ليث رؤف حسن
البارحة كنت أقرأ عن نشوء اللغات والحضارات في العالم ورأيت أن أسطر بعض الملاحظات عن أوائل الأشياء التي حصلت في بلدنا العظيم – العراق.
بدأت الحياة في هذا البلد الذي تبدأ حدوده من جبال زاگروس, إلى غرب الفرات وسوريا بما يعرف الآن بالهلال الخصيب ويشمل كل الأراضي التي تقع في إيران من دجلة إلى جبال زاگروس. وبدأت هذه الحياة بتحول الإنسان من صياد هائم يقتات على صيده مترحلا خلف طرائده (تاركا نساءه وأولاده بعيدا في أماكن محمية) تحول هذا الإنسان إلى زراعي يعتمد في عيشه على ما يزرع ويربي من الدواجن من الطيور والأنعام (خراف وخيول وكلاب وقطط وحمير أجلكم الله) كل هذه بدأت في عصر الحجارة قبل حوالي 12000 سنة. وهكذا تغيرت فسيولوجية البشر من قتلة وآكلي لحوم إلى مربين للحيوانات ومزارعين يعتمدون على النباتات أساسا في الحياة مما زاد عدد سكان الأرض بصورة فجائية وسريعة. وفي حدود 7000 سنة قبل الميلاد بدأت عملية التغيير في أنماط الحياة بإستعمال الآلات والأدوات الحجرية من حجارة القص والقطع إلى أسلحة وأدوات أكثر تعقيداً تنفع في نوع الحياة الزراعية الجديدة من محاريث وأخشاب لبناء السقوف وطين معرض للشمس لبناء الحوائط ثم بدأت الفترة النحاسية (بحدود 5900 سنة إلى 3200 سنة قبل الميلاد) وتطورت معها حضارات المدن وأولها أور وأريدو وأوروك وكيش و نوزي و لگش و نگريسو وعيلام ومدينة سوسا. وبعد هذه الفترة بدأت الشعوب والقبائل بتكوين الحروف والكتابة ومعها بدأت أول حرب عالمية!!! تصدقون بين من ومن؟؟؟ حمير من عيلام (أصل الفرس والكُرد والشعوب الأوربية الهندية) ضد سومر (أصل كل الشعوب السامية) في 2300 قبل الميلاد. وإنتصر فيها السومريون على ولد عمهم العيلاميين.. وهكذا بدأت دوامة سفك وشرب الدماء بين أولاد العمومة هنا في بلدنا في العراق , عِرق البشرية والأعراق.. ويا أسفي ما إنفَكَّ نهر الدم يزيد ويزيد بساسان والإسكندر ذو القرنين وبعمر ومعاوية وعلي ويزيد وحسين وزيد وبني العباس وألاد أعمامنا من الصين المغول والأتراك وووو أخيراً جاءنا البعث وبَعَثَ الكُفر والقتل بيننا إلى مكانات وأسباب لا حدود لها وبمجاميع هائلة من الضحايا ثم أخيرا بعث داعش ليزيد فوق الشبع أهلنا من دماء أولادهم. ثم أكثر وأكثر وهل من مزيد؟؟ يعني صار لنا على هذه الأرض نتخاصم مع بعضنا البعض لمدة تزيد على 7000 سنة لم يشبع فيها العراقي من سفك دماء أبناءه وأبناء عمومته وجيرانه ويا أسفي. وكلها على مُلكٍ زائل وهكذا نبقى الإخوة الأعداء مع أهلنا الذين نتكلم وإياهم نفس اللغة ونتقاسم وإياهم نفس العرق والدم والأب والأم (من آدم وحواء ثم سام وحام ويافث). تصوروا في تلك الفترات وقبل الحروب كانت المرأة متساوية مع الرجل بالحقوق والواجبات وتعمل في صناعة الخمور ودكاكين المساج كطبيبات وتربية الأطفال كما لها الحق بتطليق زوجها وممارسة التجارة والتوقيع على الوثائق وغيرها ولكن الرجل في العصر البرونزي وعندما قويت شوكته وصار يُكوِّن الممالك الصغيرة سلبها هذه الوظائف والحقوق التي تدر دخولا عالية وترك لها الواجبات فقط وجعلها عَبدَةً له لتربي الماشية وتسقي الزرع وتحلب وتطبخ ولتكون جارية له بالمعبد والفراش في الوقت الذي كان يطور العجلة والعربة والأسلحة ليحارب بها إخوته المجاورين ويسد رغبته بتملك الأراضي والممالك والعبيد والجنود ومصادر القوة. وترك المرأة لوحدها تطور الألواح الطينية والكتابة وهو يملي عليها قوانينه لتسجلها على هذه الألواح. وهكذا سجل حمورابي أول لائحة للقوانين في العالم عندما حكم بابل ل 43 عام (وحميرنا في مجلس النواب لحد الآن يتعاركون على قانون وتصويت وإنتخاب رئيس وحكومة في الوقت الذي وصل فيه العالم لأرقى مكانة وحضارة) يعني حميرنا لا يقدرونعلى أن ينسخوا قانون من العالم المتحضر ويترجمونه!! هذا إذا لم يكن ليستطيعوا كتابة دستور واحد يلوق لأطماعهم. ثم جاءنا ناس من الذين خرجوا من عندنا بعد أن هاجروا للشمال وللشرق وجاءونا من بعيد ليستعبدونا مثل الإسكندر والفرس وآخرون من الجنوب مثل العرب وهاهم أبناء عمنا, أبناء إبراهيم ويعقوب يحلمون بأرضنا وناسنا وعراقنا, الذي يجب أن يضعه العالم وليس العراقيون فقط, فوق الرؤوس تاجا لكل البشرية ونتعلم من تراثه ما يجب أن نكون وكيف نكون وماذا نكون ولنعيش بسلام أبدي مع كل شعوب العالم أولاد عمومتنا. لا أن نتصارع لأسباب واهية ندَّعيها وأسباب مادية نضمرها تارة بإسم الآلهة وأخرى بإسم الإسلام أو المسيحية أو اليهودية الإسرائيلية بينما إبراهيم ويعقوب و عيسى المسيح ومحمد براء منهم جميعا. تصوروا هؤلاء العراقيون قسَّموا الزمن إلى ساعات ودقائق وثواني قبل 4500 سنة وصاروا يحسبون السنين و والأيام ويومهم ووقتهم صار بالساعات والدقائق وحتى الثواني قسَّموها وصار لديهم قيمة للوقت ولدينا الآن للأسف لا قيمة لوقتنا فالعامل في عراق اليوم لا يعمل لمدة تزيد على 200 يوم في السنة إن كان يعمل أصلاً ولا يعيش علَّاساً أو ملَّاساً أو قتَّالا أو أو (البطالة واصلة للسماء أكثر من 50%)... في الوقت الذي يعمل إبن عمنا الأوربي أكثر من 310 يوم في السنة وإبن عمنا الفارسي والكردي والعربي 300 يوم في السنة . وللأسف فعراقيونا حتى الأيام ال 200 التي يعملوها تكون ناقصة ساعة أو دقيقة أو آلاف الثواني,ضائعة باللطم والزحف والمجاهدة بقل الإخوان ووو الكثير من مضيعة الوقت والنفوس. وهكذا يا أحبتي فنحن أبناء هذا البلد العظيم خلقنا الحضارات الإنسانية وخلقنا الآلهه وخلقنا الرحمة والقتل فلما عرفنا خالقنا صرنا بإسمه نقتل كل شئ حيا على هذه الأرض. فمتى نستطيع أن نرحم أنفسنا وأهلنا وعراقنا ونسير نحو البناء وننبذ الأطماع والغيرة والحسد.. يمكن ما راح نشوفها نحن جيل الأربعينات ونتركها لكم جيل الخمسينات يمكن تشوفوها أو جيل الستينات تتقاعدون فيها. ربِّ أدعوك أن تهدي البشر في عراقنا إلى سواء السبيل وتهدئ نفوسهم لقبول الآخرين كجيران وأولاد عم وأحبة وتجعلهم يتعايشون مع بعض إلى الأبد لنكون منارا لشعوب العالم وليس مقبرة لشعوبنا.
1039 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع