عدنان حسين
لا أظن ان عدم ترشيح رئيس "منظمة بدر"، هادي العامري، لمنصب وزير الداخلية يرجع فقط الى اعتراض الولايات المتحدة أو تحفّظها عليه، إن كان لهذا الاعتراض أو التحفظ وجود، فقوى سياسية عراقية عديدة أظهرت صراحة معارضة قوية لتوزير السيد العامري في الداخلية، ولابدّ ان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي قد أخذ هذه المعارضة في الاعتبار، فمن المؤكد انه يرغب في قيادة حكومة منسجمة وتحظى بأوسع قبول سياسي وشعبي.
لم يعد خافياً ان وراء معارضة تولّي السيد العامري وزارة الداخلية مزاعم بأن المنظمة التي يتزعمها لم تتحول الى تماماً الى منظمة سياسية، ويوجّه اليها البعض اتهامات بانها تقف وراء هجمات مسلحة ذات طابع طائفي.
لستُ في وارد تأكيد أو تفنيد هذه الاتهامات، ولا إعطاء الرأي في الاعتراضات والتحفظات على تكليف السيد العامري أو غيره من قادة "بدر" وزارة الداخلية، لكن لديّ سبب آخر لأن أعترض شخصياً على ترشيح العامري، وهو اعتراض يستند الى تجربة السيد العامري في وزارة النقل طيلة السنوات الأربع الماضية.
النقل من القطاعات الحيوية، اقتصادياً واجتماعياً، فاذا حسُنت أوضاعه أفاض على الموازنة العامة للدولة والاقتصاد الوطني بعوائد مالية ومنافع اجتماعية كبيرة. لكنّ قطاع النقل لدينا لم يشهد التطور المأمول في عهد السيد العامري مع انه حظيَ بموازنات سنوية أفضل ممّا كان في عهود الحكومات السابقة.. قطاع السكك الحديد بقي على حاله، فلم تُمدّ خطوط جديدة ولا جرى رفع كفاءة الخطوط القديمة، ولا استُبدلت بالقطارات القديمة المتهالكة قطارات حديثة، فقط أُدخل في الخدمة قطار ياباني لم نلحظ له تأثيراً يُذكر على حركة النقل بين بغداد والبصرة، ولا شهدنا تدشيناً أو وضع الحجر الأساس لمشاريع حديثة، كخطوط المترو والترام والنقل النهري, ولم يشهد قطاع النقل بالباصات داخل المدن أي تطوير باستثناء إدخال عدد من الباصات بالطابقين في الخدمة ببغداد، لكنّ عددها لم يزل دون الحاجة بكثير.
وفي قطاع النقل الجوي كان التقدم بطيئاً، فأسطول طائرات الخطوط الجوية العراقية لم يزل دون الحد الأدنى المطلوب، والخدمات على هذه الطائرات وفي المطارات سيئة للغاية، مقارنة ليس فقط بالحال في الدول الأخرى وإنما أيضا بما كانت عليه حال هذا القطاع في عهد النظام السابق.
باختصار، لم يخلّف السيد العامري في وزارة النقل إنجازات ملموسة تشجع على ترشيحه لتولي وزارة أخرى، وبخاصة وزارة الداخلية المعوّل عليها وعلى وزارة الدفاع في هذه الظروف في مواجهة الخطر الإرهابي الداهم بكفاءة عالية.
من جانب آخر، كان السيد العامري قد وعد قبل ستة أشهر بانه سيحقق في اتهامات وُجهت الى أحد أبنائه بالتسبّب في منع وصول طائرة لشركة طيران الشرق الاوسط اللبنانية الى مطار بغداد وإعادتها الى مطار بيروت، لأن الطائرة لم تنتظره في مطار بيروت بعد الموعد المحدد لاقلاعها. يومها قال السيد العامري في مؤتمر صحفي انه اذا ثبت تورط ابنه في الحادث فسيقدمه بنفسه الى القضاء، وحتى اليوم لم يعلن هو أو وزارته السابقة شيئاً عن نتائج التحقيق الموعود.
بصراحة هذه النتيجة تُضعف هي الأخرى من الثقة بالسيد العامري، ولا تجعله مناسباً لوزارة الداخلية بالذات.
962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع