يوسف علي خان
المتابع للاوضاع في المنطقة وما يحدث فيها من قلاقل وفوضى وحرائق وصراع دائم دمرت العديد منها ...
فهي كما اكتشفها الجميع تنفيذ لمخططات غربية وضعنت سيناريوهاتها منذ اكثر من عشرين سنة ويجري تنفيذها في الوقت الحاضر وقد اطلقت على هذا الاسلوب المتبع الان بحروب الجيل الرابع ... حيث تعتمد هذه الحروب على نفس شعوب المنطقة عن طريق التأكل الذاتي والصراع الداخلي فيما بينها ودون الحاجة لتحريك جيوش نظامية وتدخلها بهذه الحروب لحسم المعارك لصالحها .. حيث استجدت موانع بعد الحرب العالمية الثانية تحيل وتمنع هذه الدول الكبرى من استعمال الجيوش
النظامية وذلك بسبب ظهور السلاح النووي وامتلاك العديد من هذه الدول لهذا السلاح الرهيب المدمر بشكل شامل فلا يبقي لو استعمل هذا السلاح في الحروب التقليدية القادمة مندحر أو منتصر .... حيث اطلق على هذا السلاح سلاح التدمير الشامل... مما توجب على الدول العظمى التفكير بايجاد وسيلة اخرى تحارب بعضها البعض من اجل تحقيق مصالحها الامبريالية في المناطق التي تجد فيها ما يحقق تلك المصالح .. ويمكّنها باستعمال هذا الاسلوب الجديد من الحروب السيطرة على البلدان واحتلالها وانتزاع مواردها دون ان ترسل جيوشها او تخسر شيئا من امكانياتها او تتحمل نفقات
الحروب التقليدية الباهضة الثمن المعتادة... وتؤدي الى فقدانها الملايين من ابناء شعبها... فبالتوجه الى هذا الاسلوب الجديد من الحروب قد وفرت كل ما كانت تنفقه من اموال وتخسره من مواطنيها... كما كانت تضطر لفعله في الماضي وقد كانت الحرب العالمية الثانية اخطر درس لها احال العديد من مدنها الى خرائب وجعلها في حال شبه افلاس لولا موقف الولايات المتحدة التي ساعدتها وانتشلتها من افلاسها المحقق ...ولربما هذه الدول الامبريالية قد شعرت ومنذ الحرب العالمية الاولى بضرورة البحث عن اسلوب يحقق السلام العالمي ويجنب الدول ويلات الحروب والحصول على
المنافع عن طريق الضغط المعنوي بخلق اجماع دولي يوحد كلمة الدول ويجعلها تقف في وجه أي محاولة لاثارة الحروب من قبل اية دولة مارقة تحاول التفكير بالهيمنة على غيرها من الدول بعد ان عانته من عدوان بعض زعماء تلك الدول الذين انجبتهم الضروف فدفعتهم الغرائز النرجسية وشهوة الزعامة لشن الحروب على جيرانها من الدول الاوربية كما فعل نابليون بعد الثورة الفرنسية او ما حاوله غليوم الثاني امبراطور المانيا إذ دفعوا بلدانهم الى حروب طاحنة جلبت لهم الويلات .. فتشكلت اول منظمة دولية اطلقت على نفسها عصبة الامم وقد انظمت اليها الدول المستقلة أوالتي
نالت استقلالها فيما بعد تباعا محاولة الدفاع عن بعضها تجاه اية دولة تحاول التمرد على الاجماع الدولي او تعتدي على غيرها من الدول ...فتتخذ القرارات الصارمة بحقها وتردعها عما هي ناوية فعله .. وقد باشرت عصبة الامم جلساتها معتقدة بقدرتها على حفظ السلم العالمي والدفاع عن مصالح الدول ومساعدة الشعوب القابعة تحت نير الاستعمار وتهيأتها لنيل استقلالها كذلك معاونة الدول التي تحدث فيها كوارث طبيعية كالزلازل والزوابع والفيضانات وانقاذها من ويلاتها او مساعدتها ماليا إذا اقتضى الامر وتقديم الخبرات العلمية والفنية والطبية بما يتوفر لها من
خبراء مختصين ... غير انه ومع كل تلك المحاولات لاستتباب الامن والحفاظ على السلام العالمي فقد تجرا بعض الزعماء الذين ظهروا في تلك الفترة التي مارست عصبة الامم فيها مهامها في جنيف فتمكنت تلك الزعامات التي استولت على السلطة في بلدانها بمختلف السبل بالانقلابات العسكرية او الثورات وحتى البعض الذي جاء عن طريق الانتخاب فقد ضرب عرض الحائط ارادة شعبه وأخذ يحكم بارادته المنفردة ودفع بلاده الى هاوية الحروب بنرجسيته واحلامه المريضة التي دفعته لتوسيع رقعة سلطاته خارج بلاده والاعتداء عن سيادة غيره من الدول... فاخذ يتعرض لها أو يغزوها كما
فعل هتلر في المانيا وموسليني في ايطاليا وفرانكو في اسبانيا فلم تستطع عصبة الامم كبح جماح أولائك الزعماء وغيرهم وفشلت كل محاولات التهدئة خاصة بعد أن بدأ هتلر يغزو الدول المجاورة بشتى الحجج ويسيطر عليها... فاضطرت اخيرا بعض الدول مثل بريطانيا للتصدي له ونشبت حرب طاحنة ثانية بعد ان نفذت كل المحاولات والتحذيرات لردع هتلر عن غيه.. غير انه ضرب كل ذلك عرض الحائط وانظمت دول اخرى لبريطانيا مثل فرنسا بعد أن قام هتلرباجتياح اراضيها وبدأت تلك الدول بالدفاع عن نفسها امام تلك الهجمة الهمجية واستمرت الحرب طيلة خمس سنوات انقسم فيها العالم الى
قسمين... قسم اطلق عليه بدول المحور الذي ضم المانيا وايطاليا واليابان والدول التابعة لهم والقسم الاخر اطلق عليه بالتحالف الدولي حلت على اثرها عصبة الامم وانتهى دورها لتنشأ على انقاضها بعد نهاية الحرب منظمة جديدة اخرى اطلق عليها هيئة الامم المتحدة انتسبت اليها ما يزيد على الخمسين دولة في باديء الامر ثم انظمت لها بعدئذ العديد من الدول الاخرى التي نالت استقلالها بعد تلك الحرب.... التي انهتها في حقيقة الامر صناعة القنبلة النووية من قبل الولايات المتحدة الامريكية وقذفتها على مدينتي هيروشيما ونيازاكي التي اضطر الحكم الياباني فيها
نتيجة ذلك الى الاستسلام ... فكانت تلك القنبلة فاتحة عهد جديد في النظام الدولي العالمي واوشكت امريكا ان تسود العالم بعد انتهاء الحرب لانفرادها في معرفة اسرار تلك القنبلة الرهيبة التي خفيت اسرارها عن بقية الدول لفترة وجيزة لم تدم سوى سنوات قليلة اضافة لانهيار وضعف معظم الدول التي شاركت في تلك الحرب... إلا امريكا فقد بقيت محافظة على قوتها الاقتصادية ومكنتها من مساعدة بقية الدول الاوربية لااعادة بناء بلدانها والوقوف على ارجلها مرة ثانية... واستعادة عافيتها الاقتصادية والبنيوية.... فلم يدم الغرور الامريكي طويلا فقد تمكن الاتحاد
السوفييتي ان يحصل على كامل المعلومات عن اسرار صنع تلك القنبلة التي حصل عليها من بعض العلماء الالمان الذين اسرهم واصطحبهم الى بلاده حيث كان اؤلائك العلماء الالمان قد اوشكوا على صنعها لزعيمهم هتلر لو امتدت الحرب لستة اشهر اخرى قبل انهيار الرايخ الالماني ولتغير وجه التاريخ.... لكن القدر اراد شيئا اخر فاستحوذ الروس على اؤلائك العلماء ليعملوا في مراكز بحوثهم واستطاعوا ان يصنعوا لهم قنبلة نووية روسية كما فعل زملائهم الاخرون من العلماء الالمان الذين سبق ان هربوا من الطغيان النازي الى الولايات المتحدة ومكنوها من صنع قنبلتها النووية
الاولى واضحت هي سيدة العالم لبعض الوقت... حيث اخذت تساعد دول الغرب كي تعيد بناء بلدانها بموجب مشروع مارشال كما استطاع الاتحاد السوفييتي بكفاح ابناءه اعادة بناء دولته وبتمكنه من صنع القنبلة النووية فقد اضحى القطب الثاني امام الولايات المتحدة فتغير ميزان القوى العالمية بسرعة وخلال عدة سنوات فغدى العالم في وضع جديد ... واكتشفت الدول الامبريالية بأن الجيوش النظامية لم يعد بالامكان تسخيرها بشكل فعال ومباشر للسيطرة على الامم واستعمارها ونهب مواردها... فكان لا بد لها من التفكير بسبيل اخر تعتمد عليه في احتلال البلدان فاستقر التفكير
باتباع اسلوب التأكل الذاتي الداخلي للشعوب وما اطلقت عليه بالجيل الرابع من الحروب والذي يعتمد على خلق الفتن واثارة النزاعات الداخلية لتدمير الدول نفسها بنفسها فيسهل السيطرة عليها ..دون الحاجة لاستعمال الجيوش النظامية التي سارت على استخدامها عهود ودهور مضت... فغيرت القنبلة النووية نمط تلك الحروب لتأخذ شكلا جديدا اخر ومنحى مختلف تماما على ما سارت عليه في الماضي... فبدأ عهد جديد .....!!!
1200 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع