاسواق المحلية في بلد الانتاج في جميع مناطق العالم  ومنها الاوربية ..

غير انه وبتقدم التكنلوجيا واختراع الروبوتات التي اخذت تحل محل الانسان وتعوض عنه وعن اعداد غفيرة منه اثار مشكلة جديدة ضغطت على المجتمعات برمتها وخاصة المجتمع الاوربي الذي كان له النصيب الاوفر من النهضة الصناعية الحديثة ...فقد اضحت كل حركة ميكانيكية كان يقوم بها عشرة عمال على الاقل باتت تعوضها حركة روبوت واحد فاتجه صاحب المعمل الى الاستغناء عن الاف العمال الذين لم يعد بحاجة اليهم ما ادى الى نشوء ازمة اجتماعية هائلة كان على الحكومات الاوربية ايجاد الحلول لها ومعالجة  هذه البطالة المفاجئة التي عمت مختلف دولها الصناعية ما اثقل كاهل تلك الحكومات وسببت لها مشكلة عويصة  تؤرق مضجعها ...  كما تضاعف الانتاج بنفس الوقت بشكل متزايد مما ادى الى تكديس كميات هائلة من البضائع في مخازن المعامل بحاجة الى تصريف وايجاد الاسواق لها .. فقد برزت إذا في العالم الغربي مشكلتان في أن واحد.... ضخامة الانتاج وكثرته.... وتزايد اعداد العاطلين عن العمل بسبب الاستغناء عن افواج منهم مما كانوا يعملون سابقا في معاملها  حيث عوض الروبوت عن اعداد غفيرة منهم .. مما  ادى بالدول الصناعية البحث عن اسواق لبضائعهم المتزايدة كي تمتص هذا الكم الهائل المكدس في مخازن مصانعها والنظر الى البطالة الذي احدثها هذا الروبوت العجيب ... فقد التجأ الغرب الى الضمان الاجتماعي الذي يكفل للعاطلين رواتب شهرية متواضعة لادامة حياتهم وحياة عوائلهم كحل موقت  الى ان يجدوا لهم  فرص عمل جديدة فتقطع عنهم عند ذاك مثل هذه الاعانات... غير أن الدول الاوربية واجهت صعوبة كبيرة باستيعاب كل هذه الاعداد الكبيرة داخل مؤسسة  الضمان الاجتماعي لما يكلفها من اموال طائلة ليس لهذه الدول القدرة على تحملها لاوقات قد تطول لربما لعدة سنوات دون ان تجد لها حل بل وتتفاقم اكثر يوما بعد يوم... مما يجعل مشروع الضمان عاجز عن انقاذ ملايين العاطلين إن بقي الوضع على ما هو عليه  .. فكان لابد من البحث عن سبل اخرى يمكّن الدول الغربية التخلص من هذه الازمة المتفا قمة ولا سبيل غير البحث عن اسواق خارج بلدانهم يمكنها ان تستوعب كل هذه الحجوم الكبيرة من الانتاج لكي يحلوا على الاقل مشكلة واحدة من هذه الازمات... فيستطيعوا أن يحصلوا على الاموال لسد نفقات ما يتطلبه الضمان من رواتب للعاطلين حتى يتسنى لهم ايجاد ابواب اخرى يوجهون اليها هذه الافواج  من هؤلاء العاطلين او يوظفونهم في مجالات اخرى  ...ولم تجد سبيلا لذلك غير التوجه الى الدول الغنية بمواردها والتي قد يكون بامكانها استيعاب كل هذه المنتجات التي تنتجها مصانعها ولم تجد خيرا من دول العالم الثالث التي يمتلك بعضها الموارد النفطية للتخلص من هذه الازمة الخانقة ... وقد اتجهت فعلا الى تلك المناطق وبدأت في تصدير البضائع لها أو توسعت بالاستثمار فيها...  وبان في الافق بعض مظاهر الانفراج حيث ان دول العالم
 الثالث لازال التخلف منتشر في ربوع بلدانها ولا زالت النهضة الصناعية التي عمت اوربا بعيدة عنها بسبب الاحتلال الذي كان يخيم على معظم بلدانها من قبل العديد من الدول وخاصة الدولة العثمانية التي جعلت الشعوب العربية تعيش في عهود ما قبل التاريخ حيث عمت الامية كامل شعوبها وإستمرت  فيها حياة البداوة راسخة  بصورها المتخلفة الشبيهة بحياة البهائم... فقد منع الحكم العثماني الذي دام اربعمائة سنة  سكان هذه المناطق من التعلم تحت غطاء التشدد الديني الذي زيفوه مع الاسف عن الاسلام وقوقعوا كل شعوب المنطقة في مفاهيم هي ابعد ما تكون عن هذا الدين الحنيف.... إذ صوروا لهم الصناعة حرام والتعلم حرام وكل ما يمس النهضة والتطور حرام... فابقوهم جهلة اميين تحت هذه المفاهيم المتخلفة الكاسحة في الوقت الذي عمت فيه الحضارة ربوع الغرب وخلقت فيهم هذه النهضة العلمية الرائعة   والتي ادت الى هذا التطور الصناعي الهائل وبقي العرب في حياتهم البهيمية لا يفقهون شيئا ولا يدركون للاسف الشديد ما فعلوه بهم .. وعليه فقد وجد الغرب في هذه الدول الخارجة حديثا من الحكم العثماني سوقا رائجة لبضائعهم خاصة بعد اكتشاف النفط في بلدانهم وانتشار الثروة لدى العديد من الحكام المتنفذين هم واعوانهم وحواشيهم والذين تمكن الغرب ان يجعلهم ادواة مسخرة بيده.... ينفذون مأرب الغرب بكل سهولة ويسر ... ففتحوا لهم الاسواق وسهلوا لهم تصدير كل بضائعهم البائرة وسارت الامور فترة من الزمن بشكل انسيابي ممتاز .. غير أن الحال لم يدم طويلا ايضا  فقد امتلات الاسواق العربية بهذه البضائع الاجنبية وتكدست باسواقها البضائع والمشتريات عسكرية كانت مثل الاسلحة  أم مدنية مثل البضائع المنزلية والمنشأت  وبان الاكتفاء الذاتي في هذه المناطق الى حد التخمة  ... فقد عجزت هذه الاسواق عن استيعاب المزيد بكل صوره واشكاله مما جعل الغرب يجد نفسه في مازق حاد وشبح الازمة ترائى للعيان... فإن اكتفاء هذه الدول العربية المستهلكة   من البضائع سيعرض الدول الغربية  للمخاطر من جديد... بل ودخلت على الخط صناعات منافسة لها من الصين وبعض دول شرق اسيا واخذت تسيطر على الاسواق بسبب رخص ثمنها مع رداءة نوعها فهي تلائم السواد الاعظم من سكان المنطقة المحدودي الدخل الذين لا يستطيعون شراء البضائع الغربية لارتفاع ثمنها ما جعل الغرب يفكر بطريقة تبعده عن مخاطر الركود الاقتصادي وبشكل دائم ..فلم يجدوا  هناك طريق سوى تدمير ماهو موجود داخل الدول  العربية  كي تدفعها لان تكون بحاجة ماسة لبضائع الغرب بشكل دائم ومستمر ولن يكون ذلك ممكنا بغير خلق واثارة الحروب فهي الوسيلة الفعالة السريعة  التي يمكنها ان تدمر كل شيء ولا تبقي او تذر.... وعدم انتظار عوامل الاندثار للبضائع  واستهلاكها بصورتها الطبيعية  فهي مدد قد تستغرق سنوات عديدة قد تفقدها الفرص أوقد تتغير الاحوال وهو مالا تستطيع ان تتحمله فانتاجها في تزايد مستمر ومصانعها شغالة ليل نهار دون توقف أو انقطاع... فلا بد لها ان تعمل على عدة جبهات اولها عدم افساح المجال كي تكون هذه الدول دول صناعية منتجة لنفسها ما هي بحاجة اليه... فتكون ليست بحاجة الى الاستيراد... وهو امر يجب ان تعمل على منعه بعدم افساح المجال لهذه الدول أن تكون
 دول صناعية تسبب لها الاخطار لها ولربيبتها اسرائيل كما عليها اضعافها وتجريدها من اية قوة تستطيع بها الدفاع عن نفسها وحماية حدودها.... فلا تستطيع الدول الغربية عندها خلق المشاكل لها واثارة الحروب في داخلها ..فهي عازمة على تدمير كل ما هو قائم في داخل هذه البلدان.... باثارة الفوضى وخلق التطاحن بين ابناء بلدها... وهو امر غير ممكن بوجود جيش قوي لديها  وهو ما اصطدمت به في مصر.... فلا يجب ان تقع بهذا الخطأ مرة ثانية... فهي تحاول ان تعرقل اية محاولة لانشاء او تقوية لجيوش أي من الدول العربية   لذا فهي لا تسمح إلا بانشاء جيوش هزيلة صورية تعمل هي على تسليحها باسلحة شرطوية لا تحمل سوى  اسلحة خفيفة لاتتعدى البنادق والرشاشات في الوقت الذي تزود جيوشها الخفية من التنظيمات المنتشرة في مختلف انحاء الدول العربية باسلحة ثقيلة فتاكة تساعدها على خلق الفتن بين شرائح المجتمع الداخلي في كل دولة.... تكون   مثل هذه الجيوش الخفية قادرة  على التدمير والتخريب كي يتسنى لها اعادة بناء ما تخربه الحروب الداخلية  التي تثيرها ثم تقوم بتعويض ما تخسره جيوش تلك البلدان فتكون قد ربحت مرتين مرة ببيع الاسلحة والمواد في البداية  والمرة الثانية باعادة البناء واعادة التسليح من جديد وهي مستمرة بخططها الجهنمية طالما بقيت شعوب المنطقة بهذا الوعي المتخلف ....!!!!     
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع