احمد فخري
رد على مقالة السيد عزيز الحاج التي نشرت بتاريخ 18/07/2014
اطلعت على مقال السيد عزيز الحاج (القيادي السابق للحزب الشيوعي العراقي) المنشور لدى الگاردينيا وانا في غاية الاستغراب والتعجب لما جاء فيها من مغالطات وتحايل على الاحداث التأريخية من حيث الكم والمضمون. وانا اوجه كلامي الى السيد عزيز الحاج مباشرة.
لقد ذكرت في مقالك عن " ثورة الجيش والشعب العراقية في 14 تموز 1958" من قال لك سيدي ان هذه الثورة كانت ثورة الجيش والشعب؟ ان الجيش فعلاً قام بالتحضير لهذه الثورة من قبل الضباط الاحرار الذين قاموا بتنفيذ عملية الالتفاف على القصر الملكي بعد ان كانت القوات متجهة بقيادة المرحوم عبد السلام عارف الى الاردن. الا ان الشرذمة التي جالت في شوارع بغداد وقطّعَت اوصال العائلة المالكة وسحلتها بكل وحشية بشوارع بغداد، لم تكن تمثل الشعب العراقي لا من قريب ولا من بعيد. اتقوا الله في شعبكم، لكنكم ومع الاسف لا تعترفون بوجود الله.
لقد امتدحت في مقالك الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم ووضعته في منزلة الكمال. وانا لاحظت بالاونة الاخيرة ان الكثير من الكتاب الجدد امتهنوا المديح والتمجيد للرئيس الراحل عبد الكريم قاسم، كما كانوا يفعلون بحياته ويهللون ويصفقون له وينادون (لا زعيم الا كريم) كما هللوا وصفقوا قبله للملك الراحل فيصل الثاني وهللوا وصفقوا قبله للملك الراحل فيصل الاول وهللوا وصفقوا لعبد السلام عارف ثم هللوا وصفقوا لعبد الرحمان عارف ثم هللوا وصفقوا لاحمد حسن البكر ثم هللوا وصفقوا لصدام حسين.
ان هذا الرئيس (عبد الكريم قاسم) دفع العراق الى حافة الهاوية.
دعنا نضع المور في نصابها الصحيح.
بادئ ذي بدئ/ اراد الزعيم ان يتقرب من الشيوعيين فماذا عمل؟ الغى وزارتان من وزارات الدولة وانشأ بدل منهما ستة وزارات ووضع على رأسها وزراء جدد، كان اربعة من هؤلاء الستة شيوعيون وكانت الوزيرة الراحلة نزيهة الدليمي واحدة من هؤلاء الوزراء الاربعة وهي شيوعية طبعاً. ثم بعد احداث الانقلاب الفاشل للشواف، اراد ان يستغل ولاء الحزب الشيوعي فقام بارسال قطارات مليئة بالشيوعيون المدججون بالسلاح والعتاد الى مدينتي كركوك والموصل بحجة (مسيرة السلام). فعاثوا بالارض فساداً واعدموا الابرياء في الشوارع وعلى ناصيات الطرق وشنقوا البشر على مواقف الحافلات. قُدّرت حصيلة القتلى بين المدينتين (كركوك والموصل) بما يقارب 10000 قتيل و40000 جريح خلال يومين فقط. وللعلم فان بالموصل هناك عشائر محيت عن بكرة ابيها. وسالت دماء الابرياء بمباركة من عبد كريم قاسم وبتنفيذ اخوانك الشيوعيون الابطال. بعد ذلك بفترة وجيزة اسس قاسم (المقاومة الشعبية). وهي مليشات مسلحة اعضائها من الحزب الشيوعي تجوب شوارع بغداد وتنتقم من معارضي قاسم ومعارضي الحزب الشيوعي بطرق بشعة تقشعر لها الابدان.
ولم تمر سوى بضع شهور حتى انقلب قاسم على الشيوعيون وصار يقلص من سلطاتهم ويقص اجنحتهم. بحجة الاعتدال والتوازن. ثم قام بتغيير ديمغرافية بغداد بانشاء مدينة الثورة شرق بغداد وذلك باستيراد ما يقارب المليون شخص من كناطق جنوب العراق واسكنهم بيوت جاهزة ومكنهم من المعيشة وسط العوائل البغدادية العريقة الراقية كي يضمن ولائهم ومساندتهم له. ثم صار ينتقم من معارضيه الواحد تلو الآخر بشكل منهجي. والجميع يذكر (مهزلة المهداوي) والاعدامات التي تلتها والكلام البذيء الذي كان يصدر من رئيس المحكمة عباس فاضل المهداوي على المتهمين على الهواء مباشرةً، ويوازيه من ما لذ وطاب من الكلام الجارح المخدش للحياء للمدعي العام ماجد محمد امين. كانت تلك المحاكمات تقع تحت مسمع ومرئ الزعيم وبمباركة منه. واعدامات ام الطبول ضلت تصرخ بوجه التاريخ عن وحشية وقساوة ذلك الجلاد الاوحد.
ثم قام بعد ذلك بالانتقام من جميع زملائه (الضباط الاحرار) ممن نفذوا معه ثورة 14 تموز. فاحال اغلبهم على التقاعد ونفى رفيق دربه عبد السلام عارف الى النمسا ثم اودعه الاقامة الجبرية حين عاد، وسجن البعض منهم وحكم على البعض بالاعدام.
فلماذا تمجدونه انتم الشيوعيون؟
دعني اخبرك سيدي. إن ولائكم وعدائكم الى الساسة يتأرجح ذات اليمين وذات الشمال. لقد ذكرت في مقالتك عن ثورة 1963 للبعثيين وحسب تسميتك لها بانها (الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963)
حسناً سيدي لوفرضنا جدلاً ان هذا الانقلاب فاشي وان البعثيين فاشيون. فلماذا وضعت يدك بيدهم عام 1973 وانشأتم الجبهة الوطنية والقومية؟ هل تغيروا من فاشيين الى تقدميين ووطنيين خلال 10 سنوات؟ واذا كانوا كذلك فهل تعتقد انهم استمروا بوطنيتهم حتى سقوط صدام عام 2003؟
التاريخ يذكر التحالفات التي عملها ستالين مع الحزب النازي بقيادة ادولف هتلر قبل سبعون سنة؟ هل كنتم تفكرون مثل ما فكر ستالين؟ ام ان افكاركم كانت ركيكة لابعد الحدود؟
من كان يقرأ ادبيات الحزب الشيوعي في الخمسينات والستينات والسبعينات كان يلاحظ ان بين كل سطر وسطر كان لزاماً عليكم ذكر مفردات صارت كالاسطوانة المشروخة باذاننا نحن العراقيين، مفردات مثل: الاتحاد السوفياتي، دكتاتورية الطبقة العاملة، البلوريتاريا، ثورة اكتوبر المجيدة، التروتسكية، نظرية الكفاح المسلح، اللينينية الماركسية، الماوية، الطبقة الكادحة وفهد ووو
كنتم دائماً تؤرقون مسامعنا برمزكم العظيم الاتحاد السوفياتي. فاين هو الاتحاد السوفياتي اللآن؟ الم تعملوا خارطة طريق للتطور البشري فالبشرية بمفهومكم بدأت بالعبودية ثم الاقطاعية ثم الرأسمالية ثم الاشتراكية. اليست هذه ادبياتكم؟ فاين وصلت هذه السلسلة من التطور الآن يا ترى؟ هل الاشتراكية هي التي ستاتي على قائمة الطعام؟
لقد ذكرت الاكراد في مقالتك بكل حب واحترام وتقدير. وانا لا انظر الى هذا الحب سوى تملق وتقرب زائف من طرفكم. فالاكراد لم يحبوا الشيوعيين يوماً لسواد عيونهم. بل لانكم قمتم بالقتال معهم جنباً الى جنب ضد الجيش العراقي اعتقاداً منكم بانكم ستسقطون النظام ببضع بنادق كلاشنكوف. ثم ماذا عملوا بكم فيما بعد؟ الم يعرضوكم لمذبحة باشتاشيان دون ان يهتز لهم طرف؟ الم يتركوكم بالعراء عرضة للابادة؟
اعتقد ان من العيب سيدي ان نتحدث عن المثاليات التي كنتم تتمنطقون بها سابقاً وتعتقدون بانها ستنطوي علينا من جديد. فقاعدتكم اثبتت افلاسها حتى فيما يسمى بـ (العملية السياسية) التي جاء بها الامريكان. اذ انكم لم تحصدوا اي صوت من اصوات العراقيين في الانتخابات الاخيرة والتي سبقتها. فاين تريد الوصول بمقالتك هذه؟ هل تريدنا ان نغير احداث التاريخ ونجعل من الزعيم الاوحد بطلاً؟ ام نجعلكم اناس كافحوا وناظلوا من اجل الطبقة العاملة؟
ان اصدقائكم واعدائكم على حد سواء اجمعوا على انكم ناجحون بشيء واحد فقط الا وهو الغناء، بحيث كان يطلق عليكم آن ذاك (حزب الشَعّارة الاشتراكي). انسيت (مگبعة ورحت امشي يمة بالدرابين الفقيرة) و (يادجلة الخير يام البساتيني) و (نشيد الشبيبة العالمي) و (حلوة يا جبهتنا الوطنية) و (يالرايح للحزب خذني، وبنار المعركة ذبني)
سيدي/ ان كنت تقول بان كريم قاسم كان شريفاً ونزيهاً. فانا اشاطرك الرأي تماماً لان التاريخ يشهد لهذا الرجل عدم انجرافه نحو المنفعة الذاتية نحو المال او الرغبة في مغريات الحياة ولكن، هل هذه المزايا والمواصفات تكفي لان يصبح الرجل رئيساً للجمهورية، ويتحول من ضابط بالجيش الى سياسي؟
رجاءاً كفى رئائاً.
هذا وتقبل مني فائق احترامي لمسيرة نضالك.
1416 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع