د. محمد صالح المسفر
(1)
استكمالا لحديث الأمس في إسطنبول انضم إلى مجموعة الأمس عدد آخر من إخواننا المقيمين في هذه المدينة الصاخبة.. قلت في هذا اللقاء إن الأمة العربية تمر بأخطر مراحلها التاريخية حروب مسلحة وأخرى غير مسلحة تشنها بعض القيادات العربية ضد شعبها بحجج مختلفة منها الحرب على الإرهاب، وهنا تقع المشكلة بين النظام السياسي في أي قطر ومواطنيه لأن النظام يعتبر كل داع للإصلاح إرهابيا، وكل من يطالب بالحرية والمشاركة السياسية والمساءلة عن المال العام وكيف أنفقه كله تدخل تحت بند الإرهاب عند بعض الأنظمة العربية.
(2)
في اليمن مثلا حرب طاحنة بأهداف متعددة منها الحوثي يريد إسقاط النظام وإقامة نظام الإمامة الهاشمية من جديد، والدولة تعتبر حركة الحوثي "أنصار الله" حركة إرهابية يجب مقاومتها بالتعاون مع المجتمع الدولي، حرب أخرى غير مسلحة تنتظر ما ستؤول إليه الحرب ضد الحوثي، إنهم دعاة الانفصال، حرب ضد القاعدة تولت مهمتها الطائرات الأمريكية بدون طيار يعينها في ذلك النظام السياسي القائم في صنعاء وحرب أخرى هي حرب الحاجة أي حاجة المواطن اليمني في الحياة الكريمة.
هذه الحروب في اليمن تتصاعد وسوف تؤثر لا محالة على النظم السياسية في كل من الرياض ومسقط الأمر الذي بدوره يؤثر على أمن الخليج عامة المطلوب دور سعودي سياسي واقتصادي وأمني، والأمني الذي أقصده العمل الجاد للقضاء على أسباب تلك الحروب وتناسي الحرب على الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) أو الحوثيين المتشيعين.. إننا نريد يمنا موحدا قويا يكون رافدا لدول مجلس التعاون الخليجي.
(3)
حال مصر مضطرب وغير مستقر الدولة المصرية مثقلة بالديون داخليا وخارجيا، وهناك حرب بين النظام وجزء كبير من الشعب أنها حرب غير مسلحة لكن خطورة تلك الحرب لا تقل عن خطورة الحرب المسلحة، كل محاولات الترقيع الاقتصادي هناك غير مجدية ولن تستطيع دول الخليج انتزاع مصر من هوة الدين المتعاظم. لكي يخرج النظام القائم في مصر من ربقة الديون والاضطرابات،عليه أن يجري مصالحة وطنية شاملة وأن يشترك في إدارة الدولة كل القوى السياسية التي شاركت في ثورة 25 ينير وإلا فإن مستقبل مصر حالك الظلمات.
(4)
العراق، يعيش أسوأ حالاته، حكم طائفي بغيض أنشب أضفاره في أرض الرافدين، كنا نتوقع من العبادي رئيس الوزراء الجديد أن يخرج العراق من مأساته بتشكيل حكومة وحدة وطنية لا طائفية تكون المناصب فيها للأكفاء لقد وزعت المناصب السيادية بين أعضاء الائتلاف الشيعي كما كان العهد في حكم الطاغية الحقود نوري المالكي. ونسأل كل مهتم بأمر العراق، تحت أي ذريعة يكون المالكي نائبا لرئيس الجمهورية، أليس هو صاحب المذابح التي ارتكبت في الأنبار وفي صلاح الدين وغيرها من المناطق أليس هو صاحب مجازر أهل السنة في بغداد كيف يكافأ بهذا المنصب الرفيع حتى ولو كان منصبا شرفيا.. ألم يكن من العدل أن يكون المالكي في قفص الاتهام للجرائم التي ارتكبها في حق أهل العراق الشقيق ونهب المال العام من قبله وأنصاره الذين عينهم في مناصب قيادية.
تعالت صيحات السيد مقتدى الصدر مطالبا رئيس الحكومة العبادي بأن ينفتح على دول الجوار العربي، ونحن نؤيد هذه الدعوة، لكن العبادي سد النوافذ والأبواب بتعيين الجعفري وزيرا للخارجية العراقية، هل نسي أهل الخليج العربي أن إبراهيم الجعفري أحد أعمدة حزب الدعوة صاحب التفجيرات في أماكن عامة في العراق راح ضحيتها المئات من الأبرياء إبان الحكم الوطني بقيادة صدام حسين رحمه الله، هل نسي أهل الخليج العربي وشرفاء العراق أن الجعفري كان وراء محاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر رحمه الله هل نسي أهل العراق ما فعل بهم عندما كان رئيس حكومة، والحق أن الثأر لا ينسى وإن طال مداه.
.السيد العبادي يقول إنه سيشكل جيش العراق الجديد من الحشود الشعبية التي شكلها المالكي من قبله، والتي ترتكز على الحشد الطائفي الشيعي، أي كما سماه المالك جيش علي (نسبة إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه).. والحق أن الجعفري لن يجد له مكانا في دول الجوار لأنه هو أيضاً من مجرمي الحرب في العراق.
(5)
تناولنا الحال في سورية وليبيا وتونس والسودان، أحاديث طالت حتى منتصف الليل.
قال أحد المشاركين في هذا الحوار الشاق، ما هو الدور الذي تلعبه قطر اليوم في سورية والعراق وليبيا وتونس واليمن وفلسطين ودول مجلس التعاون.. قلت الحديث يطول، فهل ممكن تحديد موضوع واحد. قال آخر دعنا نبدأ بالخلاف القطري الخليجي أين وصل؟
كل مشكلة دولة قطر في تقديري مع بعض دول مجلس التعاون تدور حول الوضع المصري وليس غير ذلك.. دولة قطر، تقول إن النظام القائم في مصر نظام انقلابي على رئيس جمهورية منتخب من الشعب ودستور تم استفتاء الشعب على مواده وحاز على نسبة عالية بالموافقة على بنوده ولا يجوز القبول بمبدأ الانقلابات العسكرية في أي بلد عربي، إنها في هذا الموقف لا تختلف عن دول العالم الحر أمريكا الاتحاد الأوربي وكذلك الاتحاد الإفريقي فلماذا هذه الحملة على قطر دون غيرها من الأمم؟ مطلوب من قطر كما أوردت معظم الصحف العربية إخراج كل من لجأ إليها من مصر بعد انقلاب أكتوبر وما قبله، وإسكات محطة الجزيرة، وعدم تجنيس أي مواطن من دول مجلس التعاون وهذه مطالب غير مقبولة لأن ما تمارسه قطر في هذا الشأن هو حق سيادي لن تقبل قطر بالتنازل عنه.
كل دول مجلس التعاون لديها لاجئون سياسيون من الإخوان المسلمين ومن القوى القومية ومن قيادات سياسية عليا من أقطار عربية متعددة فهل يجوز لقطر أن تطلب من هذه الدول أن ترحل أولئك اللاجئين السياسيين من تلك الدول، وهل من حق قطر أن تطلب من الدول العربية إغلاق أبواب الصحف والمجلات ومحطات التلفزة التي تتطاول على قطر وغيرها من الدول؟ تلك أمور سيادية لا يجوز لأحد أن ينساها.
قال أحد المشاركين في ذلك الحوار: قطر زجت بنفسها في قضايا إطلاق سراح بعض المعتقلين والمخطوفين من قبل منظمات إرهابية فما هي قوة قطر التي تجعلها تقوم بهذا الدور وتنجح وساطاتها؟ قلت الحمد لله أنها تنجح وساطتها. المهم لم تقم قطر بذلك الدور الإنساني دون أن يطلب منها من أطراف رسمية وجمعيات حقوق الإنسان وبناء على ذلك تحركت قطر وأنجزت، لكن البعض الذي لم يرتح لنجاح قطر في هذا المجال راح يشوه ذلك الجهد الإنساني بالقول إن قطر تمول جبهة النصرة وتمول الدولة الإسلامية (داعش)، وآخرون في كل مكان، وهذه أقوال الموتورين الذين لا دليل عندهم على ما يقولون، وقد نفت دولة قطر تلك التهم المغرضة..
في السياق ذاته، أشادت كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وهي القوى الدولية لتي لها القدرة على معرفة حركة أموال التأييد لتلك المنظمات التي أصبحت مصنفة كمنظمات إرهابية ولا تستطيع قطر أن تتجاوز القوانين الدولية التي صدرت بذلك التصنيف..
آخر القول: لم ينته الحوار في إسطنبول ولنا عودة إليه.
976 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع