أحمد صبري
نستذكر هذه الايام واحدة من فواجع العرب التي دفعت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى الاستقالة وتحمله المسؤولية الكاملة عن هزيمة حزيران عام 1967
فبقدر ما كانت الهزيمة مريرة ومخيبة للآمال فأن استقالة عبد الناصر كانت هي الاخرى مؤلمة وصادمة .
ومابين الهزيمة والاستقالة ايام عاشت الامة وجماهيرها اقسى اللحظات من وطأة ماجرى خلال حرب الايام الستة التي ادت الى سيطرة اسرائيل على سيناء والجولان والقدس والضفة الغربية .
فحاول الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ان يضع الجماهير في صورة ماحدث رافضا التخلي عن مسؤوليته ازاء ماجرى وتحمله كمل المسؤولية من غير ان يغلق الابواب امام تجاوز المحنة التي ألمت بمصر والامة العربية .
فأستقالة عبد الناصر في التاسع من حزيران 1967 كانت مناسبة للرد على نتائج العدوان الاسرائيلي وتداعياته من خلال رفض مصر ومعها الامة كلها للاستقالة والمطالبة بمواصلة المشوار رغم الجراح التي اصابت المشروع القومي العربي .
واذا استرجعنا الايام التي سبقت الخامس من حزيران فأننا نتوقف عند الزيارة التأريخية لعبد الناصر لقاعدة جوية مصرية قبل يومين من العدوان حيث توقع ناصر ان يحدث العدوان خلال ايام داعيا الى اليقظة والحذر من اي مفاجأة في الميدان .
إن استجابة عبد الناصر لدعوة القيادة الروسية التي اوصلها اليه السفير الروسي في القاهرة قبل ايام من حرب حزيران كان هدفه ان يعطي رسالة للعالم ان مصر لن تبدأ بالحرب معتقدا ان موسكو قد تفاهمت مع واشطن للتهدئة ونزع فتيل الحرب غير ان الوقائع كانت تتجه الى عكس ذلك.
وبعد مرور مايقارب من نصف قرن على استقالة عبد الناصر وتراجعه عنها استجابة لنداء الجماهير التي رأت في بقاء ناصر في قيادة مصر والامة ضرورة قومية التي اعتبرها مسؤولية اضافية حرص على توفير مستلزمات نجاحها غير ان الموت ادركه في لحظة تأريخية كانت مصر والامة بحاجة اليه والى دوره الريادي حيث ختم مشواره بوأد ازمة خطيرة بين الاردن والمقاومة الفلسطينية لتجنيب الامة مزيدا من الدماء .
وماانجزه عبد الناصر خلال السنوات التي اعقبت عدوان 67 ساهم في تحقيق النصر في حرب تشرين التي اعادت الى المقاتل العربي ثقتة بسلاحه وكشفت هشاشة وهزيمة جنود العدو الاسرائيلي .
فأستقالة عبد الناصر وما احدثته من هزة عميقة في الوجدان العربي وردة فعل الشارع العربي الذ رفضها وتمسك بقيادة عبد الناصر هي بمثابة الرد على العدوان واسبابه .
وتراجع عبد الناصر عن استقالته خففت من وطأة الصدمة والمرارة التي عاشتها مصر والامة العربية ولاسيما وان عبد الناصر تعهد بأزالة آثار العدوان والسعي لتأسيس جبهة عربية قوية قادر على تحرير الاراضي العربية المحتلة .
فحرب الاستنزاف التي خاضها عبد الناصر خلال السنوات التي اعقبت العدوان وبناء حائط الصواريخ واعادة تأهيل الجيش المصري وتطوير قدراته القتالية والعمل على تنسيق الجهود العربية لتشكيل نواة القيادة العسكرية العربية الموحدة في اطار الخطة العسكرية لتحرير الارض والتي اطلق عليها خطة/غرانيت/ كانت ايذانا ببدء مرحلة جديدة ومهدت الطريق لعبور القوات العربية القناة وتحطيم خط بارليف في حرب تشرين.
فمصر التي مرت بظروف عصيبة وخطيرة واجهت التحديات بصبر واباء ستبقى أمل الامة في وقف حالة التداعي والانكسار مثلما كان العراق قبل احتلاله صرحا ومشروعا للحالمين بغد افضل .
1428 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع