هادي جلو مرعي
تتخذ القرار بأن تكون معارضا أبديا لكل حاكم، وبكل منصب يمكن أن يرتقي فيه ويتسلط على رقاب العباد هو الحل الأنجح لفكرة الدوام في الحياة برتابتها وماتفرضه من شروط ملل مزعجة غير قابلة للتطبيق بإستثناء المماطلة والتسويف والهروب منها الى حلول مؤقتة لاتغني لكنها تؤجل العذاب،
فالمعارضة هي جزء من الحل في الحقيقة وليست الحل كله، وربما دفعت حياتك ثمنا لمعارضة غير مجدية مع نظام دكتاتوري لايغنيك سوى الفرار منه في الأرض دون أن تهتدي الى نهاية، أو قد تنجدك الصدفة وظروف وتقلبات الحياة والسياسة لتجد إن بمقدورك العودة ثانية الى وطن كنت تفتقد إليه وتعيش مجددا حاكما، أو معارضا هادئا سلبيا، أو أن تحصل على وظيفة وبعض التنفس الذي حرمت في بيئة فاسدة ملوثة بدخان التسلط والهمجية واللامبالاة بمعاناة الناس البسطاء منهم خاصة الذين لايجدون ناصرا سوى الله في محنتهم الطويلة.
ماأود الحديث عنه هو المعارضة في النظام الديمقراطي حتى الفوضوي منه، وغير الساكن الى الإستقرار كالنظام السياسي الحالي في العراق الذي تتقلب فيه المواجع ويتقلب الناس فيها وتتيه بهم ويتيهون بها، فلاتعرف له مستقرا، ولاتدري برغم تداول السلطة كيف ستمضي الأمور غدا، فلا أنت بمطمئن لموالاة النظام الحاكم، ولاأنت بمطمئن لمعارضته الحادة، وقد تدفع ثمنا لذلك، في مثل هذا النظام الإنتقالي الذي لاتعرف العمة (بنتها من كنتها) لايستقر أحد على حال، ويفضل بعض الصحفيين والكتاب والمعلقين السياسيين ممارسة دور العاهرة التي تتقلب من حضن لآخر لتحصل على مبلغ من المال بخس لايساوي قيمة الشرف الذي أهدرته.
أن تعارض دون إنبطاح لأدعياء المعارضة، وأن لاتهرج في وجه الحكومة، ودون أن تكون كالعاهرة التي تبيع جسدها لمن هب ودب، حاول أن تعارض بشرف، ولاتظهر العداء المبرم لمن تعارض سواء كان في الحكومة، أو طرفا في العملية السياسية خاصة وإن الحاكم والمحكوم والمعارض كلهم في السلطة سواء كما هو الحال في بلدنا حيث يكون الوزير وزيرا ويعارض بوقاحة عمل الحكومة ويخرب ماإستطاع إكراما لطائفة أو لقومية.
فوجئت بأصدقاء لي من كتاب وصحفيين ومقدمي برامج ومدراء مكاتب فضائية وصحف وإذاعات ووكالات ينبطحون بطريقة مريبة ومسيئة ومخزية فهم يتنقلون بين الأحزاب والرموز السياسية، ومنهم من كان مقربا من مكتب رئيس الحكومة ويروج لسياساته وقبض أموالا وتنعم لفترة وغادر بعدها ليضاجع معارضي المالكي ويشتم من بعض القنوات بوقاحة، عدا عن الذين يتبنون كل السياسات الحالية فتراه يحصل على منصب وتمويل مالي وحظوة عند هذا المسؤول الحكومي، أو ذاك. أراقب بعض الفضائيات وأسمع لهولاء يتحدثون بوقاحة تملقا لمن يدفع أكثر، ومنهم من يكتب المقالات في مدح هذا وذم ذاك بحسب المبلغ المدفوع، ومنهم من يكذب على اطراف حكومية في بغداد ويقول، أنا معكم، ثم يستميل أطرافا معارضة ويقول، أنا معكم إنما أنا مستهزئ بهولاء.
إنهم حمير المرحلة.
1173 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع