عايدة رزق
إذا كنت قد تجاوزت مرحلة الشباب.. وسجلك الرياضى خال ـ مثلى من أية ممارسات رياضية.. فليس أمامك سوى رياضة المشي.. ولا تسألنى أين؟.. فهذا
السؤال حين وجهته لطبيبى رمقنى بنظرة استياء محذرا من عواقب اهمال الرياضة.. ورافضا كلامى عن صعوبة الوصول إلى النادي.. وخوفى من مخاطر السير فى الشارع.. لاحتمال التعرض لهجوم كلب ضال.. أو السقوط فى بلاعة تركت بدون غطاء.. أو الانزلاق داخل حفرة لم تهتم الجهة التى حفرتها بردمها ووضع اشارة تحذير بجوارها.ولا أدرى كيف حاصرتنى فى الفترة الأخيرة كلمة رياضة التى باتت تتردد كثيرا ليس فقط فى عيادة طبيبى الجراح.. بل أيضا فى عيادات معظم الأطباء فى مختلف فروع الطب.. كذلك باتت تتردد بين أساتذة علم الاجتماع والنفس الذين اكتشفوا من خلال أبحاثهم أن اهمال الرياضة يعد أحد أسباب زيادة معدلات الجريمة وأعمال العنف.. كما يعد من العوامل التى تساعد على الإصابة بالأمراض النفسية.. حيث أشارت دراسة أجريت فى أمريكا إلى أن أغلب المترددين على عيادات اطباء علم النفس لا صلة لهم بالنشاط الرياضي.
أيضا.. باتت كلمة رياضة تتردد كثيرا بين المتخصصين فى علوم التربية الذين أدركوا أهميتها فى مواجهة جنوح الشباب والمراهقين بعد أن أكدت بحوث أجريت فى إدارة التعليم فى نيوجيرسى بأمريكا أن الطلاب الذين يتعاطون الممنوعات ويمارسون الغش فى الامتحانات ويقعون فى متاعب مع رجال الشرطة.. لا يمارسون الرياضة.
كما أدرك أهميتها عمدة مدينة نيو أورليانز الأمريكية الذى نجح فى خفض نسبة الجرائم والممارسات العدوانية التى يرتكبها المراهقون فى مدينته وذلك بعد أن أنشأ فيها ستة وخمسين ملعبا ومركزا للشباب.
كذلك دخلت كلمة رياضة فى قاموس كلمات السياسيين.. حيث وصفها أسبيرو أجنيو النائب السابق لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية بأنها نوع من الصمغ يربط أفراد المجتمع بعضهم ببعض.. واعتبرها دوجلاس ماك أرثر القائد العسكرى الأمريكى إحدى الطرق التى تعلم الشباب كيف يحتفظون بكبريائهم عند الهزيمة.. وأيضا كيف يبقون على تواضعهم فى أوقات النصر.. أما عالم الاجتماع هارى أدوار فقد نصح رجال السياسة الذين يتطلعون إلى اكتساب شعبية واسعة أن يجدوا لهم سبيلا ما عبر أحد الأنشطة الرياضية.
إذن لم تعد الرياضة مجرد وسيلة لشغل أوقات الفراغ.. أو شكل من أشكال التسلية والترويح.. بعد أن فطن المتخصصون فى التربية والتعليم فى الدول الغربية إلى أهمية الرياضة التى وصفوها ـ كما ذكر دكتور أمين أنور الخولى فى كتابة القيم «الرياضة والمجتمع» ـ بأنها منهج التعليم الخفى الذى يتعلم من خلاله التلميذ ما لا يستطيع أن يتعلمه من خلال منهج التعليم الرسمي.. فلا يمكن أن يفهم التلميذ معنى التعاون والانتماء والتسامح.. والتنافس الشريف.. والعمل ضمن فريق.. والحياة وسط الزحام.. وتقبل الآخرين.. إلا من خلال ممارسة نشاط رياضي.
بعد كل ذلك هل تنبه المسئولون عن التعليم والشباب فى مصر ـ وهم يحاولون إصلاح ما أفسده الدهر ـ إلى أهمية عودة النشاط الرياضى إلى مدارسنا لإنقاذ ابنائنا من الفراغ والضياع.. وإلى ضرورة إنشاء ملاعب وساحات شعبية فى كل المحافظات.. فداخل هذه الأماكن يفرغ الشباب طاقات العدوان ومشاعر الاحباط التى تنتابهم أحيانا فى تلك السنوات الحرجة من حياتهم.. كما يكتسبون خبرات بالغة الأهمية تفيدهم بعد ذلك فى الحياة العملية والاجتماعية.
المشكلة الآن.. أن طبيبى مصمم أن الكسل ولا شيء غيره هو الذى يمنعنى من تعاطى وصفة سحرية اسمها الرياضة لن تكلفنى شيئا للتمتع بحياة أفضل ومصمم أيضا أن المستقبل سيغلق أبوابه فى وجه كل الممتنعين عن ممارسة أى نوع من أنواع الرياضة.. فهل يعنى ذلك أن فشلى فى ممارسة رياضة المشى سيكون السبب فى إغلاق أبواب المستقبل فى وجهي.. ولن يشفع لى أننى امتلكت روحا رياضية تقبلت بها هزائمى فى ملعب الحياة!!
1161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع