عدنان حسين
ليس باعثاً على السخرية أو على الحزن والأسى والأسف فحسب.. انه مثير للوجع والحنق والغضب حيال الطبقة السياسية المتنفذة في العراق لانشغالها على مدار الأيام الماضية التي حقق فيها "داعش" الإرهابي اختراقات جديدة على الأرض، بتقصي حيلة لعدم احتساب أيام عطلة العيد ضمن المهلة الدستورية الممنوحة لرئيس الجمهورية لتكليف رئيس الوزراء الجديد.
الحيلة جاهزة عند الحاجة، والحجة متوفرة برسم الطلب بفضل المحكمة الاتحادية المستعدة لفعل أي شيء كرمى لعيون رئيس الحكومة المنتهية ولايتها وصلاحيتها، فكان أن جاء القرار بالتجاوز على الحكم الدستوري الخاص بمهلة التكليف، بمطّها ثلاثة أيام من يوم أمس الأول الخميس الى بعد غد الاثنين .. كيف؟ عدم احتساب ثلاثة أيام عيد الفطر ضمن المهلة الدستورية!!.. بالطبع ما من منطق في هذا التمديد لأن العطلة الرسمية التي منحتها الحكومة للموظفين هذا العام امتدت خمسة أيام وليست ثلاثة من الأحد الى الخميس، ففي بيان رسمي أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء 22 تموز الماضي أن مدة عطلة عيد الفطر لهذا العام تمتد خمسة أيام تبدأ يوم الأحد الموافق 27 تموز وتنتهي يوم الخميس الموافق 31 تموز !!.. فلماذا جرى اقتطاع يومين؟ .. هل يمكن للمحكمة الاتحادية ان تقدم لنا تفسيراً لإهمال اليومين؟ .. سؤال مطروح للتسلية فقط على غرار تسلية مطّ المهلة الدستورية ثلاثة أيام! .. وللتسلية أيضاً: لماذا لم تُحتسب العطلات التي سبقت يوم انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب ليمدد موعدها الى ما بعد 30 حزيران؟!!
مهلة التكليف الحكومي انتهت في الواقع يوم الخميس (أمس الاول)، وأي ترتيبات بعد ذلك اليوم ستكون غير دستورية، لكن الطبقة السياسية سعت مرة أخرى للتحايل حتى لا يبدو أنها قد تجاوزت حكم الدستور. أيّ دستور؟ انه الدستور الدائم المُستفتى عليه في نهاية العام 2005 والذي انتهكت مبادؤه وأحكامه منذ ذلك الوقت حتى الآن مئات المرات، فالنظام السياسي القائم برمته هو في حدّ ذاته انتهاك صارخ للدستور الذي لم يُلزم بتوزيع المناصب السيادية في الدولة على الأسس الطائفية والقومية، فيكون رئيس مجلس النواب سنياً ونائباه أحدهما شيعي والثاني كردي، ويكون رئيس الجمهورية كردياً ويكون له نائبان الأول شيعي والآخر سُني، ويكون رئيس مجلس الوزراء شيعياً وله ثلاثة نواب شيعي وسُني وكردي.
الطبقة السياسية عمدت الى هذه الحيلة، مستخفة بعقول الناس ووعيهم، ترضية للسيد نوري المالكي المصرّ على تولي رئاسة الحكومة الجديدة برغم فشله الذريع في إدارة الحكومتين السابقتين، والأخطاء الشنيعة التي ارتكبها على مدى ثماني سنوات وانتهت بالبلاد الى الجحيم الذي يهدد المالكي الآن بعدم ترك أي باب له مغلقة، ما لم يقبل الجميع صاغرين ولاية ثالثة له لابد أنها ستقود الى رابعة وخامسة.
ليس يوم الاثنين ببعيد. والسؤال: إذا ما بقي السيد المالكي معانداً و"ما ينطيها" ما الذي ستفعله هذه الطبقة السياسية؟.. لا حيلة جيدة.. خيارها أن تذعن له ولتهديده بفتح أبواب الجحيم، أو أن تواجهه في خطوة متأخرة إذا ما حدثت فعلاً قد لا تنجح في منع الانقلاب.
1123 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع