بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس حركة انصار السلام العراقية
حركة انصار السلام العراقية*
بقلم ثابت حبيب العاني
لقد انتعشت حركة السلم في الفترة بين عام 1954 وعام 1955. وعُقد المؤتمر الأول للحركة في يومي 22 و23 تموز عام 1954. وعقدت جلسة اليوم الأول على قطعة أرض وحديقة مسوّرة يملكها الدكتور أحمد جعفر الجلبي في كرادة مريم قرب نهر دجلة. أما الجلسة الثانية فقد عقدت في حديقة دار القاضي عبد الجليل برتو في محلة الوزيرية ببغداد. وحضر المؤتمر 103 مندوبا منهم الشيخ عبدالكريم الماشطة، وكان قد اختير عضواً في مجلس السلم العالمي، والشاعر عبدالله كوران و خدوري خدوري ونائل سمحيري وتوفيق منير وجلال الأوقاتي وطلعت الشيباني وعبدالله إسماعيل البستاني وشيخ لطيف شيخ محمود الحفيد وحسن كاظم النهر ومظهر العزاوي وعوّاد علي النجم وفيصل السامر وإبراهيم أحمد و إسماعيل حقي شاويس و الشيخ محمد رضا الشبيبي وعبدالغني مطر وداود حبيب ونزيهة الدليمي وصفاء الحافظ وصلاح خالص وعلي ياسين وكمال عمر نظمي وعطشان ضيول الازيرجاوي وخلوق أمين زكي ورضا جليل ومهدي محبوبه وإنعام العبايجي و نظيمه عبدالباقي (أم غصّوب) وعبدالرزاق زبير وقاسم أحمد العباس وعبدالقادر العيّاش ومحمود الجنابي وأحمد جعفر الجلبي وفاروق برتو. وكان عدد الحاضرات من النساء عشرين مندوبة.
في اليوم الأول ألقى الشيخ عبدالكريم الماشطة كلمة افتتاح المؤتمر مرحباً بالمشاركين. وقدم أعضاء من اللجنة التحضيرية تقارير عن الوضع السياسي في العراق والوطن العربي والعالم. كما قدم عطشان الازيرجاوي تقريراً عن الأمور التنظيمية للحركة. وبعد ذلك ألقى عبدالله كوران كلمة باسم أنصار السلم في كردستان و ألقيت كلمة أنصار السلم في بغداد وكلمات من بعض المندوبين من خارج بغداد، كما تليت رسائل التحيات من جهات عديدة. ثم تكلم عدد من الحاضرين معلقين على التقارير ومتحدثين عن طبيعة حركة السلم ونشاطها ومقترحين خطوات العمل في المستقبل. وجرى الاتفاق في نهاية عمل اليوم الأول على أن يتوزع المؤتمرون في مجموعتين تجتمعان صباح اليوم الثاني لاعداد المقررات، الأولى في دار كمال عمر نظمي والثانية في دار الرفيق فاروق برتو. ثم تقوم اللجنة التحضيرية بإعداد مسودة بيان باسم المؤتمر الأول لحركة أنصار السلم في العراق يعرض على المؤتمرين للمناقشة في المساء. وفي مساء اليوم الثاني جرت مناقشة البيان المقترح وأدخلت عليه بعض التعديلات والإضافات، ثم تمت الموافقة عليه برفع الأيدي في جو من التفاهم والحماس. وقد وقع على البيان حوالي أربعين شخصاً من الحاضرين، إذ ارتأت اللجنة الوطنية إعفاء الموظفين من التوقيع على البيان تفادياً لاحتمال فصلهم من أعمالهم. وجدد الجميع العهد على مواصلة العمل متعاونين على تحقيق أهداف الحركة وتحدي مضايقات وتنكيل السلطة. وتم نشر البيان كاملا مع أسماء الموقعين عليه في اليوم التالي على كامل الصفحة الثانية من جريدة الأهالي وفي صحف أخرى. فأثار نشره موجة من الترحيب والإعجاب بين المواطنين والكثير من الانزعاج والغضب في أوساط السلطة وأنصار حلف بغداد. ولا شك أن انعقاد المؤتمر والبيان الذي وجهه إلى الشعب العراقي في تلك الظروف الصعبة التي كانت تواجهها الحركة الوطنية في العراق وحركة التحرر العربية في المنطقة كان من معالم التصميم على استمرار النضال ضد الاستعمار وأحلافه العسكرية العدوانية المناقضة لمصالح شعوب المنطقة في التحرر والسلم والتقدم. وقبل اختتام المؤتمر جرى تكريم الشيخ الماشطة وعبدالله كوران وعطشان الازيرجاوي بتقديم في اجتماع اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في مدينة الاسكندرية عام 1959
شارات حمامة السلام الذهبية - حمامة بيكاسو، لهم تقديرا لدورهم النشيط في الحركة. ثم ألقى الشيخ الماشطة كلمة اختتام المؤتمر داعيا إلى مواصلة العمل الجاد لنشر أفكار الحركة وتحقيق أهدافها.
ولكن للأسف، وفي فترة لاحقة ونتيجة لتصرفات عطشان ضيول تراجع نشاط حركة السلم وتقلصت الحركة حيث لم تحقق ذلك القدر من الانجازات. مما حدا بنا إلى تقديم شكوى ضد عطشان ضيول. وهنا أود الإشارة إلى أن الحزب كيان من هذا المجتمع الذي نعيشه. ولابد أن تترك حسنات المجتمع وسلبياته على هذا الكيان، رغم كل المساعي للحد من تأثير السلبيات عليه. وينطبق ذلك على عطشان ضيول أيضاً. ولهذا آثرنا تقديم شكوى ضده جراء تعثر عمله وعلاقاته مع المحيطين به. ورفع عزيز الشيخ وانا هذه الشكوى إلى القيادة. وكان عطشان هو المسؤول عنا، وزجرنا على تقديم الشكوى. ولذلك بادرنا إلى تقديم رسالة أخرى إلى قيادة الحزب، وطلبنا بقدوم مشرف من قبلهم.
وفي الاجتماع التالي، هاجمنا عطشان بعنف. فاتضح أنه قد قرأ الرسالة. فقلنا له ليس من حقك أن تقرأ رسالة موجهة الى قيادة الحزب، وقد استغربنا من ذلك. حضر الاجتماع الشهيد سلام عادل برفقة ناصر عبود للاشراف، ولم اكن اعرف ناصر عبود ولم التق به. كما حضر اللقاء عطشان ضيول وعزيز الشيخ، وطرحت المشاكل المتعلقة به بكل تفاصيلها. وبعد ذلك مباشرة انفرد الرفيق سلام عادل بناصر عبود في غرفة، وخرجا بقرار اللجنة المركزية القاضي بإعفائه من قيادة اللجنة وسحب ترشيحه للجنة المركزية أولاً، وثانياً أن يكف عن ممارسة العمل السري والظهور للعلن وتكون صلته الفردية بثابت حبيب العاني. كان القرار مفاجئاً لنا. وفي اليوم التالي خرج إلى العلن، علماً أنه لم تكن هناك أية تهمة موجهة ضده من قبل المحاكم أو أمر بالملاحقة. حاولت مراراً الاتصال به ورفض بشدة وقال: (روح ما إلي شغل بيكم). أجبته (يا معود قول غيرها..... تاريخك النضالي أعرفه)...لأنه كان معي في الاعدادية العسكرية وكان في قيادة التنظيم. سعيت لثنيه ولكنني عجزت، وكان جوابه..... ما إلي علاقة مع الشيوعيين، آني مو شيوعي.... وشوكت ما أصير شيوعي... أجي. كان هذا في عام 1956. بعد ذلك فتح ضيول مكتباً لبيع الاراضي مع جبار حمزة الذي أصبح فيما بعد موظفاً في جهاز استخبارات عبد الكريم قاسم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
*من كتاب"صفحات من السيرة الذاتية" للفقيد ثابت حبيب العاني
1134 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع